الوزير الشيخ ولد حرمه ثاني ضيف يرحل ...النعي المخرس !!!
استيقظت فجر اليوم على نعي وزير الصحة الأسبق الدكتور الشيخ المختار ولد حرمه الضيف الثاني لبرنامج "ضيف وحوار " الذي كنت أقدمه في قناة شنقيط ، وثاني الراحلين من ضيوف البرنامج الكرام ، حين سمعت النعي تمنيت أن أكون في حلم كاذب ، لكن الصدمة أني كنت أعيش حقيقة مرة أخرستي لساعات دون أن أستطيع كتابة حرف في رجل صحبته لفترة من الزمن ، وسعدت بمقابلته في برنامج أردت له أن يكون وسيلة لكتابة التاريخ الناصع لثلة قليلة من من خدموا هذا البلد وآمنوا به وانحازوا لقضاياه العادلة .
قراءة في صدفة الرقم
كان الدكتور الشيخ ثاني ضيف أستضيفه في برنامج "ضيف وحوار " الذي كنت أعده وأقدمه بقناة شنقيط الفضائية ، وذلك بعد ضيفه الأول الراحل السفير أحمدو ولد حننا ...كان الشيخ ثانيا في الاستضافة كما كان ثانيا في الرحيل بعد رحيل ضيفنا الأول لكنه كان الأول في أشياء كثيرة سنقف عاجزين عن إحصائها كما نقف اليوم حائرين في صدفة الرقم 2 ، وكما عجزنا بالأمس عن فهم سر الرقم .
حلقات متتالية تناولت فيها مع ضيفنا الراحل أهم الأحداث التي شهدتها الفترة ما بين ميلاده 1945م وحتى تاريخ بث البرنامج ...رغم اختلاف مواضيع النقاش وتباين الآراء حولها ، ورغم حساسية هذه المواضيع ، وحدة طرحها أحيانا ، لم يخرج الشيخ عن وقاره وبقي ثابتا كالطود الشامخ في وجه كل العواصف .
تعودت زيارته ببيته العامر بنواكشوط طيلة فترة إعداد حلقاتي معه في اليوم الذي يسبق بث كل حلقة فكان يستقبلني ويودعني في كل مرة باسما ، قادني إلى مكتبته الثرية ، وعرفني على آثره والده الراحل أحمدو ، واكتشفت خلال صحبتي له الوجه الآخر للشيخ في الأدب والفقه والمشيخة .
حين تمنع المبادئ في قبول البركة
في لقائي معه في الحلقة قبل الأخيرة من حلقاتنا فاجأني بكيس قدمه لي عند وداعه لي بالباب فتساءلت عن طبيعته فقال إنها هدية متواضعة لك ، فاعتذرت عن قبولها لأني أخذت على نفسي عهدا أن لا آخذ هدية من أي من ضيوفي حتى لا تؤثر في طريقة إدارتي للحوار معه ، أو تكون فيها شبهة رشوة ، ألح الشيخ في طلب قبول الهدية وقال لي إنه "مسك " لا أكثر ، لكني أعتذرت له مجددا ، وودعته وكلي حزن على أن مسلمات العقيدة حرمتني من قبول بركة من بركات "آل الشيخ " .
عرفت الشيخ والبسمة لا تفارق محياه ، ودودا رحيما ، واعيا بأهمية كتابة التاريخ الموريتاني كتابة محايدة ومدركا لدور البرامج التوثيقية كبرنامجنا في ذلك ، وأكد خلال البرنامج أن ما كتب من تاريخ موريتانيا حتى الآن تغلب عليه الذاتية والانحياز وتغيب فيه الموضوعية خاصة مذكرات الرؤساء والوزراء السابقين .
كما تحدث الشيخ بحسرة في برنامجه معي عن امتناع العسكريين الممسكين بالسلطة سنة وفاة والده 1978 من تقديم العزاء فيه لذويه ورفضهم إذاعة بلاغ وفاته في الإذاعة الموريتانية التي قال مديرها آنذاك إن حرمة مغربي وعدو للوطن وخائن له ولن ينعى في الإذاعة الوطنية ــ علي حد وصف الشيخ الراحل ــ
أتمنى أن لا تتكرر هذه السنة غير الحميدة مع الوزير الشيخ، وأن يجد جزاء خدمته للموريتانيين وبشاشته في وجوههم ، وأن يتغمده الله برحمته الواسعة ، ويلهمنا وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون .
من صفحة الأستاذ عبد المجيد ابراهيم على الفيس بوك