وللمجتهدين أيضا في السياسة حقهم في "الاستحسان"...
للعمل بالاستحسان مشروعيته في ساحة المذهب المالكي وما عملت به المالكية من أصول يراعي أحوال الناس ويسعى إلى تنزيل الأحكام على الوقايع ،لذلك لاضير في الأخذ به ليس على مستوى أصول الفقه هذه المرة، وإنما على مستوى مراجعة اصول الممارسة السياسية في هذه البلاد وقواعدها التي بنيت عليها ،وخاصة تلك التي لا نجلب مصلحة ولاتدفع مضرة،وعل العكس من ذلك أصبحت مصيدة للمضرة في عالمنا اليوم.
لذا فهناك ثلاث تطبيقات للاستحسان اعتقد والله اعلم اننا في امس الحاجة اليها على مستوى الممارسة السياسية وهي الاستحسان الاجماعي و الاستحسان بالضرورة و الاستحسان القياسي...
وما حدث في الأيام الماضية من مماحكة فكرية وسياسية داخل بيت الاتحاد من اجل الجمهورية يمكن أن يدرج في هذه الخانة ,فالمجتهدون من نخبة هذا الحزب استحسنوا امورا كثيرة وحاكت في اذهانهم فصدحوا بها وكانوا في نفس الوقت يعملون باستصحاب توجيهات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ،وهذا ما أربك الساحة السياسية في البلاد , وأزعج خصومنا من الأصنام السياسية ,وشد الانظار إلى نخبة حزبنا وهي تنتقد و تقدم اطروحاتها ونظرياتها دون غيرها من نخب الفنادق ،وأكثر من ذلك فقد نجحنا في قلب الأصول الميتة للممارسة السياسية رأسا على عقب،وهذا بالضبط مصدر ازعاج من يقتاتون على تلك الممارسة وترتعد فرائصهم من سريان عدوى النقد البناء داحل أحزابهم المسجلة في خانة أملاكهم الخاصة ...
إنها فعلا ثورة سياسية لكنها راشدة، وهي توازي في نموذجيتها الثورة التي دشنها نظامنا في الواقع منذ تسع سنين وأعني ثورة المأسسة داخل البلاد وثورة السيادة والقطب الاقليمي على مستوى المعادلة الدولية ، وهي ثورات أعطت أكلها وأعطت وجها جديدا حضاريا وعمرانيا واقتصاديا ودوليا للبلاد....
قريبا سيخرج حزبنا من هذه المراجعة ومن هذا التشخيص وقد بني على أرضية صلبة وبدماء جديده وروح جديد وسيقدم نموذجا غير تقليدي لهذه الأحزاب الراكدة ...فلا تتوقعوا أن إبداعنا في الممارسة السياسية يعني أكثر من حرصنا على تحصين بيتنا الجمهوري... هذا كلما في الأمر.
من صفحة المدير المساعد للوكالة الموريتانية للأنباء الشيخ سيدي محمد ولد معي