تساؤلات مشروعة بخصوص تقرير الطب الشرعي لوفاة زيني-الخليفة

ثلاثاء, 21/06/2016 - 01:32

بعيدا عن العواطف و المواقف أيا كانت طبيعتها معلنة او متكتما عليها، فإن مسار العدالة لزيني الذي وفقه الله بأن سمح للقضية أن تخطوا خطوة إلى الأمام من خلال اعادة التحقيق يجعلنا نعيد قراءة أحداث و مواقف مرت دون أن نعيرها من الانتباه ماتستحق و من المعالجة الموضوعية ما هي أهل له، دون أن نغفل مضامين قصد لها بدهاء شديد أن تكون اعتباطية و الحال أنها قد لا تكون كذلك.

سأتوقف عند ثلاث نقاط استرعت انتباهي اثناء متابعتي اليومية للتدفق الالكتروني الهائل للتفاعلات مع وسم #العدالة_لزيني:

- ورود عبارتي "على غير عادتي" و "لأسباب خارجة عن إرادتي" في تقرير الطب الجنائي الذي اعتمدته النيابة لحفظ القضية؛

- إعادة التحقيق في قضية ولد الداهي المشابهة التي أصدر فيها نفس الطبيب تقريرا مماثلا و خلُص الى ان الامر يتعلق بانتحار، و قد ضبط بعد اعادة التحقيق متهم أودع السجن في انتظار ان تقول العدالة كلمتها؛

- سجن أحدهم دون الحكم عليه لمدة سبعة أشهر لسبب وحيد هو أن شخصا ما كان نزيلا ببيته و في ضيافته قتل و أُلبس المضيف التهمة دون دليل حتى انه لم يكن حاضرا وقت الجريمة في الوقت الذي يطلق فيه سراح متهمة بالقتل كانت حاضرة وقت الحادثة

عندما يقوم طبيب محلف وُكلت اليه مهمة من أنبل المهام البشرية بإعداد تقرير لصالح العدالة المستقلة استقلالا تاما في دولة قانون، فإن الكل سينتظر النتائج التي ستكون الى ابعد المقاييس دقيقة و صادقة و سيطوى الملف بشكل نهائي.

أما في قضيتنا فإن الطبيب قد صرح أنه قام بإعداد تقريره بكل مهنية و صحوة ضمير و هو ما يعني أن النتائج ستكون مثالية أو قريبة من المثالية، لكن ورود العبارتين أعلاه دون تعليلهما و هما "لقد قمت بزيارة مسرح الواقعة بعد معاينتي للجثة و ذلك عكس المألوف و ذلك لأسباب خارجة عن إرادتي" التقرير ص4 يجعلنا نطرح عشرات التساؤلات عن طبيعة الظروف و مصدرها و السر في استعجال صدور التقرير .... الخ.

و السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه بإلحاح مالذي غير المسطرة المعتمدة لإعداد مثل هذا التقرير؟ فمن المؤكد ان المرحوم زيني توفي بالماضي و ليس بمقدور اي كان ان يتدخل لتعجيل صدور التقرير ان كانت ثمة إستقلالية و مهنية و تجرد و صحوة ضمير، فما الذي أرغم الطبيب المستقل و المحلف أن يخضع لقهر أو لتأثير أسباب خارجة عن ارادته دون ان يلمح الى طبيعتها و يتكتم و كأن الامر مجرد حوادث اعتباطية كزحمة المرور او تواجد الطبيب بالصدفة بالقرب من مكان الجريمة ... على سبيل المثال لا الحصر.

عندما نتقبل هذا الامر و نستسيغه او بالاحرى نجبر أنفسنا على استساغته و ننجح في ذلك سوف تقض مضجعنا الصحافة بإشهارها لحالة مماثلة أصدر فيها نفس الطبيب الشرعي تقريرا خلص فيه الى انه انتحار و أعيد التحقيق في القضية من جديد و تم ضبط متهم سيق الى المحكمة و لا يزال محتجزا في انتظار ان تقول العدالة كلمتها الفصل: انها قضية ولد الداهي.

من شأن هذا الامر ان يجعل ام مكلومة في وحيدها و قد قطعت شوطا في طريق لملمة جراحها، تطلب مطلبا مماثلا على الاقل من باب المعاملة بالمثل و تطبيقا لشعار الجمهورية شرف- إخاء - عدالة. كما ان من شانه ان يجعلنا نعيد قراءة التقرير من جديد و نرفع الحجب عما سكتنا عنه مقدما و هنا نطرح السؤال: من تدخل لتغيير ترتيب الخطوات الاعتيادية لإعداد التقرير؟ هل يتعلق الامر بعوامل طبيعية ام بعوامل غير طبيعية (تدخل بشري)؟

و لو فرضنا أن هذه الاسرة شغلت عن متابعة الاعلام و مستجداته التي لا يخلو اي بيت منها، فكيف سنفسر قيام العدالة بضبط متهم في قضية مقتل أحد الشباب و حبس صاحب المنزل حتى الساعة في انتظار حكم المحكمة علما بانه لم يكن حاضرا وقت الحادثة، و عند مقارنة هذا الإجراء بالإجراء الذي اتخذته النيابة في قضية زيني تم اخلاء سبيل السيدة التي توفي في منزلها المرحوم زيني ولد الخليفة اضافة الى ابنتها التي كانت في عين المكان لحظة وقوع الحادثة، أي تباين هذا! و ما هو التفسير الذي يمكن ان يقدم لهذه الحالة.

من شان هذا الإجراء أيضا أن يجعل أسرة المرحوم زيني تعيد المطالبة بالتحرك و بقوة للقيام بأمر ما وفق ما تمليه العدالة و دولة القانون: و أقله مراجعة التقرير و إعادة التحقيق عَل خيطا ما يظهر في القضية و يقود الى تحقيق العدالة.

ختاما لهذه المسودة يمكن أن نقول إن التقرير أعد على عجل و بطريقة مرتبكة جعلت تناقضات  و ملاحظات كثيرة ترد عليه و سأكتفي منها بواحدة هي: لماذا لم يتم القيام بالخطوة 3 من التقرير: أخذ عينة من دم المعني و من ماء عينيه الا في اليوم الموالي مع علم الطبيب ان الدم سيتيبس عندما يتجاوز فترة معينة: الم تكن الاَلات متوفرة ؟ أليس مركز التبرع بالدم قريبا و غرفة العمليات و الصيدليات و الممرضون اقرب؟ هل هي صدفة و لماذا لم يتم سحب تلك العينات الا في اليوم الموالي و بطلب من وكيل الجمهورية، مع تعليل عدم التمكن من سحب الدم بتيبسه الناجم عن الوفاة؟.

هل يحتاج القيام بخطوة سحب عينة من الدم و ماء العين طلبا خاصا من وكيل الجمهورية مع العلم انه ضمن المراحل الاعتيادية لإعداد التقرير الجنائي (المرحلة ٣)؟

خاصة و ان الطبيب ذو خبرة بالموضوع و الا لما اختير للعب هذا الدور... و الملاحظات كثيرة.

في المحصلة لا نشك في عدالتنا و ليس لنا الحق اطلاقا في وصفها او اتهامها بما لا يليق، لكننا غير معذورين في جهل القانون و سنتصرف و بقوة وفقا له إلى أن تأخذ مجراها العدالة لزيني ولد الخليفة و لن نتراجع أو نتراخى أو نتهاون في سبيل ذلك المطلب بعون الله و قدرته، فقد قيل قديما ماضاع حق و وراءه مطالب.

الشيخ محمد المامي اسلام

[email protected]