نوافذ (نواكشوط ) ــ نظم مركز الأرقم للإعلام والدراسات الإستراتيجية مساء أمس الخميس بنواكشوط ندوة تحت عنوان الجيش الوطني..حصيلة عقد من التألق والعطاء.
وقال رئيس المركز عبد الرحمن ولد ازوين في كلمته في افتتاح الندوة إن اختيار مركزه تنظيم الندوة في هذا الوقت بالذات ولأول مرة جاء لأهمية الموضوع ولأن المؤسسة العسكرية في أي دولة تحظى بتقدير خاص بعيدا عن المزايدات السياسية.
وأضاف ولد ازوين أنه جرت العادة أن يكون الطيف السياسي بشتى مكوناته ملتفا حول المؤسسة العسكرية ، مشيدا بدور الجيش الوطني في بسط السلم في إفريقيا والمساهمة في نشر رسالة المحبة .
الرؤية الاستيراتيجية ودورها في دحر الإرهاب
بدوره أكد العقيد المتقاعد ورئيس مركز أم التونسي للدراسات الإستراتيجية البخاري محمد مؤمل خلال تقديمه محورا بعنوان "الجيش الوطني قصة أثلجت صدور الموريتانيين" أن أخطر تهديد قد تواجهه موريتانيا والمنطقة عموما هو عودة الجهاديين من مناطق القتال (سوريا - ليببا) واصفا عودتهم بالتهديد الضاغط على المنطقة.
وأكد أن المؤشر العالمي للإرهاب يضع موريتانيا في المرتبة 125 وهي مرتبة إيجابية لأن قيمة المؤشر تنازلية ، وهو ما يعني أن الإرهاب في بلادنا بلا أثر وأن الرؤية في مكافحته نموذجية ومحل تقدير ، وما ذلك إلا نتيجة من نتائج تألق الجيش ووضوح رؤيته الاستيراتيجية في إقيم غير مواتي إطلاقا ، وتهديد الإرهاب فيه تهديد متحرك .
وعن طبيعة رؤية الجيش الوطني لمحاربة الإرهاب قال مؤمل إنها رؤية لها بعد قانوني ثري ، يستلهم من القانون المنشئ للجيش الوطني ، كما تستخدم أدوات مادية عسكرية ، وهي رؤية يسهر على تنفيذها رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة ويواكبه فيها ويساعده قائد الأركان والمفتشية ، إلا أن دور المجلس الوطني للأمن ما زال غائبا لأنه معطل منذ إنشائه بعد الانقلاب على ولد داداه .
وتساءل محمد مؤمل هل تغلبت موريتانيا على الإرهاب نهائيا ليجيب بأن موريتانيا لم تتغلب على الإرهاب لأن الإرهاب حسب تعبيره ليس عملية بل هو وضعية عالمية تهدد كل البلدان، مشيرا إلى أن البلدان المجاورة لموريتانيا تعيش أزمات منها ماهو جديد ومنها ما هو قديم معتبرا أن التهديد الإرهابي هو تهديد ديناميكي.
ورأى مؤمل أنه من الضروري أن تواكب هذه الرؤية رؤية توافقية في الفاعلين السياسيين ، إلى جانب تجفيف منابع الإرهاب ، والاتسام باليقظة ، وتعزيز دور المجتمع المدني ، فضلا عن تبني الجيش استيراتيجية ردة الفعل مع الوقاية لأن الوقاية وحدها لا تكفي ــ حسب وصفه ــ .
دور الجيش في بناء الإنسان والاقتصاد
وتحدث خلال الندوة وفي محورها الثاني العقيد محمد المختار ولد بيه عن مساهمة الجيش في المجهود التنموي حصيلته وآفاقه مؤكدا أن من بين أولويات الجيش حراسة الحدود وهي مهمة اقتصادية باعتبرها خير وسيلة لحفظ الموجود واستدرار الاقتصاد الوطني ــ حسب تعبير ولد بيه ــ .
وأضاف ولد بيه أن المشاريع الكبرى لا يمكن ان تنمو في بلاد مضطربة ، لأن الأمن هو الضامن الأهم للاستقرار فهو مساهمة إقتصادية رئيسية في بناء الدول
وأشار ولد بيه إلى أن مساهمة الجيش تذبذبت حسب الفترات مؤكدا أنها اليوم في أحسن فتراتها بعد تحسن قدرات الجيش ، حيث بلغت من الكفاءة المهنية ما يمكنها به المساهمة في التنمية الوطنية .
وتحدث ولد بيه عن مساهمات الجيش في ميدان التعليم والتنمية الاقتصاد مبرزا دور مؤسسات تعليمية كالثانوية العسكرية التي أصبحت تخرج جيلا ملائما للعصر بقيم أصيلة ، والمدرسة متعددة التخصصات والمعهد العالي للغة الإنجليزية والأكاديمية البحرية ، وأكاديمية الدفاع من الناحية التعليمية ، فيما قدم أمثلة عن دور الجيش في التنمية الاقتصادية ترجمها إنشائه لفرقة الأشغال العمومية التي أنجزت على مدى ست سنوات من عمرها الكثير من المشاريع بينها الطريق الرابط بين اركيز والمذرذرة ، والطريق الدائري في بتلميت ، ومدرج في التيارت الواسعة فضلا عن 25 بئر ارتوازية .
ومن بين هذه الرافعات التنموية للجيش مؤسسة صناعة الملابس التي أصبحت توفر الاكتفاء الذاتي للجيش في هذا المجال بل تجاوزته لتكون منتجة ومشغلة .
وأكد ولد بيه أن المؤسسة العسكرية شهدت خلال السنوات العشر الأخيرة خطوات جبارة في سبيل الرفع من قدراتها في كل الميادين ، وتجسد ذلك في دورها في بناء إنسان هذه البلاد واقتصادها .
وشهدت الندوة تدخل بعض الحضور وتعقيبهم على مواضيعها، حيث عقب العقيد المتقاعد والخبير اجيوسياسي سيدنا عمار ولد ألمين على محورها الأول متحدثا عن الموارد البشرية والمادية والعقيدة العسكرية والمعنويات والقدرة العسكرية في العشر سنوات القادمة مؤكدا أن البيئة الإستراتيجية ربما لاتتغير في العشر سنوات القادمة من زاوية الإستشراف العسكري.
جهود يقدرها الخصوم ويضعون لها ألف حساب
بدوره تحدث الخبير في قضايا الجماعات المسلحة محمد محمود أبو المعالي عن لقاء جمعه ببعض قادة الجماعات المسلحة شمال مالي وتندرهم بعملية لمغيطي مؤكدا في الوقت ذاته أن هذه الجماعات ارتاحت بعد علمها بأن الجيش الموريتاني لن يشارك في العمليات ضدها 2012.
وأشار أبو المعالي أن قادة في الجماعة صرحوا له بأنهم لا يخشون سوى الجيشين الموريتاني واتشادي، مؤكدا ان وضع الجيش اختلف في العشر سنوات الأخيرة.
هذا ويرى مراقبون أن تسليط الضوء على ما وصفته الندوة بالتألق والعطاء للجيش الوطني يحسب لصالح الفريق قائد الجيوش محمد ولد الغزواني ، ونقاشه من طرف عقداء ومفكرين وكتاب بهذه الإيجابية سيكسب الرجل إرثا من الشهادات الإيجابية يمكن أن يكون مقدمة مناسبة لحملة تسعى لأن يكون للرجل تأثير أكبر في الحياة العامة ومن نافذة أو باب آخر .
وفي قراءة الصورة الرئيسية أيضا للندوة يظهر الإقرار بدور الرجل وربما ترشيجه لمركز أكثر حساسية وهو رئاسة الجمهورية حيث يظهر الرجل في الصورة عن يمين رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز وكأن المنظمين يريدون القول إنها صحبة تقتضي الاستخلاف ، وأن هذا التيامن ربما يكون له ما بعد ؟؟؟