غصت ساحة ابن عباس وحق لها أن تغص ما فيها موضع قدم إلا وفيه إمام خاشع ، أو جنرال خاضع ، أو وزير مهموم ، أو مواطن مفجوع ...والكل على اختلاف ألوانهم وأهوائهم وانتمائهم وأعمارهم وألسنتهم ينتظرون الصلاة على رجل عرفوه صديقا أو رفيقا أو مواسيا أو سمعوا عن أيامه في البذل والعطاء قبل أن يفجعوا بنبإ رحيله على حين غفلة من الفقراء والمستضعفين ، إنه السياسي المخضرم والبركني المسكون بهموم مواطنيه ، والسياسي القريب من ناخبيه سيدامين ولد أحمد شلا ...
ضرعت الألسن بالدعاء وساد صمت لا يقطعه إلا تكبير الشيخ الددو الفاصل بين تراتيل الدعاء في صلاة الوداع ...
حين تتجول بين الصفوف والوجوه تشاهد موريتانيا في خريطتها المصغرة ، لن تفقد لونا ، ولا عمرا ، ولا جنسا ، ولا لسانا ...إنها فرصة الجميع لرد الجميل على صاحب الجميل .
الفريق محمد ولد مكت مدير الأمن الوطني استقبل جثمان الراحل في المطار ورافقه إلى مسجد ابن عباس ليجد في انتظاره الآلاف من المحبين الصادقين في ودهم المصدومين بهول المغادرة ، يتقدمهم العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو الذي أمهم في صلاة الوداع ..حيث اصطف وراءه وزراء بينهم وزير الصيد والعدل والشباب والداخلية ، وقادة عسكريون بارزون بينهم قائد الحرس الفريق مسغارو ولد اغويزي ..وولاة بينهم والي الولاية التي سيضم ثراها الطيب ابنها المخلص الذي غادرها دون وداع ...ولاية البراكنة التي سيصلها جثمان الراحل في وقت متأخر الليلة ليوارى الثرى في مدفن عائلته في (تبو تبل ) غربي مدينة ألاك عاصمة ولاية البراكنة .
الشعر يودع
ولأن الشعر هو الصديق الأول لنظراء الراحل من الكبار ما كان له أن يغيب في يوم الفراق ...فكان مشهد الشاعر محمدن ولد اشدو وهو يصر على أن يتبع جنازة الراحل يتمتم في لحظة تجل كافيا لنوقن جميعا أن الشعر والادب والفتوة حضروا لوداع صديق وفي لقيم الرجولة والفتوة .
رحمك الله أيها السيد الأمين برحمتك للعباد المستضعفين وألهمنا وذويك الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون .