حلت الذكرى 33 لانقلاب 12 / 12/ 1984 الذي قاده العقيد معاويه ولد سيد أحمد ولد الطايع ورفاقه - المرحوم محمد سيدينا ولد سيديا – والمرحوم محمد الأمين ولد انجيان – والمرحوم أحمد ولد منيه – وآن أمدو بابالي – واعل ولد محمد فال – وجبيريل ولد عبد الله – وجوب جبريل وآخرون.
كان ذلك الانقلاب في حينه ثورة انقاذ في اذهان كثير من الموريتانيين لأنه أفرغ السجون وقسط الحريات بطريقة ممنهجة على مقياس نخب البلاد السائبة أنتجت استقرارا صاحبه رخاء اقتصادي طبعته اريحية تسييرية لسنا بصدد تقييمها ، وكلما يمكن أن يقال إن لحم أكتاف معظم الفاعلين السياسيين المدنيين باستثناء أحمد ولد داداه ونياشين العسكريين الحاليين لم تكن في الحقيقة إلا إكراميات تعكس مظاهر الأريحية العامة ، فلولا معاوية لما سارت الأمور في هذه الاتجاهات التي تترنح فيها دون أفق ولكم أن تتذكروا كيف كان قادة اليوم أيام معاوية الأولي؟ وكيف أصبحوا؟ وكيف هم اليوم؟ سبحان مغير الأحوال.
المؤكد أن معاوية كان قوميا موريتانيا وعسكريا محنكا وقد تصدى لحل مشاكل هيكيلة وبنيوية عويصة وفق في حل بعضها وأخفق في حلحلة الآخر ، ورفع شعارات حداثية كبرى دعت الموريتانيين لامتلاك ناصية العلم والمعرفة وحثتهم على العمل وعدم الاعتماد على الآخرين واستحثتهم لتحقيق الأمن الغذائي وتوفير حاجاتهم الغذائية من داخل الحدود.
لقد لاقت هذه الدعوات وهذه الشعارات وما واكبها من اخراج كرنفالي صدى في نفوس الموريتانيين يكفي أن نستطرد هنا أبياتا معبرة للعلامة المرحوم محمد سالم ولد عدود حين يقول:
معاوي إني لستُ بالمتزلف *** ولست لقرض الشعر بالمتـــــكلف
ولكنها أعياد قومي تلاحقت *** فما تقذف الافراح في القلب يقذف
لقد كان ذلك في حينه لسان حال مجموعة كبيرة من الموريتانيين الذين رأوا في الرجل زعيما وطنيا صان أمن البلاد واستقرارها وأذكى في نفوس أبنائها جذوة الاعتزاز الوطني.
لم يوفق معاوية كما لم يوفق من سبقه ولا من تبعه في خلق حكامة ديمقراطية حقيقية تضمن التناوب وتداول السلطة بالطرق المتحضرة فعصفت به انقلابات فشل أولها في 2003 ونجح آخرها في 2005 ، لكنه رغم الفترات الانتقالية والانتخابات المتكررة ما تزال موريتانيا تراوح مكانها وما تزال الاشكالات التي واجهت معاوية تواجه من تسنموا مقاليد الأمور بعده وما يزال هو منفيا في الدوحة.
اللافت أنه مع مرور الزمن أصبح معظم الموريتانيين يتحدثون عن معاوية وعن عهده بشيء من الحميمية والعاطفية ويطالبون بعودته من منفاه ، ومنهم من لا يمانع في دور يلعبه مستقبلا انطلاقا من قناعة أن الوطن يتسع الجميع وأن عهود الانظمة التي ينسخ بعضها بعضا يجب أن تنتهي إلي غير رجعة إذا كان سيقدر لموريتانيا أن تبحر نحو بر أمان جديد.
بقلم: محمد عبد الله ولد محمد الأمين