نوافذ (نواكشوط ) ــ صدر هذه الأيام عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة كتاب النقد الأدبي في موريتانيا المناهج والقضايا - ( نقد الشعر نموذجا)، تأليف : الدكتور محمد الحسن ولد محمد المصطفى منسق دكتوراه اللغة العربية وآدابها بمدرسة الدكتوراه في كلية الآدا ب بجامعة نوااكشوط العصرية.
والكتاب يعرض لنشأة النقد الأدبي في موريتانيا وتطوره واتجاهاته، ومرجعياته في الحقب النقدية والثقافية العربية المختلفة ، ومصادره في النقد الغربي.
والنقد الأدبي العربي الموريتاني نشأ في جذوره الأولى في القرن الثامن عشر بمصاقبة وموازاة مع الخطاب الشعري الإبداعي ، في بيئة عرفت ازدهارا ثقافيا وأدبيا استثنائيا زمانا ومكانا. وقد ظل طوال القرن التاسع عشر وبعضا من القرن العشرين متفاوتا بين إشارات وملاحظات جزئية وانطباعات عابرة، ومحاولات جادة للإبداع النقدي انطلاقا من ثقافة القوم، وتراكمها الفكري والأدبي.
وقد بدأت منذ مطالع القرن العشرين محاولات الاستعمار الفرنسي إخضاع موريتانيا على نحو مباشر وقد واجهه الشعب الموريتاني بمقاومة عسكرية وثقافية شملت مختلف أصقاع البلاد وشاركت فيها مختلف مكونات الشعب الموريتاني المسلم العربي الإفريقي، وباكتمال سيطرته على البلاد تماما منذ بداية الثلث الثاني من القرن العشرين أخذت البلاد تتشكل وفق بنية جديدة قائمة على الهيمنة الاستعمارية السياسية والعسكرية والنهب الاقتصادي وفرض الثقافة لفرانكفونية. ثم حدثت تحولات مختلفة إثر الحرب العالمية الثانية أدت إلى انطلاق حركات تحرر وطنية آلت في النهاية إلى حصول البلاد على استقلالها سنة 1960 وانطلاق مشاريع بناء الدولة، وبدأت الممارسة السياسية والبنيات الاقتصادية والاجتماعية تعرف تغيرات حقيقية.
ولم تكن البنية الثقافية ومنها النقد الأدبي بمعزل عن هذه التحولات الجوهرية.
وإذا كانت ظلال الخطابات النقدية التقليدية السالفة بقيت مؤثرة في المحاولات النقدية الجديدة، فإن قيام الدولة، والانفتاح على الوطن العربي وغيره قد فعلت الفعل الأكثر حسما في ميلاد النقد الحديث في موريتانيا، وتنوع مشاربه وتشعب تياراته، وتفاوت قيمته، وتراوحه بين نقد ينصب على الشعر ظل يحظى بنصيب الأسد إلى قريب من عقد من الزمن ونقد ينشغل بالسرد اقتطع من سابقه مساحة لا بأس بها انعكاسا لتنامي تعاطي الأجناس السردية بين أوساط الكتاب والمتلقين، وإن على نحو لم يظهر بعد أنه يزاحم مكانة الشعر أو يقوضها تقويضا.