كانت بائعات العيش " الصالح " وهن يلملمن أمتعتهن ،إيذانا بالرحيل ، تخرق ذلك الصمت المهيب وكان المصطفى يتأكد من حساباته قبل أن يغلق حانوته ، أما هو فكان يجوب تلك النواحي يتسول أحد الساهرين ليقاسمه سجائره وربما همومه إن كان في السهرة متسع .
قبل سنوات كان السمار يتهافتون على حانوت ول ياسر غير بعيد من هناك ، فكانت الأحلام الوردية و النقاشات البيزنطية تضفي جوا آسرا على ذلك الصخب الطفولي الحالم ، وفي حدود العاشرة تأتي صغيرته رفقة أُختيها لشراء العيش فيسرقُ من الليل بضع ثوان يحكي لها نكتة أو يحدثها عن بعض ما في نفسه وكانت تبتسم وتنسجم لكنها سرعان ماتتذكر رفيقتها عندها ينتَبه الليل لذلك اللص العاشق ليرميه أمام بوتيگ ول ياسر و نقاشاته وقصصه التي قد تتطلب أحيانا حزام الأمان لفرط سرعة الرواة !
بسرعة أفاق من سكرة الماضي ليعود الى الحاضر حيث اختفى المصطفى و " العياشات " ولم يبقى إلا أنين سيارة "رينو " أرغمها المخاض أن تلد تسعة ركاب بعدما حملتهم كرها طوال طريق الأمل الصعب .
تفرق الركاب التسعة في شعاب حي " الگود " وبقي هو يدخن سيجارته قبل الأخيرة ولسان حاله قول المرحوم الباشا ول مولاي أعلي :
مَانَنْسَ يَالْقَهَّارْ اخْبَارْ.........فَانْتُــورِ وَانْوَيْ ادْهُــورِ
نسَّــدَرْ فِيهمْ وَالِّ دَارْ........الْبَالْ امْنْ الْفِيهُمْ مُورِ
غيْرْ اعْرَفْ باَنِّ يالْقَهَـارْ.......مّــانِ مُحَــظّرْ فُمُـــــورِ
عِتْ انْجِيهُمْ مَانَجْبَرْ حَيْ...مَنْذَاكْ الْكَانْ اتْلَ مُــورِ
وَانْوَيْ الاّ مَـــزَالْ انْـــوَيْ....وَانْتُـــورِ مــزال انْتُـــورِ.
تحياتي
من صفحة بابا ولد اربيه