اختيار الوزير الأول الموريتاني اليوم موفق إلى حد بعيد في رسائله. الرجل منحدر من ولاته وتربى في العيون، ووالده المرحوم البشير ولد دمبه الذي تتسمى باسمه أعرق مدارس عيون العتروس الابتدائية التي أسسها وأدارها؛ هو أحد أوائل المتعلمين من أبناء البسطاء رغم دخوله مدرسة أبناء الزعماء التقليديين، لأن ولاته حاضرة تجاوزت الشرائحية منذ زمن بعيد، وعمه قائد حي في تمبدغه، كما يكثر الحديث عن تعالقات مع إحدى أكبرعشائر وادنون.
تعيين الوزير الأول الشاب محمد سالم ولد البشير حجر ضرب عدة عصافير في آن، وهو من سيعلن عن ديناميكية الأغلبية الحاكمة لاستخلاف أو استنساخ الرئيس عزيز في صيف 2019 وقبل ذلك سيطل كثيرا من شرفة مكتبه الجديد بمبنى الحكومة على منطقة "ابير صانترال" التي لم تكن إقامته فيها سياحية بالمرة.
تكنوكراط كتوم ونتاج للطبقة المتوسطة يحمل شهادة مهندس في المكننة الآلية والتدريب الميكانيكي ولديه شهادة عليا في اقتصاد الطاقة، دخل الشأن العام منذ اثنتين وثلاثين سنة من باب الشركة الوطنية للماء والكهرباء (سونلك حينها) قبل انشطارها إلى أس أن دي أه التي تعنى بالماء وصوملك الكهربائية وهي التي انتهى به المطاف مديرا عاما لوريثتها الكهربائية صوملك لأربع سنوات. تسلم وزارة المياه والصرف الصحي لسنتين والنفط لسنتين وانتدبته الدولة الموريتانية التي تملك ثمانا وسبعين في المئة من أسهم مجموعة اسنيم، ليكون إداريا مديرا عاما لها لأربعة عشر شهرا. من أدبيات المناصب السيادية منذ تعددية 1992 أن يكون الوزير الأول من الحوض الشرقي واليوم هو من الحوضين، ومن أدبياتها كذلك أن يكون الوزير الأول من الخلصاء لرئيس الجمهورية والوزير الأول الجديد ذو الخمسين ونيف من العمر هو من أطر الرئيس عزيز الذين أدار بهم الدولة منذ ترأسه لها.
ويبقى الخاسر الأكبر من تعيين ولد البشير هو حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لأن تعيين التكنوقرط ووضعهم في الواجهة هو في الغالب نشوز للزعماء من رفقاء نضالهم وعيفة في جلباب تعفف من السياسة وأهلها في دائرة الحزب الحاكم.
خروج مهندس ودخول مهندس كلاهما شربا ماء شركة اسنيم ومدينة العيون نأي بالحكومة عن شيء لم يفصح عنه الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد.
إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا