نوافذ (نواكشوط ) ــ العنوان الأصلي للتدوينة : الرئيس .. والاعلام ..
عزيز هو أكثر الرؤساء الموريتانيين هوساً بالظهور الاعلامي ... وهذا يعني عدم اعتماده على مستشاريه الاعلاميين وأغلبيته السياسية في إيصال خطابه ودعايته الرئاسية ..
والمتابع لخرجاته الصحفية سيكتشف أن الرجل لا ينسق مع خليته الاعلامية، وذلك من خلال عدم تجاوبه مع بعض الاسئلة (التطبيلية) التي طرحها بعض الصحفيين عليه ظنا منهم أنهم يفتحون له بابا كان مغلقا .. ويمنحونه سببا لتعلميع نفسه ونظامه...
فيأتي رد الرجل مغايرا لغاية طارح السؤال ومن حرروه له .. يتشنج وتكون النتيجة عكسية على السائل وعلى الإجابة .. (حدث ذلك في نواكشوط ونواذيبو) ..
عدم ثقة عزيز في خليته الاعلامية وفي الاعلام بشكل عام ليست جديدة، فبغض النظر عن الصورة السيئة والنظرة الدونية التي احتفظ بها عن هذا المرفق أيام عمله في نظام ولد الطايع، فإنه أيضا اصطدم بالصحافة عشية الانقلاب وخلال المرحلة الانقلابية، حيث روج الاعلام آنذاك صورة سيئة عن الرجل جعلته أقرب الى جنرال مستبد من جنرالات جمهوريات الموز .. ( النظارات السوداء والقسمات الحادة و القسوة واللا مبالاة .. )..
في أول لقاء لنقابة الصحفيين مع الرجل بعد أن أصبح رئيسا، لم يستطع - وربما لم يحاول- إخفاء غضبه وحنقه على الصحفيين أنفسهم .. وبدا ذلك في طريقة مصافحته، وملامح وجهه الحادة .. وسيل الاتهام الذي وجهه لقطاع الصحافة الموريتانية بشكل عام .. والذي لا شك أنه كان صادقا في بعضه وجانبه الصواب في البعض الآخر ..
تحدث يومها عن أشياء كثيرة، واستمع لكلام كثير يختلف أصحابه في المشارب والمطامح ... وما لفت انتباهي أن مصافحته وملامح وجهه كانت أكثر ودية وسماحة عند الوداع منها عند اللقاء ...
وأهم ما خرجت به النقابة يومها من عنده مجموعة وعود، ورزمة رفض أبرزها رفضه لزيادة 60% على رواتب الصحافة الرسمية و التي قررها كل من الرئيس اعل ولد محمد فال 50% والرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله 10% .
اتخذ عزيز من الاعلام مطية لتسويق نسخته من الديمقراطية عندما حرر الفضاء السمعي البصري وبدا للعالم أن موريتانيا بلد الحريات الصحفية من خلال الترخيص لعدة قنوات وإذاعات ( لا يهم قيمة ما تقدمه من اعلام) .. نجح في تسويق تلك الفكرة .. ثم اتخذ من الاعلام الرسمي وسيلة لتوجيه رسائله الخاصة ورسائل مواليه، تاركا جزء من فتات الوقت لمعارضيه ..
شخصيا استطيع القول إن الرجل تمكن بذكاء من توجيه الاعلام لصالحه .. ولصالح صورته خارجيا كرجل حريات اعلامية شهدت له بها منظمات دولية بغض النظر عن مدى مصداقيتها أو قيمتها ...
ما زال عزيز مهووسا بالظهور الاعلامي خارجيا وداخليا.. وقد نجح في ذلك متجاوزا عقدة الخطابة وسلامة اللغة .. بل إن حربه مع معارضيه اللغويين جعلته كمن يتعمد تعذيب كل علماء اللغة عربا وفرنسيين .. لا يهم .. المهم أنه قال كذا وفعل كذا .. ولا مشاحة في الاصطلاح...
من صفحة الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله