أكتب اليكم وأنا اغص بالعبرات لتخلفى عن عيد ميلاد رئيس الجمهورية الذى احتفلتم فيه بإطلاق مبادرة (عزيز خيارنا )
لقد فاتنى شرف الانضمام إلى موقغكم المهيب الذى جمع(السادات والكبرا ) وإنه لموقف لااقول إنه لايتخلف عنه الامنافق معلوم النفاق ولااقول إنه لم يحضره الامنافق معلوم النفاق
أنا ابن ولايتكم اسكن فى الخط الجغرافي بين نواكشوط وروصو وقبل سنوات كان لدينا طريق له علامات ترتبط بالكلمترات لكل قرية علامة كلمترية تميزها واليوم نحن بلاطريق وبلاعلامات
رضعت لبان الولاء للأنظمة وغذيتمونى الدوران معها حيث دارت وفى كل الانتخابات اصوت وبطريقة ضفدعية للنظام القائم ولوترشح ضده والدى اووالدتى لأننى واثق أنكم تصوتون له وزراء ومسؤولين ووجهاء وشيوخ قبائل ومشايخ طرق صوفية متقاعدين و(متواقفين)
لا أدرى اين اغرب بوجهى عنكم وقدحرمت شرف حضور (أعياد الميلاد ) وفاتتنى هدايا(نويل )
لقد عزمت على الذهاب إلى العاصمة يومين قبل(المحفل ) الأعظم
وأنا (اتحزم ) للسفر قيل لى ان القرية بلاماء
طبعا تحت القرية خزانات ومرشحات عملاقة ينفث فيها افطوط الساحلي مياهه إلى العاصمة ومع ذلك نجلب الماءمن روصو اونواكشوط عبر خزانات بلاستيكية نشتريها ونحصل عليها بشق الانفس
ذهبت فى سيارتى احمل خزانين لشحنهما من العاصمة لكن (إطارين ) من اطاراتها انفجرا عندارتطامهما بصخرة وسط ماكان يعرف بطريق نواكشوط روصو وبدأ انهما(مشمبران ) وليسا(بلينده ) وذلك حال معظم(إطاراتنا ) مع الأسف
تركت السيارة حيث هي و(تلصقت )فى سيارات العابرين فالقرية مهددة بالعطش ويجب إحضار ماء ولو آسن بسرعة حتى لايموت الناس عطشا
تعطلت أول سيارة (طفقتنى ) فأخذت أخرى فتعطلت وفى المرة الخامسة وجدت سيارة كافحت حتى اوصلتنى
أخذت الماء وبعد تعطل سيارة العودة لساعتين وصلت القرية فيما كان قريب لى يعالج سيارتى دون علاج (الاطارين ) فلاسبيل لاصلاحهما كبقية الإطارات (المشمبرة ) اما (ابلينده )فهي غالبا مزورة ضعيفة المقاومة
أحضر قريبى السيارة على أمل أن يرافقنى الى الاجتماع الذى ماكان لنا ان نتخلف عنه
كان ظلام القرية موحشا رغم أن أعمدة توصيل التيار الكهربائي العملاقة تمرقريبا منها وذبذباتها لاتتوقف عن السير شمالا إلى نواكشوط وجنوبا إلى دكار كما يقال لنا
جهزنا أنفسنا للرحلة قبل ان يقال لنا إن نوبة ربو حادة مزمنة داهمت أحد المسنين بالقرية ولديه اصلا مشاكل فى القلب ويخشى عليه من مضاعفات ضيق التنفس
ذهبنا إليه وحملناه مع ابنه إلى مستوصف تيكند
لم نجد الأوكسجين ولا مواد الإسعاف الأولي على الأقل فاتجهنا إلى العاصمة
قفزت سيارتنا فى اخدود عظيم توقفنا لدفعها من داخله صرخ بنا ابن المريض(لمرابط لاحشمنا الله ما اتل سالم ) وبدأ يبكى والده بكاء يمزق نياط القلب ويجفف كل عصارات الكبد
اخرجنا السيارة بمعجزة من الأخدود لنعود ادراجنا بعد ان عاتقنا رجالا من اقاربنا لتجهيز المدفن فى اقرب مقبرة للقبيلة تبعد 60 كلم رمال
قبيل الفجر انتهت إجراءات الدفن
عدنا إلى القرية لإطلاق طقوس التعزية وتجهيز مخيم للاهالى والضيوف
منتصف نهار موعد الاجتماع ابلغنا بأن مدرسة القرية سيتم إغلاقها رغم أنها تضم السنوات من 1 إلى 6 لكنها بلامعلمين حضر مديرها يوم الافتتاح واختفى بعده بيومين وما ينجح طالبا واحدا من طلابها فى (كونكور )يكفى لإنجاح 4طلاب من باقى انحاء البلاد
كان علينا الذهاب إلى روصو لمنع إغلاق مدرستنا المكتملة وتسقط أخبار نقطة صحية وعدتنا الحكومة بافتتاحها فى قريتنا منذ20 سنة
خفنا من الذهاب إلى روصو حتى لايرانا(العسس ) فيرفعوا تقريرا بأننا تخلفنا عن اجتماع الأطر فنفقد الأمل إلى الأبد فى رؤية بئر او معلم اوممرض
قررنا الإسراع إلى العاصمة علنا ندرك ولودقيقة من الاجتماع ونحظى بصلة ارحامنا من الاطر فنحن لانجدهم الافى الحملات الانتخابية وأيام التصويت
ولربما طرحنا عليهم وللمرة الألف مشاكل الطريق والماء والطب والمدرسة
ونحن فى الطريق إلى العاصمة وقعت سيارتنا فى كمين رملي خرجنا نحن وبقيت سيارتنا مطمورة بالرمل فى منطقة لاتوجد بها تغطية شبكات الاتصال
عالق هنا مع قريبى وككل سكان الترارزة نحن خارج التغطية
حاولت حضور الاجتماع التاريخي المبارك بتزامنه مع يوم مولد خيرعسكري على كوكب الأرض محمد ابن عبد العزيز أمره الله علينا ثالثة وعاشرة
حزين لأننى لم أحضر لكن قلبى معكم ومع الرئيس اما عظام نخرة بها روح لاتدرى متى تسيل عطشا اوجوعا او دهسا على مراغة طريق نواكشوط روصو فلاحاجة لكم بها
لكم المجد والسيارات والاقطاعيات والتعيينات والفنادق والقصور ولنا الجوع والنسيان والتهميش والقبور
مواطن تروزي
بقلم حبيب الله ولد أحمد