نوافذ (نواكشوط ) ــ كما تكونوا يولى عليكم :
ان هناك علاقة جدلية بين رجل الدين والعوام من الناس , فهم متأثرون بفتاويه وتوجيهاته وعظاته , وهو متأثر ومنفعل بآرائهم وعاداتهم وتقاليدهم فهو ابن المجتمع متشرب الى النخاع والى الجينات بكل ما هو موجود في المجتمع ,
لقد شغل موضوع الزواج بالجنيات مدوني الفيسبوك هذا الاسبوع – ولم يشغل بالهم صيام الاف من الاخوة الفلسطينيين واحدا واربعين يوما عن الطعام وتدهور حالتهم الصحية –
كما لم يشغل بالهم موت المئات من اخوتنا في اليمن بمرض الكوليرا – ناهيك عن موت المئات يوميا في العراق واليمن وسوريا في حروب غبية – بين الاخوة بتحريض خارجي ؟
لقد كان السؤال الذي طرح على فضيلة الشيخ لا مكان له من الاعراب فلا مبرر له ولا فائدة منه – إن الشيخ مثله كمثل المعلم او الاستاذ فاذا كان يشرح قصيدة او يحل معادلة او يرسم خارطة او يحلل قانونا او دستورا في الرياضيات او الفيزياء وساله احد طلابه سؤالا لا فائدة منه – أعليه ان يجيب عليه ؟ اتساءل !
ان هناك آلاف المسائل الدينية عن الطهارة والزكاة والصلاة والميراث والحج وعلاقة الرجل بالزوجة والاولاد – والحاكم بالمحكوم والعكس – وعلاقات الجوار – وعلاقة الانسان بما حوله من بيئة انسانية او حيوانية او نباتية – وعن العمل الحلال والعمل الحرام – وعن الفساد والرشوة – وعن الضمان الاجتماعي في الاسلام – وعن بر الوالدين – وعن العطف على الصغار واحترام الكبار هذه الفضيلة التي كانت متجذرة في المجتمع الموريتاني وبدأت تضمحل رويدا رويدا – وعن ضرورة محاربة الانهيار الاخلاقي الذي تسببه كثير من الاقنية الفضائية الموجهة لشبابنا لتدمر قيمهم واخلاقهم – ومعالجة مشاكل المجتمع التي لاتعد ولاتحصى من طلاق وغيبة ونميمة وفتن وسرقة وربى واحتيال تحت مسميات لا حصر لها ......واستطيع ان اورد امورا مجتمعنا بحاجة لها من الآن وحتى ساعات أخرى –
لو كنت بدلا من فضيلة الشيخ لقلت للسائل هل حللنا كل مشاكلنا مع الانس لندخل في مشاكلنا مع الجن ؟
كما انني اريد ان اعرف آية من القرآن الكريم تحدثنا عن زواج بين الانسان والجان دون الدخول بالتفاصيل ؟
لقد ادخلنا الخرافة والقصص الخيالية مع الدين وانتجنا ناتجا جديدا يستند الى فكرة وجود الجن التي لا يمكننا نكرانها كمسلمين – لكن ليس الى درجة ان يحل للرجال الزواج من الجنيات ويحرم على النساء التزوج من الجنيين ؟
اعتقد ان الموضوع اصلا لا يحتاج ان تضيع من اجله دقائق من تفكيرنا لانه مضيعة للوقت - مفسدة للتفكير – مضرة حتى بالدين
نفسه ؟
ان مجتمعنا بحاجة الى كثير من العمل في شتى مجالات الحياة وليعمل كل الناس بدءا من علماء الدين وانتهاء بعلماء السياسة ومرورا بكل اشكال العاملين في الوطن – ليعملوا الى محاربة مواطن الخلل – وتعميق مواطن الصواب وبناء مجتمع يتماشى مع التقدم الحاصل في كثير من دول العالم !