جسدت فكرة منع الجمع بين الوظيفة الحكومية والبرلمانية سعي الجنرال ديغول لإعطاء السلطة التنفيذية سلطتها وتجانسها وإلغاء تلك الممارسة التي تعد سمة مميزة للنظام البرلماني،
لقد اعتبر "جورج فدل" أنه إذا كانت الحصانة البرلمانية تهدف لخلق الظروف المادية لاستقلالية النواب، فإن أغلب التعارضات قد أقرت لتمدهم بالاستقلالية المعنوية، فكيف تكون الاستقلالية مع ممارسة الوظيفتين:
- - من الجهة التي تدفع على حسابها مستحقات الوزير النائب ؟
- - هل يمكن للوزير النائب توجيه سؤال لأحد أعضاء الحكومة و هو المرتبط معهم بالتضامن ؟
- هل للوزير أن يشارك في ناقش مشروع قانون في اجتماع مجلس الوزراء، ثم لاحقا يساهم مع النواب في نقاشه وخصوصا المصادقة عليه؟
- هل يمكن للوزير النائب أن يترأس أوحتى يكون عضوا في لجنة تقص أو تفتيش عن عمل تقوم به وزارته أو حتى وزارة غيرها؟
باختصار حين نصت المادة 44 من الدستور على: " تتعارض وظائف أعضاء الحكومة وممارسة كل انتداب برلماني ..." فإنها فعلا عنت كل ممارسة لذلك الانتداب، اللهم إلا حضور الجلسات لوحده من تلك الممارسة لأن حضورها أصلا متاح للوزراء حتى بوصفهم وزراء وحسب (المادة 54 من الدستور)
أما حين نصت المادة 12 من القانون 91-028 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر1991 المعدل، والمتضمن للقانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية على:
"... ويبدأ نفاذ التعارض بين الانتداب البرلماني ووظائف عضو الحكومة المنصوص عليه في المادة 44 من الدستور في أجل شهر اعتبارا من التعيين عضوا في الحكومة. ولا يجوز طيلة هذا الأجل للنائب أو الشيخ العضو في الحكومة أن يشارك في أي اقتراع ...."
فقد تحدد أنه من بين ممارسة الوظيفة البرلمانية التي لا يمكن لمن له صفة العضو في الحكومة ممارستها حتى قبل وصول التعارض أمده، وحده "التصويت " لأنه روح الوظيفة البرلمانية هو الذي خص بهذا المنع الصريح.
وهو المنع الذي التزم به الوزراء الموريتانيون الذين رغم انتخابهم نوابا، فلم يحضروا جلسات البرلمان -آخر حالة من ذلك بالنسبة لمعالي الوزيرة النائب كانت جلسة انتخاب رئيس الجمعية الوطنية المنصرفة-بعد أن أبلغوا بأن لا حق لهم في التصويت.
وهذا التنصيص على التصويت دون غيره ليس بالغريب لأنه المقررفي الممارسة الفرنسية التي تستقى منها موريتانيا منظومتها الدستورية، فحتى في ظل الجمهورية الرابعة أي قبل إقرار التعارض أصلا لم يكن للنواب الوزراء الحق في التصويت.