نوافذ (نواكشوط ) ــ ورد في منشوري الأخير عن الأستاذ فوزي بشرى اسم عالم سوداني من علماء العرب المشهود لهم بطول الباع في اللغة والأدب هو الدكتور عبد الله الطيب المجذوب ..
الاسم الذي عندما يذكر يقفز إلى ذهن القراء والأكاديميين العرب كتابه (المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها) .
وهو الكتاب الذي قدمه و أشاد به عميد الأدب العربي طه حسين يومها واعتبره فتحا جديدا في الدراسات الأدبية خاصة في جانبها الصوتي .
كان المجذوب موسوعيا ... متشبعا بالثقافة العربية الإسلامية والثقافة الأوروبية وتحديدا الأدب الانجليزي وتاريخ الأديان .
أحب المجذوب الشناقطة كثيرا وكان دائم الاستشهاد بعملهم وتصوفهم وحكاياتهم الكثيرة .
يقول المجذوب : " إن سبب الأدبية بمصر.. قدوم العلماء الشناقطة من الغرب.. وقد سئل العلامة محمود التيشيتي أحد شيوخ الإمام المهدي.. صاحب الطريقة المهدية بالسودان وكان المهدي يجله ويحمله على عنقه.. سئل : هل أعلم أنتم الشناقطة أم المصريين ?
فقال : إذا كانت الشموع متقدة فإنهم يتذاكرون معنا .. أما إذا أطفأت الشموع فهم بلا فائدة... وقد قصد بذلك أنهم يعتمدون على الكتب والمراجع بينما يحمل الشناقطة علومهم في صدورهم.. وذلك عين نعت الأمة المحمدية في العهد القديم : (إنهم يحملون أناجيلهم في صدورهم)".
كما رسخ المجذوب هذا الاهتمام بالشناقطة وأدبهم في نفس زوجته الناقدة جيرازالدا الطيب .. والتي ربطت بين غرفة مصطفى بطل رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) للطيب صالح وبين غرفة محمد صالح الشنقيطي ومدى التشابه بينهما من حيث فوضوية رص الكتب على الأرض ونمط ترتيب البيت نفسه.
كان المجذوب عالما موسوعيا بحق وقد دارت مؤلفاته بين تفسير القرآن والأدب والتاريخ ... كما مارس التدريس في عدة جامعات أوروبية وعربية.
ومن أهم مصادراته الفكرية التي أثارت ضجة في منتصف التسعينات تلك المتعلقة بالنجاشي وبالحبشة التي هاجر إليها المسلمون.
فهو يرى أن الحبشة التي هاجر إليها المسلمون في أول ظهور الإسلام ونزلوا فيها على النجاشي ليست هي الحبشة المعروفة اليوم.
فمنطقة أديس أبابا لم تدخل في ملك الدولة الإثيوبية الحديثة إلا في أيام (منليك) أو قبله بقليل.. ويستشهد على صحة كلامه بما جاء في سيرة ابن هشام.. وفي الحديث الشريف حيث يروى عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن النجاشي حاربه نجاشي آخر وكان بينهما عرض النيل وأن الزبير بن العوام نفخت له قربة فعام ثم عاد فأخبر جعفر بن أبي طالب وأصحابه أن نجاشيهم قد انتصر على خصمه..
يضيف عبد الله المجذوب أن هذا الخبر يدل على أن الحبشة التي هاجر إليها الصحابة فيها نيل عام وحبشة آكسيوم أنهارها سريعة الجريان رهيبة جارفة لا يقدر على السباحة فيها .
فالهجرة بحسب استنباطه قد تكون إلى بلاد السودان الحالية وليس إلى الحبشة الحالية.
وقد نشر الطيب هذا الموضوع المثير في مجلة مجمع اللغة العربية - الجزء 80 - القسم الأول- ص 183 نوفمبر 1996.
هذه نبذة قليلة عن المرحوم عبد الله الطيب المجذوب .. العالم الموسوعة الذي أحب الشناقطة حبه للعلم وأهله.
من صفحة الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله