أصدرت اللجنة المستقلة للانتخابات مساء الخميس بيانا "مستعجلا"، بعيد انتهاء الدوام الرسمي، أعلنت فيه تمديد فترة تقديم الملفات في انتخابات المجالس البلدية، والجهوية، والتي كانت الفترة المحددة لها تنتهي لها مساء الجمعة عند منتصف الليلة.
البيان الصادر عن اللجنة إثر اجتماع لها، والذي تضمن قرارا آخر بفتح باب التسجيل على اللوائح الانتخابية إثر عدم رضا اللجنة عن حجم الإقبال على اللائحة الانتخابية التي يجري بناؤها من الصفر، حمل الكثير من الإشكالات، بدءا من عنوانه، مرورا بغياب أي إحالة قانونية في نصه، وانتهاء بوصف رئيس اللجنة بالغائب لأول مرة، تنبيها إلى أنه لم يمارس أي نشاط فيها منذ تعيينه.
قرار أم بيان
اختارت اللجنة المستقلة للانتخابات عنونة الوثيقة الصادرة عقب اجتماعها الخميس بـ"بيان"، وذلك في الوقت الذي حملت فيه الوثيقة التي جاء مضمونها من فقرتين قرارين يمسان مضمون العملية الانتخابية الجارية.
ورغم أن القانون رقم: 027 – 2012 المنشئ للجنة، وكذا عرفها القانوني خلال السنوات الماضية دأب على تسمية قراراتها بـ"المداولات"، كما تنص على ذلك الفقرة الأخيرة من المادة: 13، والتي تقول: "توقع مداولات، وآراء، وتصريحات، وإعلانات اللجنة الانتخابية من طرف الرئيس، وعضوين من لجنة التسيير من الذين لم يقترح تعيينهم من قبل نفس الفريق السياسي"، فإن قراراتها "الاستعجالية" حملت اسم "بيان".
كما خلا البيان من رأسية اللجنة، ولم تتم خلاله الإحالة لأي مستند قانوني، سواء القانون المنشئ للجنة، والمحدد لصلاحياتها، أو المرسوم المعين لأعضائها، أو حتى المرسوم القاضي باستعداء هيئة الناخبين والمحدد لتاريخ انتهاء فترة تقديم ملفات الترشح في المجالس البلدية، والجهوية.
كما أثار البيان/ القرار إشكالا قانونيا آخر يتعلق بتراتبية القوانين، حيث إن قرار اللجنة يغير مضامين مرسوم صادر عن الحكومة، ويوضح موقع اللجنة الرئيس (لم ينشر البيان المستعجل عليه إلى الآن، وما يزال يحمل أسماء رئيس وأعضاء اللجنة السابقين) يوضح تراتبية النصوص القانونية في خانة خاصة بها، ويضع في الأعلى القانون المنشئ للجنة، ثم المراسيم، ثم النصوص التنظيمية، قم المدولات، ولا يصنف بيانات اللجنة ضمن خانة النصوص القانونية.
ارتباك متكرر
وعرف عمل اللجنة منذ تعيينها يوم 18 – 04 – 2018 ارتباكا متكررا، فرغم أنها أدت اليمين القانونية في اليوم ذاته الذي عينت فيه، لتنتخب رئيسها في اليوم الموالي، إلا أن أنشطتها توقفت بعد ذلك لأكثر من شهر، قبل أن توقع يوم 27 مايو 2018 اتفاقا مع المكتب الوطني للإحصاء لإجراء إحصائي انتخابي في عموم البلاد مدته شهرين.
وقد تعثرت إجراءات بدأ الإحصاء الانتخابي قرابة شهر، حيث لم تبدأ عمليا إلا مع نهاية شهر يونيو المنصرم، لتتقلص الفترة الزمنية المخصصة للإحصاء – عمليا – إلى شهر واحد بدل شهرين التي أعلن عنها في الاتفاق مع المكتب الوطني للإحصاء، كما بدأ تقديم الملفات في الاستحقاقات الانتخابية قبل أداء بعض ممثليها في الداخل اليمين القانونية أمام المحاكم المحلية.
ويتزامن تعثر وارتباك عمل اللجنة مع العديد من الدعاوى القضائية المرفوعة ضدها أمام الغرفة المدنية بالمحكمة العليا، والتي تطالب بإلغاء المرسوم المعين لأعضائها، وتصفه بغير القانوني.
وجاء القرار الصادر ليل الجمعة، والموسوم بالاستعجال، والخالي من رأسية اللجنة، ومن إحالة إلي أي نص قانوني ليكمل دورة الارتباك التي دخلتها اللجنة من تعينيها.
ومن بين الدعاوى التي تواجهها اللجنة دعوى تقدمت بها مؤسسة المعارضة، وأخرى من حزب الحضارة والتنمية المنضوي في ائتلاف الأغلبية، وثالثة من حزب اتحاد قوى التقدم، ورابعة من حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"، ولم يقل القضاء كلمته في هذه الدعاوى إلى الآن.
سابقة تأجيل شوط الانتخابات
وأكد مصدر في لجنة الانتخابات للأخبار أن أعضاء اللجنة اعتمدوا في قرارهم بتمديد فترة تقديم الملفات على سابقة قامت بها اللجنة السابقة من خلال تأجيلها للشوط الثاني من انتخابات 2013 في بعض الدوائر الانتخابية.
وقد اعتمدت اللجنة آنذاك على استشارة من أحد الخبراء القانونيين، إضافة لموافقة الأحزاب السياسية المعنية بالدوائر التي يجرى فيها الشوط الثاني
ورغم أن اللجنة قالت في بيانها / قرارها إن تمديد فترة تقديم الملفات تمت بناء "على طلب من الأحزاب السياسية"، إلا أن العديد من الأحزاب التي اتصلت بها الأخبار نفت عليها بهذا الطلب، ومن الأحزاب المنضوية في منتدى المعارضة، إضافة لحزب تكتل القوى الديمقراطية.
الرئيس الغائب: تلميح للشغور
لجنة الانتخابات ختمت بيانها اللجنة بتوقيع يصف رئيس بـ"الرئيس الغائب"، وهو توصيف لحال رئيسها الذي غادر نواكشوط بعيد اختياره لرئاسة اللجنة في رحلة علاجية قادته إلى تركيا، قبل أن يعود إلى نواكشوط، ليغادرها إلى داكار، ومنه إلى فرنسا.
وقد تولى نائبه عثمان ولد بيجل الإشراف على أعمال اللجنة طيلة الأشهر الماضية، ووقع باسم اللجنة اتفاقها مع المكتب الوطني للإحصاء، كما وقع قرارات تعاقدها مع الأطراف التي تعاقدت معها، وكان خلالها يحمل صفة "نائب الرئيس" دون أي تلميح إلى غياب الرئيس أو شغور منصبه.
وتنظم المادة: 9 من القانون المنشئ للجنة الجزئية المتعلقة بشغور المنصب بالنسبة لأعضاء اللجنة دون أن تحدد طريقة لاستبدالهم أو تعويضهم.
ويقول الفقرة الثانية من المادة: 9 إنه "لا يمكن إنهاء وظائف رئيس أو أعضاء اللجنة الانتخابية قبل انتهاء مأموريتهم إلا في الحالات التالية:
- بطلب من المعني.
- بعجز بدني أو عقلي يقره طبيب تعينه هيئة الأطباء بناء على طلب من لجنة التسيير.
- انحياز واضح، أو إخلال جسيم وثابت بأحد الالتزامات المترتبة على وظيفته.
- تغيب غير مبرر عن ثلاث (3) اجتماعات رسمية متتالية.
نوافذ + الأخبار