نوافذ (نواكشوط ) ــ سيطرت أزمة القنوات الخاصة مع شركة البث على أعمال ندوة نظمها المركز الموريتاني للبحوث والدراسات الإنسانية "مبدأ" واقع ومٱلات تجربة الإعلام السمعي البصري في موريتانيا، شارك فيها ممثلون عن عدد من القنوات والإذاعات الخاصة في البلاد وحضرها لفيف من المهمتمين بالإعلام في البلد .
وقد افتتحت الندوة بكلمة لرئيس مركز مبدأ الدكتور محمد سيدي أحمد فال ولد الواداني طرح فيها مجموعة من التساؤلات عن السياق الذي جاء فيه تحرير الفضاء السمعي البصري ؟ ورهاناته وعلاقته بالديمقراطية ؟ وهل استطاع تقديم رسالته ؟ وهل شخص الواقع أم خضع له ؟ أو بمعنى آخر هل ساهم الإعلام السمعي البصري في حل المشكل أم كان مشكلا ؟
ولد مدو يدعو الدولة إلى مسح ديون القنوات
الدكتور الحسين ولد مدو قال في بداية مداخلته في الندوة أن حديث الساعة هو توقيف بث القنوات الخصوصية في موريتانيا متحدثا عن حدثين بارزين في موريتانيا أولها كان 1991م عندما تعددت الصحافة المكتوبة والحدث الثاني هو تنازل الدولة عن احتكارية الإعلام الذي أفضى إلى تحرير الفضاء السمعي البصري سنة 2010م الذي أفضى إلى تمكين المشاهد الموريتاني من وجبات متعددة وطعم المشهد بالتعددية ، إلا أن هاجس تكرار مآلات الصحافة المكتوبة كان الهاجس الذي يؤرق من واكبوا تحرير الفضاء السمعي البصري وهو ما دفع إلى اشتراط ضمانات مالية وتجارية .
ورأى الحسين أن قطب الإعلام الجمعوي كان من أقطاب تحرير الفضاء السمعي البصري إلا أنه علق بإرادة حكومية لم تفرج عنه حتى .
وأضاف ولد امدو أن توقيف تحرير المجال كان 2014م وهو تعطيل سادت بموجبه اللغة السلطانية وعادت "ال " الحصرية في حديثنا عن التلفزة والإذاعة ، كما عدنا إلى مرحلة الأحادية .
وأكد ولد مدو أن إغلاق القنوات بحجة عدم الوفاء بالتزاماتها المادية خطأ لا يعقل لأن الأمر يرتبط بزوال التعددية ومن واجبات الدولة أن تتدخل وتفكر في مسح ديون هذه المؤسسات على غرار ما فعلته مع المزارعين .
ودعا ولد مدو إلى حل فوري لأزمة القنوات يؤمن استدامة الحل وينقذ المشهد .
وقدم الحسين في نهاية مداخلته مقترحا لحل الأزمة تدفع بموجبه القنوات الخاصة خمسة في المائة من ديونها تصرف لصالح الصحفيين والمعدات على أن تمسح بقية الديون .
أبو المعالي : بغياب القنوات الخاصة غاب الرأي المعارض عن الشاشة
محمد محمود أبو المعالي كرس مداخلته للحديث عن المشاكل التي واجهها القائمون على مؤسسات الإعلام السمعي البصري في موريتانيا وعلى رأسها غياب تجربة مهنية في البلد .
ورأى أبو المعالي أن هذه القنوات وفرت التعددية والتنوع للمشاهد كما وفرت له الخيار وعرضت تنوع الثقافة الموريتانية وحولت البلد إلى مركز كبير بمحيط من المشاهدين وبغيابها غاب الرأي المعارض عن الشاشة .
وقدم أبو المعالي مجموعة مقترحات لحل الأزمة :
مراجعة 045/2010
تفعيل قانون الاشهار
إلزام الفاعلين في القطاع بالمساهمة في الإنتاج المحلي
دفع الشراكة مع الممولين الأجانب
تخفيض حقوق البث المجحفة
إنشاء صندوق دعم خاص
فترات سماح
وختم بقوله إن جيل تأسيس التجربة السمعية البصرية يتجه إلى الانهيار وهو ما أدركته "الهابا " فغضت الطرف .
الغابد : ملاك القنوات خدعوا واستدرجوا للدخول في مغامرة
الأستاذ الحافظ ولد الغابد تعرض في مداخلته لإشكال الهوية ورأى أن ملاك القنوات خضعوا لمستوى من الخداع واستدرجوا للدخول في مغامرة لكنها تجربة بيضت وجه موريتانيا وهذا ما يكفي للشفاعة لها عند الحكومة .
وأضاف ولد الغابد أن الحكومة قدمت مستوى كبيرا من التعاطي مع المؤسسات السمعية البصرية ترجمته في التسامح في الناحية القانونية والمالية وهو ما كان سلوك عاما لها .
وأكد ولد الغابد أن القطاع يحتاج إلى تحمل الدولة جوانب من البث وتوفير مصادر مالية ثابتة قد لا تجعل تحت تصرف الإدارات التجارية لتستمر التجربة التي كانت رافعة تنموية وثقافية للبلد .
صالح دهماش ملاك القنوات لم يستدرجو وقنواتهم لم تغلق
المدير العام المساعد لإذاعة موريتانيا صالح ولد دهماش قال في مداخلته أن فيه ضرورة لفهم تحرير الفضاء السمعي البصري متوقفا عند دلالة المصطلح ليخلص إلى أنه كان وعيا من الرئيس بأهمية الإعلام ووعيا منه بأهمية التعددية الإعلامية باعتبارها لازمة للديمقراطية .
ورد على انتقادات بعض المتدخلين للدولة قائلا إنه ليس هنالك استدراج للملاك مشددا على أن قانون الإشهار لن يكون حلا سحريا لأن تراكمات 50 سنة من الصعب القضاء عليها في عام .
وأكد ولد دهماش أن القنوات لم تغلق ولم توقف وإنما عجزت عن توفير خدمة البث مقدما تجربة البث الرقمي الأرضي بوصفها الحل الوحيد وغير المكلف للأزمة .
مدير قناة شنقيط يدعو الرئيس للتدخل لوضع حل للأزمة
أحمد ولد محمد الأمين مدير قناة شنقيط رأى أن البداية غير المدروسة لتجربة الفضائيات ربما ساهمت في الأزمة وذلك لأن هذه القنوات كان يجب أن تبدأ بالبث على الموجات الهرتيزية لا الفضّية وهو ما لم يكن وجعل البداية غير منطقية وعود ملاك القنوات على البث الفضائي .
واستغرب مدير قناة شنقيط من صمت النخبة تجاه الأزمة التي عززها غياب الدعم المالي من الدولة وغياب الإعلانات وتراكم الخسائر المالية لرجال الأعمال الذين غامروا في التجربة دون الحصول على مردودية وهو ما شكل صدمة لهم .
ورأى ولد محمد الأمين أن تعاطي الحكومة ممثلة في شركة البث مع وسائل الإعلام بمنطق التاجر كان مستغربا ومثيرا للجدل والنقد على نطاق واسع .
وأكد مدير قناة شنقيط أن قطع بث القنوات يلحق ــ بحساب الربح والخسارة ــ من الضرر المعنوي بسمعة البلد أكثر مما يلحقه بها تأخر أو إلغاء ديون لصالح شركة مملوكة للدولة .
وشكك ولد محمد الأمين في قانونية إقدام شركة البث على قطع بث القنوات لأن قانونيين اعتبروه انتهاكا صارخا للقانون وتعطيلا لحق المواطن في التنوع الإعلامي وفي الخدمة العمومية التي تقدمها تلك القنوات .
ودعا ولد محمد الأمين الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى التدخل مباشر لحل الأزمة بشكل جذري حتى لا يتم القضاء على التجربة .
متدخلون : أزمة القنوات انتقام إلهي من الملاك لصالح العمال
الكثير من المتحدثين خلال الندوة والمناقشين لمحاضراتها تحدثوا عن انتقائية الدولة وغضها الطرف عن هذه القنوات عندما أخلت بدفاتر التزاماتها خاصة في تلاعبها بحقوق عمالها وهبتها المفاجئة حين تعلق الأمر بالضرائب .
ورأى كثير من المتدخلين أن انقطاع البث ربما كان تجليا للعدالة الإلهية التي انتقمت من الملاك لصالح العمال المنتهكة حقوقهم وهو ما نسميه في ثقافتنا الشعبية بـ"التزُبّ" .
وعن غياب التعاطف مع القنوات من النخبة وحتى العامة رأى المتدخلون أن ممارسات ملاك هذه القنوات مع عمالها أفقدها تعاطفهم الذي كان سيكسب القضية بعدا إنسانيا ، كما أن استخدام النظام لبعض هذه القنوات أفقدها أيضا تعاطف العامة وجعل النظام يرميها بعدما انتهت حاجته فيها .