نوافذ (نواكشوط ) ــ كان إمام التابعين عامر بن شراحيل الشَّعْبي رضي الله عنه، ممن خرج مع الأمير المطاع حفيد أخت الصديق رضي الله عنه، نجل ملوك كندة: عبد الرحمن بن محمد ابن الأشعث ابن قيس الكندي، في ثورته ضد الحجاج بن يوسف، التي سُميت ثورة القرّاء..
ضاقت على الحجاج الدنيا، وكاد أن يزول ملكه، وهزمتهُ الثورة مرات، وعاين التلف وهو ثابت مقدام، إلى أن انتصر، وتمزق جمع ابن الأشعث..
فشلت ثورة القرّاء - وهم أهل القرءان والصلاح - وانقلبت فتنةً عظيمةً، قتل فيها خلق كثير، وأخذ الحجاج في تصفية بقية الثائرين..
توارى الشَّعبي مدَّة، ثم خرج متخفيا في الغزو مع قتيبة بن مسلم، إلى أن أمْلَى لقتيبة كتابا إلى الحجاج، فعرف الحجاج منطقه، وطلبه ليقتله - وكان أنعم عليه قبل خروجه ثائرا - فلما أُوقِفَ بين يديه، قال: "أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، أَحْزَنَ بِنَا الْمَنْزِلُ، وَاسْتَحْلَسْنَا الْخَوْفَ، فَلَمْ نَكُنْ فِيمَا فَعَلْنَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلَا فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ، فَهَذَا أَوَانُ حَقَنْتَ لِي دَمِي، وَاسْتَقْبَلْتَ بِيَ التَّوْبَةَ"، فَقَالَ الحجاج: لِلَّهِ دَرُّكَ، قد فعلت، وعفا عنه..
قُلْتُ: وافق حسنُ الاعتذار مع الاعتراف بالخطأ، ممن فشلَ، حسنَ القبول، لدى من غلبَ، فحصل حسنُ المخرج، وسلمَ للأمة وعاء من أوعية علمها، فهل يحدثُ..؟..