نوافذ (نواكشوط ) ــ قال المدير الأسبق لإذاعة موريتانيا محمد الشيخ ولد سيدي محمد إن السرية في الحوارات ليست من عمل رؤساء الأحزاب ، لأنها في التجارب الديمقراطية لبناء دولة القانون، هي تجاوز للخطوط الحمراء، ومكيدة وخلبطة سياسية كبرى لاجهاض الحوارات السياسية وقوانينها ، و لزرع عدم الثقة بين أطراف جمعت بعرق السنين ، وعبرمعارك انتخابية وسياسية لها ثمن مقدر ، وخدمتها عقول وازنة في التاريخ النضالي ، لا يمكن التضحية بها فجأة "فرامل" أو " قرابين" ــ حسب تعبيره ــ
ورأى محمد الشيخ في مقال نشره اليوم أنه في مجال الانتخابات، والمفاوضات بين أحزاب وكتل ديمقراطية، والبحث عن آليات النزاهة، والشفافية، والحكامة، فان مبدأ السرية فيها مناف تماما للقوانين المعمول بها ، و للدستور ، ولآلية الحوار الديمقراطي الشامل ومخرجاته.
وأكد المدير الأسبق للإذاعة أن " المافيا" ليست عائلة واحدة ، فهناك من يحاول السيطرة على تجارة الهيروين، وهناك من يحاول السيطرة على تجارة السلاح ، وهناك من يحاول السيطرة على الموانئ والمطارات وخطوط النقل ، وهناك من يشتهي العالم المخملي لأنواع المتعة و الغمار والجريمة، وهناك من يشترى الذمم، وهناك وهو الأخطر من يحاول أن يحتكر السياسة والإعلام وقيادة الحكومات والأحزاب، لفترات متعددة ، وبنفس الوجوه وبشعارات مغايرة ، أغلب أجندتها "سرية"، وغسيلها "أسرار في أسرار"؟
وهذا نص المقال :
غريب أن تعلن أطراف حزبية" مفاوضات سرية " في مناخ ديمقراطي يتباهى الجميع بشفافيته، وأثمرت حواراته السياسية العلنية2011و2016 وثائق، ترجمت في قوانين صادق عليها المشرعون، ومررتها الحكومات، في جلسات علنية وغير سرية.
القاسم المشترك بين أشخاص"الحركات السرية" في المناخ الديمقراطي، هو العمل من "تحت الطاولة"، لإجهاض مسار ديمقراطي، أو لإقصاء طرف سياسي محاور، أو للكيد بفريق منافس.
لماذا السرية، وفي هذا الوقت بالذات؟
لماذا الانتساب، بآلية التصويت حسب هوى المنتسب في دوائر جغرافية لا يتواجد فيها المنتسبون، أليس هذا نوعا من "العمل السري الحركي" غير الديمقراطي؟
لماذا تتم تصفية الكفاءات، ومحاربة المبادرات، وإجهاض المسارات الحوارية والتنموية، بواسطة "التقارير السرية "، وجلسات " العمل السري"، ومكر "الليل والنهار" في "دروب الظلام"؟
من مصلحة الجميع، أن يعلى من قيم الشفافية ، والعلنية، وأن يودع البلد"الطابور الخامس" الذي يفاوض ب"سرية"، ويتآمر ب "سرية" ، ويسعى لأن يخدع الجميع ب"سرية"، ويفكر في أن يبقى يترأس الأحزاب ، والحوارات، و المفاوضات بأشكال " العمل السري" وقنواته "الظلامية"؟
الدارسون ل"خراب المجتمعات والدول"، يدركون أننا نعيش عالما تتعاظم فيه أخطار "المافيا السياسية" التي تستخدم على خلاف طريقة المرتزقة في دخول معارك حربية لمصلحة أحد الأطراف، فان "مافيا العمل السياسي السري" للوصول إلى نفس الهدف تتخذ من العالم السفلي مملكة لها، من هناك تستطيع تدبير المكائد وابتزاز الخصوم لإرضاء الطرف الذي تعمل لمصلحته
ويعبر الفيلم التركي "واد الذئاب" بجسارة عن
حجم الصراع وضحاياه وشبكاته، التي تستهدف
السياسة ،و لا تستثني الأخلاق، والاقتصاد، وأسرار الدول والحكومات..
قد تقدم مبادرات " العمل السري" في أفلام الرعب المدبلجة للمشاهدين قدرا من التشويق والإثارة، لكنها في التجارب الديمقراطية لبناء دولة القانون، هي تجاوز للخطوط الحمراء، ومكيدة وخلبطة سياسية كبرى لاجهاض الحوارات السياسية وقوانينها ، و لزرع عدم الثقة بين أطراف جمعت بعرق السنين ، وعبر
معارك انتخابية وسياسية لها ثمن مقدر ، وخدمتها عقول وازنة في التاريخ النضالي ، لا يمكن التضحية بها فجأة "فرامل" أو " قرابين"
إن كان الهدف إسقاط بارونات مخدرات، أو زعماء جماعات إرهابية، أو تفكيك عصابات إجرامية،فالسرية واجب وطني مقدس.، وهو عمل أجهزة الأمن والاستخبارات.، وليس عمل رؤساء أحزاب.
أما في مجال الانتخابات، والمفاوضات بين أحزاب وكتل ديمقراطية، والبحث عن آليات النزاهة، والشفافية، والحكامة، فان مبدأ السرية فيها مناف تماما للقوانين المعمول بها ، و للدستور ، ولآلية الحوار الديمقراطي الشامل ومخرجاته.
ليست " المافيا" عائلة واحدة ، فهناك من يحاول السيطرة على تجارة الهيروين، وهناك من يحاول السيطرة على تجارة السلاح ، وهناك من يحاول السيطرة على الموانئ والمطارات وخطوط النقل ، وهناك من يشتهي العالم المخملي لأنواع المتعة و الغمار والجريمة، وهناك من يشترى الذمم، وهناك وهو الأخطر من يحاول أن يحتكر السياسة والإعلام وقيادة الحكومات والأحزاب، لفترات متعددة ، وبنفس الوجوه وبشعارات مغايرة ، أغلب أجندتها "سرية"، وغسيلها "أسرار في أسرار"؟
وفي كل العائلات، هذه المافيويات، لا تصلح لأرض الشناقطة ، ولا لأخلاق العرب، ولا لقيم المسلمين ، ولا في هذا العالم وخلال هذه المرحلة.
بقلم: محمد الشيخ ولد سيد محمد/ أستاذ وكاتب صحفي.