هنا ...تدور "معْركة الأحزاب"، منذ عرفتْ هذه "الأرضُ السائبة" اسْمَ التعدُّدِ الديمقراطي، ورغم أنها لم تعرفْ-في ماضيها البعيد- غيْرَ "سِتِّينَ حِزْبًا" طاهرةً من القرآن الكريم، فإنَّ "حِزْبَ الشعْبِ"- بعْدَما ابْتلعَ، في أحاديتِه المُهَيْمِنَةِ، ما وجَدَ قبْله من "أحْزابٍ سياسية" وليدةٍـ رافقتْ نَشْأةَ الدولة الحديثة – سرْعانَ ما انفجرتْ بعْدَه الساحةُ الموريتانية، من تحْتِ" قُبَّعَةِ الإخْفَاءِ" العَسْكَرِيةِ، منْذُ بِدايةِ التسْعِينياتِ، خِلالِ "فتْرَةٍ مِنَ الانقلابات" المُتَنَاسِخَةِ، فتوالدَتْ فيها أحْزابٌ "تَنْتَحِلُ صِفَةَ السياسية"، طفقتْ تتكاثرُ كما يَتنامَى الفِطْر، أو كما تتكاثرُ "الخَلايَا السرَطانية"، بوَتيرةٍ مَجْنونةٍ، مَيَّعَتْ مَشْهَدَ "التَّحَزُّبِ" السياسي، حتى لمْ نعُدْ نَسْتَطيعُ تمْييزَ "حِزْبِ الله"، من "حِزْبِ الشيطان"، ولا"كتلة العُمَّالِ"،من"كتْلة المُحافِظين"، ولا تيار" اليمين" من تيار"اليسار"، لالتباسِ الوُجُوهِ بالأقْنِعَةِ، والأقْنِعَةِ بالوُجُوهِ، وتَدَاخُلِ الخِطاباتِ، وهَشَاشَةِ الأرْضِيةِ المَبْدَئيةِ، التي تتحَرَّكُ فوْقها الولاءات، مِثْلَ تَمَوُّجَاتِ "الرِّمَال المُتَحَرِّكَةِ"، في "مَهَبِّ رياحِ" هذا "المَنْكِبِ البَرْزَخِي"، العريق في "تسَيُّبِه"، و"مناخِه المُتَقَلِّبِ"، تقلُّبَ أمْزِجَةِ أبنائه "الرُّحَّلِ" المُنْتَجعينَ، أيْنَمَا لاحَ لهم برْقُ طمَعٍ، ولوْكانَ برْقًا "أعْمَشَ" (خُلَّبًا).
والآن، وأنا "قابَ قوْسيْنِ أو أدْنى" من مَعْمَعَانِ السِّجالِ المَحَلِّي الطريفِ، المُحْتَدِمِ منذُ فتْرَةٍ داخِلَ" الفيْسبُوكيينَ" المُوريتانيين، حوْلَ "الفيْشِ بيْن كسْكس والعَيْش"، عبْر شحْن "التحَزُّبِ" التنافسي الجهوي ، لأنْصار كلِّ واحدةٍ من الوَجْبَتَيْنِ، الوَطَنِيَّتَيْنِ، فإنِّي قد انتهَى بي تحليلُ "المَشْهَدِ السياسي" المَجْنُون، إلى أنَّ "الحِزْبَ الوَحِيدِ"، الغالبَ المُنْتَصِرَ عنْدَنا هو "حِزْبُ العَيْشِ"، بمفْهُومِه الواسِعِ"، فـ"القاعِدَةُ الحِزْبِيةُ" الوحيدةُ المُعْتَمَدَةُ هنا، هي ما يَضْمَنُ "لُقْمَةَ العَيْشِ" فقطْ، مما يعْنِي أنَّ طريقَ "الجذْبِ أو الكسْب التحَزُّبي"، تمُرُّ- لا مَحَالةَ- عنْ طريقِ، البُطونِ، بعيدًا، عن العُقولِ، حيث تتغيَّرُ المَواقِعُ، بحسَبِ تَبَرُّجِ المَنافِعِ، ومن هُنا لمْ نَعُدْ نسْتَغْرِبُ، سِيادةَ الخِطابَاتِ "البَبَّغاويةِ"، والوُجُوهِ" الحِرْباوية"....