"نوافذ" تكشف بالوثائق والمعطيات قصة أستاذ التعليم العالي الذي اتهم ضابطا في الجيش بالاعتداء عليه

جمعة, 12/11/2021 - 10:31
أحد محاضر الهيئة التربوية بالمعهد العالي المتعلق بقضية الأستاذ

اتهم الأستاذ بالمعهد العالي لعلوم البحار محمد حاميدو با ضابطا في الجيش ومعاونه بالاعتداء عليه أثناء مزاولة عمله .

وقال الأستاذ با في مقطع فيديو بعث به لموقع نوافذ إنه تعرض للاعتداء داخل مدرج بالأكاديمية، مشيرا إلى أنه قدم شكوى إلى وكيل الجمهورية في ولاية داخلت نواذيبو.

ولكشف تفاصيل قصة الأستاذ با ومعرفة ما خفي منها ، بذل موقع "نوافذ" جهودا استقصائية للوقوف على الوجه الآخر للقصة ، وفي مسعاه لمعرفة الحقيقة اتصل بجهات متعددة ذات صلة بالأستاذ با ، كما اتصل بالجهات الإدارية التي يتبع لها ، وبالوزارة الوصية لمعرفة رأيها في الرواية التي قدمها الأستاذ با .

المعلومات التي حصل عليها موقع "نوافذ" تؤكد أن الأستاذ با دخل في صراعات متعددة الأطراف منذ استلامه عمله بالمعهد العالي لعلوم البحار في فبراير من سنة 2019م ، وأنه علاقته بهذه المؤسسة طبعها التجاذب والاضطراب منذ ذلك الحين ، بل وتحول فيها الأستاذ إلى مناضل أكثر من حامل علم ينشد تبليغه ، كما كان يقضي أغلب وقته في نواكشوط على بعد مآت الكلمترات من مقر عمله ــ بحسب مصادرنا ــ

وتضيف المصادر نفسها أن هذا الصراع استقطب الأستاذ في بدايته بعض زملائه ، كما استعطف عددا من تلاميذه إلا أن الجميع انفض من حوله بعد تحقق جزء كبير من المطالب الملحة بالمؤسسة ، خاصة بعد تسلم الوزيرة الحالية آمال بنت الشيخ عبد الله مقاليد الوزارة ، وابتعاثها بعثات للمؤسسة استطاعت من خلالها إيقاف الإضراب الطلابي، وتدشين مرحلة جديدة أسست فيها لبنية تربوية ، والتزمت بتنفيذ المستعجل من المطالب ، والعمل على برمجة البقية .

مدير المعهد العالي لعلوم البحار محفوظ الطالب سيدي قال في تصريح لنوافذ إن الأستاذ با وفد إلى المعهد سنة 2019 م أستاذا لمادة الإنكليزية وكان من المفترض أن يقضي فيه سنتين من التربص قبل الترسيم ، غير أنهم لاحظوا في أول شهر له بالمعهد أن سلوكه لا يتماشى مع سلوك الأستاذ ، حيث بدأ المشاكل مبكرا مع أستاذ البرنامج الأسبوعي ، ومثل اشتراطه عدم التدريس يومي الخميس والجمعة أول ثقاب أوقد في علاقته بمؤسسته، حيث كان حريصا على أن يقضي نصف الأسبوع في نواكشوط بدلا من مقر عمله "نواذيبو" .

وكان مفاجئا احتجازه لنتائج التلاميذ وتسليمهم بعد شهر من التأخر، وهي الحادثة التي تكررت معه في ما بعد ، ورغم هذه الملاحظات المبكرة عليه ــ يضيف مدير المعهد ــ لم يرد المعهد رده للوزارة حرصا منه على أن يعطيه فرصة لتغيير سلوكه ، وطمعا في أن يتحسن مع التجربة والممارسة ، وخوفا من أن يشكل رده عرقلة لمسيرته العلمية والوظيفية ، إلا أنه تمادى في كل ذلك .

وأضاف المدير أنه مع بداية السنة الدراسية الجارية وبعد انتظار دام عدة أشهر للنتائج المحتجزة من طرف الأستاذ با قرر المجلس التأديبي بالمؤسسة ــ والذي يتكون من زملاء للأستاذ ــ استبداله بأستاذ آخر سبق وأن درس ثلاث سنوات بالمعهد ويعرف البرنامج ، ويتميز بالانضباط ، إلا أن با وفور علمه بالقرار المتخذ ضده هاتف وزارة التعليم العالي بعد شهرين من المماطلة وسلمها خارج الدوام الرسمي أغلب نتائج التلاميذ ، وغادر نواكشوط على عجل إلى مقر عمله بعد أشهر من الفراق ، غير أن السيف كان قد سبق العذل ، وذلك ما لم يدركه الأستاذ با فجاء للمعهد ، ودخل قاعة التدريس وحرصا من إدارة المعهد على تجنب الصدام سحبت التلاميذ من القاعة ، ليبدأ الأستاذ في تحريضهم وهدد العقيد المشرف ، وتوعده بإثارة ضجة حوله ، لتبدأ قصة الفيديوهات المسجلة .

ونفى مدير المعهد علمه بأي اعتداء لفظي أو جسدي تعهد له الأستاذ با داخل المعهد ، بل اتهمه بتحريض التلاميذ في فترات سابقة على الإضراب ، وهو ما أضر بالسكينة العامة في المؤسسة ، إلا أن إدارتها حلمت عنه وتريثت في الشكوى منه رغم صداميته ــ حسب تعبير المدير ــ

وفي رده على سؤال لنوافذ عن الاتهامات بتزوير النتائج التي برر بها الأستاذ با احتجازه للنتائج قال مدير المعهد إنها غير منطقية ، لأن الأستاذ با هو الوحيد الذي يشرف على مراقبة امتحاناته ، والأوراق يتم قطع البيانات الشخصية التي تتضمنها ، وعملية التوهيم يشرف عليها الأساتذة وفق قواعد واضحة .

"نوافذ" اتصلت كذلك بمدير التعليم العالي بالوزارة أحمدون عبدي وسألته عن موقف الوزارة من الاتهامات التي تحدث عنها الأستاذ فقال إن المسار الذي سلكه الأستاذ ليس له الحق فيه لأنه ليس صحيحا وعليه مراجعته .

وأضاف مدير التعليم العالي أن الأستاذ با لم يقم بواجباته المهنية ، ودخل في صراع مع نفسه ومع زملائه وحاول فرض رأيه غير الواقعي على المؤسسة ، واستعطف بعض زملائه الذين انفضوا من حوله بعدما أدركوا أن الوزارة ماضية في تلبية مطالبهم وتسوية المشاكل وفق الالتزام الذي قطعته لهم، وفي الآجال المحددة .

وأكد مدير التعليم العالي أن هذه الالتزامات التي التزمت بها الوزيرة آمال بنت الشيخ عبد الله بدأت في تنفيذها وقد دشنت ذلك بتأسيس بنية تربوية للمعهد، وهو المطلب الذي كان يتصدر المطالب التي رفعها الأساتذة وبينهم با .

وعن قرار الاستغناء عن خدمات الأستاذ قال مدير التعليم العالي إنه قرار اتخذ بعد اختفائه لشهرين ، واحتجازه نتائج التلاميذ ، وزملاؤه هم الذين عقدوا اجتماعات متتالية رفض حضورها وقد انتهت بتوقيع محاضر (مرفقة ) اتخذوا في آخرها قرارا باستبداله بأستاذ كفء .

واعتبر مدير التعليم العالي أن الأستاذ با لم يفهم التحول الجديد الذي عرفته وزارة التعليم العالي مع قدوم الوزيرة آمال بنت الشيخ عبد الله ، والذي أصبح بموجبه الهم العام تشاركيا ، والعمل على فرض السكينة هدفا، وهو ما ترجمته البعثات التي أرسلتها الوزارة للمعهد لوضح تصور عن المشاكل التي يعاني منها والسفل الكفيلة بحلها.

وعن اتهامات التزوير التي أطلق الأستاذ با قال مدير التعليم العالي إنها لا تعقل ، مؤكداأنها تمثل اتهاما غير مؤسس لزملائه  الأساتذة المشرفين على النتائج قبل غيرهم .

وتمنى مدير التعليم العالي أن يراجع الأستاذ با نفسه ويعلم أن سنة التغيير تقتضي التدرج ، وأن خطوات الإصلاح قد بدأت فعلا عبر الرفع من مستوى العملية التربوية من خلال تأسيس بنية تربوية كفيلة بذلك .

أحد محاضر الهيئة التربوية بالمعهد العالي المتعلق بقضية الأستاذ
نموذج من تفاعل الأستاذ مع إضرابات التلاميذ التي اتهم بتحريضهم عليها