ينعقد إجماع قادة الإخوان وساستهم في هذه الآونة على عدم مشروعية تعديل الدستور من وجهة النظر القانونية والمنطقية، حسب اجتهاداتهم. والغريب أن هذا الإجماع لا يندرج في سياق موقف تتبناه الحركة مع أو ضد تعديل الدستور (وهو حق مكفول لهم)، بل يتجاوز ذالك ليأخذ شكل حكم جازم بعدم جواز المساس بوثيقة الدستور. وهذا السلوك الإستثنائي ـ حتى لا أقول الشاذ ـ يطبع مواقفهم عادة من القضايا المطروحة للنقاش والتصويت. فعوض الإصطفاف الديمقراطي، وتبني موقف مؤيد أو معارض لقضية ما، تجد هذه الجماعة تصدر حكمها الجاهز بمنع ما تعارضه، وبوجوب ما تؤيده!
ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل تراهم يلبسون القضية الواحدة لبوس الوجوب والإستحسان ثم يحرمونها في موسم آخر حسب مصالحهم وتوجهاتهم.
وبغض النظر عن موقفي الشخصي من التعديلات الدستورية التي تدعو إليها بعض أطياف الطبقة السياسية الوطنية، فإني أستغرب التناقض بين مواقف وفتاوى جماعة الإخوان بشأن هذه التعديلات وبين موقفهم من تعديل الدستور سنة 2006.
إن قولهم اليوم بأن القسم على المحافظة على الدستور أمر يمنع المساس به سبقه قولهم بأن القسم على احترام الدستور غير ملزم باعتباره من الضرورات.
وقولهم إن النواب لا يملكون الحق في التصويت على تغيير الدستور سبقه قولهم إن النواب الذين ينوبون عن الناس عملهم مشروع وأن أمرهم ماض في من وراءهم.
لقد أجمع علماء وساسة هذه الجماعة على مشروعية تعديل وثيقة الدستور سنة 2006 حين كان ذالك يخدم توجههم في تلك المرحلة. فأفتوا بأن رأي الأغلبية معتبر شرعا وعرفا، وأن العدل يقتضي الرجوع إليها. وأنه على الأقلية أن تتنازل ولو مؤقتا، ولو كانت ترى أنها على حق، وأن تعود لرأي الأكثرية. فهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. لأن الإجماع في كل مسألة من المتعذرات. وإذا وقع الخلاف فما عليه الأكثر فهو المعتبر.
هكذا كان موقفهم من الدستور قبل مدة، وهكذا سوغوا لنا تعديله، حتى أوصلوه درجة المستحب بل الواجب. واليوم يحرمونه علينا! فبأي قوليهم نأخذ؟ بالأول أم بالأخير؟.
تابع موقف الإخوان المؤيد لتعديل الدستور قبل مدة من خلال الروابط التالية:
https://www.youtube.com/watch?v=llq_5268lEY&feature=youtu.be
عبد الله ولد محمد لوليد