تخوض جمعيات موريتانية حرباً في وجه الخجل والتقاليد، التي تمنع نساءً موريتانيات كثيرات من اتخاذ الخطوة الأولى والخضوع لفحوصات بهدف الكشف المبكر عن سرطان الثدي.
لم تستطع أمينة بنت التجاني إخفاء خوفها أمام ابنتها وهي تستعدّ لدخول غرفة التصوير الشعاعي، للتأكد من عدم إصابة خلايا أخرى في جسمها بـالمرض الخبيث، الذي اكتشفت أخيراً انتشاره في ثديها الأيسر، فاضطرت إلى الخضوع لعملية جراحية لاستئصال الخلايا المصابة. تكللت الجراحة بالنجاح، لكنّ الخوف من ظهور المرض مجدداً، ما زال سيّد الموقف.
تروي أمينة وهي أمّ لأربعة أطفال، في أواخر عقدها الرابع، كيف اكتشفت إصابتها بـسرطان الثدي، ذلك المرض الذي لم تستطع نطق اسمه، واكتفت بما يطلقه الموريتانيون عليه "يكلع بأسه" (يُزيل يأسه). وتقول: "رحتُ أشعر بآلام خفيفة من حين إلى آخر في ثديي الأيسر، لكنّني لم أعر الأمر اهتماماً، إلى حين ألحت عليّ ابنتي (21 عاماً) لإجراء الفحوص الطبية اللازمة". تضيف أمينة، وهي تمسح دموعها، أنّها لم تتمكّن من تصديق الأمر حين أعلمها الطبيب بإصابتها بورم خبيث، فقصدت طبيباً آخر أكّد الأمر. وعرفت حينها أنّها سوف تبدأ مشوار العلاج الطويل المكلف في موريتانيا.
سافرت أمينة إلى تونس بدعم مادي من عائلتها، وخضعت لعملية جراحية عاجلة جرى خلالها استئصال الورم. وبعد انتهاء فترة النقاهة، خضعت لأربع جلسات من العلاج الكيميائي، قبل أن تعود إلى موريتانيا وتحاول التأقلم مع حياتها الجديدة. وعلى الرغم من أنّ أمينة حظيت بدعم أسرتها وزوجها، فإنّ ثقتها بنفسها اهتزّت، وباتت تخشى أن يتركها زوجها وتخاف من ظهور المرض من جديد.
من جهتها، اكتشفت عائشة بنت سيد أحمد إصابتها بسرطان الثدي قبل ثلاث سنوات، وعرفت مراحل علاج صعبة إذ اضطرت إلى انتظار دورها بعدما أدرج اسمها على قائمة المرضى المتوقّع خضوعهم لعمليات جراحية في مستشفى العاصمة نواكشوط، قبل أن تخضع إلى علاج كيميائي في المركز الوطني للأنكولوجيا. تخبر أنّ "أصعب اللحظات هي حين علمت بإصابتي بالمرض واضطررت إلى إخفاء الأمر عن صغاري"، مؤكدة أنّها فقدت راحة البال مذ علمت بالمرض. لكنّها أصبحت اليوم أكثر تقبلاً لهذا الوضع، خصوصاً أنّها تحظى بدعم كبير من قبل أسرتها ومحيطها في العمل.
ويُعَدّ سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان انتشاراً في موريتانيا مع نسبة 15 في المائة، يليه سرطان عنق الرحم مع نسبة 10 في المائة، فسرطان الجلد مع نسبة 8 في المائة، ثمّ سرطان المثانة مع نسبة 6 في المائة، بحسب بيانات خلصت إليها دراسة أعدّتها منظمة غير حكومية. وبحسب الأرقام الصادرة عن المركز الوطني للأنكولوجيا، فإنّ نسبة النساء اللواتي يقصدنَ المركز تمثّل 52 في المائة من مجموع عدد المراجعين، وذلك بسبب انتشار سرطانَي الثدي وعنق الرحم في البلاد.
خديجة الطيب لموقع العربي الجديد