عدت إلى المنزل مساء بعد يوم مجهد من العمل، حيث كنت طيلة فترة الدوام –طواعية-خارج التغطية. و بعد أخذي قسطا من الراحة، ركنتُ –كعادتي- إلى فضاء مارك الساحر و بدأت أتصفح ما تتفتق عنه قرائح المدونين...
و كان مما استوقفني و أثار انتباهي تدوينتان لكاتبين شهيرين أجلهما و أحترمهما، و كثيرا ما أقرأ لهما، هما :الشيخ معاذ بن سيدي عبد الله، و حبيب الله ولد أحمد.
كتب الصحفي الأديب الشيخ معاذ عن ما سماه (بفضائح تترى)، و كتب الطبيب المدون حبيب متسائلا: (عن أية حصيلة رقمية سيتباهى بها رئيس الحكومة المهندس يحي ولد حدمين؟)...
و قد ذكرتني هاتان التدوينتان الطعان و قد كنت ناسيا..
و ما كنت لأترك الفرصة تمر دون أن أرد عليهما و لو قصرت عن ذراعيهما ذراعي ، و ضاق عن باعيهما باعي .. و لكن لا بد مما ليس منه بد فلو ترك القطا ليلا لنام!..
الموضوع المشترك الذي كتب عنه المدونان هو خطاب معالي الوزير المهندس يحيى ولد حدمين أمام البرلمان، و لغة الأرقام التي تحدث بها فيه..
و إن كان الخطاب و معطياته و أرقامه أبين من فلق الصبح !! فإن أعظم ما يحزنني و يحز في نفسي هو ما تتخبط فيه نخبتنا المثقفة من فشل ذريع في أفانين الخطاب و التدوين، و ضعف واضح في أسلوب الإقناع و الحجاج!
فعن أية مسؤولية تتحدث يا (شيخ)؟!، و عن أية (فضائح)؟!
قطعت بلادنا في الفترة الأخيرة أشواطا لا يستهان بها على الصعيد الدبلوماسي ، لم يعد معها بإمكان المرجفين من أهل المدينة سوى البكاء و الحنين إلى عهود الفساد القديمة. و لم تعد مهنة بيع الجوازات الدبلوماسية متاحة لمن أدمنوها في السابق.
لم يعد -مع العهد الجديد- في وسع بعض المعارضين الفاشلين التأثير على قناعات الشعب، و لم يتبق لديهم من سلاح غير تأجير أقلام بعض المثقفين و أشباههم للتشويش على ركب التنمية و قطارها السائر دون كلل أو ملل..
أفلا تعد تلك المهن القديمة فضيحة كبرى؟؟!.. أو لا يعد الارتهان للمعارضين المفلسين الذين أبعدهم فشلهم و فسادهم و كبح جماح مطامحهم الهدامة إلى أعالي البحار...ألا يعد ذلك فضيحة من أكبر الفضائح و أشنعها؟!!
لا يحتاج خطاب معالي الوزير إلى من يدافع عنه، لأنه باختصار شديد عبارة عن أرقام تتكلم تصدقها إنجازات كبرى على الأرض ستظل شاخصة أمام المبصرين المتنورين، و شوكة في مقل المشككين المشوشين،و قد تخفى على من أصيبوا (بعمى الأرقام).. و عمى الألوان..و عمى الأشكال!!
لأنهم ببساطة كبروا ضعافا في الحساب، و لا قبل لهم بحل و بسط و تفكيك معادلات التنمية الشاملة، لا من الدرجة الأولى و لا الثانية!
لا عيب في الخطاب الوزير الأول سوى أنه ذكر البرامج التي تم الإعداد لتنفيذها منذ سنة خلت، ثم جاء مفصلا نتائج تنفيذها تفصيلا بينا جليا تعضده الأرقام و المعطيات الحقيقية التي لا ينكرها إلا مكابر، و لا يجحدها إلا مداهن. ومن المعروف في المنطق – الذي يجهله هؤلاء كما تجهله (الأخبار)- أن تفسير الحجة يقتضي الإتيان على ذكرها من جديد قصدا للبيان و التوضيح و التعليل.
العيب كل العيب هو في فساد من يفترض أنهم نخبة الرعية، و ارتهان أقلامهم للطامحين إلى تشويه صورة البلاد في الداخل و الخارج، الذين يحنون إلى إحياء عهود الفساد المبطن بعد أن نجحت الحكومة في استئصال شأفة أساطينه و أباطرته..
عن أي كذب، و عن أي وهم، و عن أية عنتريات تتحدث يا (حبيب)؟!!
ألم يكن حريا بك البقاء بعيدا منصرفا إلى عقاقيرك و أدويتك و مرضاك و نقابتك و مساعيك الإنسانية؟! بدل أن تقحم نفسك و تحشر قلمك في شأن أنت أدرى من غيرك أن ما تكتبه فيه لا يعدو كونه تمثيلية باهتة في مشهد مسرحي خافت كتبت حواراته في مخادع (التكتل)..ثم تكومت بعد رجات (المونولوج الداخلي) حتى تكومت بالونا هوائية قزحية الألوان ما تفتأ أن تنفجر بعد ارتطامها بجدار الحقيقة الصامد الذي بنته سواعد المخلصين من قادة هذه البلاد و خيرة نخبها...
إن الصورالمتشائمة المظلمة التي تسودون بها صحائفكم مع بزوغ كل فجر جديد، ليست موجودة إلا في مخيلتكم و ذهنيتكم التي تأبي أن ترى أكثر من الظلام!!
إن من لا يرى ما يراه الشعب أغلبه من تنمية و نهوض و تطور و قفزات نوعية على صعيد التطور و النماء، يصدق عليه المثل المحلي :(بإمكانك أن تدخل الحمار في الماء، لكن ليس بوسعك أن ترغمه على الشرب منه!).
تحياتي و خالص مودتي
علي المختار اكريكد