كشف وزير الاقتصاد والمالية السيد المختار ولد اجاي اليوم عن الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية الأصلي لسنة 2017 خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الخاص بالتعليق على نتائج اجتماع مجلس الوزراء.
واستعرض الوزير الظروف المحيطة بإعداد هذا المشروع، حيث أنه يأتي في وقت بدأت خلاله استيراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك 2017ـ 2030 التي تعدها الحكومة تدخل مراحلها النهائية، والتي تتضمن الرؤية الاستيراتيجية التي تقترحها الحكومة لتنمية البلد خلال 15 سنة القادمة.
وأوضح الوزير أن مشروع القانونية الجديد يأخذ بعين الاعتبار أهداف هذه الاستيراتيجية التي تقوم على ثلاث محاور هي:
1ـ تحقيق نمو سريع وشامل ودائم للبلد، يخلق فرص عمل ويسمح بتوزيع عادل للثروة، مما سيقلص الفقر، ويكون هذا النمو دائم ويأخذ بعين الاعتبار المقومات الأساسية لاقتصاد البلد ويعتمد على القطاع الخاص.
2ـ تكوين كادر بشري قادر على خلق هذا النمو السريع، وتمكين السكان من الوصول للخدمات الأساسية خصوصا الفئات الهشة.
3ـ وضع آليات ونظام حوكمة شفافة تأخذ بعين الاعتبار ضروريات الحكم الرشيد التي هي الضمان الأساسي لتحسين التسيير في البلد.
وقال الوزير إن مشروع قانون المالية الجديد يأتي في ظل ظرفية اقتصادية تتميز بتباطئ النمو سنة 2016 على المستوى العالمي حيث أنه لم يصل إلى المعدل المتوقع 3.4%، آخر التقديرات تعطى 3.1 %، ومرد ذلك إلى تباطأ نمو الاقتصاد الأمريكي الذي لم يصل للمستوى الذي كان متوقعا، كما عانى الاقتصاد الأوربي بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد، وأخيرا أن إعادة توازن الاقتصاد الصيني لم تؤتى أكلها حيث أن معدلات النمو لم تصل إلى ما كانت عليه قبل سنتين.
أما في منطقتنا الإفريقية فإن أكبر اقتصاديين إفريقيين ( جنوب إفريقيا و نيجيريا) دخلا في مرحلة ركود سنة 2016، حيث لم يتجاوز الاقتصاد الجنوب إفريقي معدل نمو 0.1%، بينما تراجع النيجيري بنسبة 0.7-%.
أما الاقتصاد الوطني فسينمو سنة 2016 حسب التوقعات ـ لأن هنالك بعض القطاعات لم تحين المعلومات الخاصة بها ـ بنسب تتراوح مابين 3 إلى 5% وهذا مؤشر جيد على أن الاقتصاد بدأ يتعافى من صدمة هبوط أسعار المواد الأولية التي عرفتها الأسواق العالمية سنة 2014، فمعدل النمو سنة 2015 كان في حدود 2% سنة 2016 التوقعات في حدود 3 إلى 5% ، سنة 2017 نتوقع معدل نمو 5%، معدل التضخم مسيطر عليه في حدود 1 إلى 1.3% ، عجز الميزانية سنة 2016 سيكون معدوما إن لم يكن هنالك فائض في حدود 0.4% حسب التوقعات.
بخصوص الأهداف الكبرى لقانون المالية الحالي:
1ـ تحقيق نمو اقتصادي 5%
2ـ أن يبقى معدل التضخم دون 2%
3ـ أن يبقى عجز الميزانية في حدود 0.4%
4ـ أن تبقى الاحتياطات من العمل الصعبة تغطى 6 أشهر من الواردات طيلة 2017.
وبين الوزير أن هذه الأهداف تم وضعها على أساس فرضيات أهمها، تنويع مصادر نمو الاقتصاد حيث أنها لم تعد تقتصر على عائدات المواد الأولية أو تقلبات المناخ.
حيث ينتظر أن تزيد شركة "أسنيم" من صادرتها لتصل إلى 15 مليون طن خلال السنة القادمة لأول مرة، بناء على التطور الكبير في الانتاج الذي حققته سنة 2016.
كما نتوقع ارتفاع الإنتاج في مجال الزراعة المروية بعد التطور الكبير الذي شهده هذا القطاع بناء ما تحقق من خلال قناة كرمسين والتي ستناهز المساحات المروية 29 ألف هكتار.
كما أن المصادقة على استيراتيجة الصيد السنة الماضية ودخولها التنفيذ بداية سنة 2016، مكنت من مضاعفة مداخيل الميزانية من هذا القطاع، ونعتقد أن هذه الدينامكية ستتواصل خصوصا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن السنة الأولى لهذه الاستيراتيجية قد تكون اعترتها بعض الهنات سيتم تجاوزها خلال السنة القادمة.
وأضاف الوزير أنه سيتم خلال هذه السنة إطلاق ثلاث إلى أربع مشاريع كبرى سيكون لها انعكاسات ايجابية على النمو، حيث يتوقع خلال نهاية شهر نوفمبر أو بداية دجمبر إطلاق ميناء "انجاكو" الذي سيخلق حركية اقتصادية وفرص عمل سيكون لها انعكاس ايجابي، كذلك استئناف العمل في ميناء "تانيت"، اضافة إلى مشروع المسجد الكبير الذي يسع 15 ألف مصلي والذي سحرك قطاع البناء والأشغال العامة على مدى السنتين القادمتين، كما أن هنالك مجموعة من الإصلاحات ستنعش القطاع الخاص مثل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، إضافة إلى خارطة الطريقة في ميدان تحسين مناخ الأعمال التي ستمكن من جذب استثمارات الجديدة وستدفع بحركية القطاع الخاص.
وقال الوزير إن مشروع قانون الميزانية الأصلي لسنة 2017 ستتوازن فيه المداخيل والمصاريف عند المبلغ 461.4 مليار ويمكن أن تطرأ عليه تعديلات طفيفة في حدود 100 إلى 200 مليون.
وأوضح أنه يزيد على قانون المالية الأصلي لسنة 2016 بـ 10 مليارات( 2.28%ـ) لكنه ينقص عن القانون المعدل بـ 1.8 مليار الذي أخذ بعين الاعتبارات نفقات القمة العربية التي هي غير متجددة.
وبإضافة نفقات الاستثمار الممولة على موارد أجنبية ـ يقول الوزير ـ سيصل مشروع القانون إلى 603 مليارات مما يعني زيادة 15.2 مليار عن قانون المالية الأصلي 2016، وينقص عن قانون المالية المعدل بـ 3 مليارات.
وقدم الوزير تفاصيل الموارد في مشروع القانون، حيث قال إن الموارد الداخلية في حدود 473 مليار، بينما وصلت الموارد الخارجية المتأتية من مساهمات شركاء التنمية 142 مليار حيث أنها تزيد بـ 5 مليارت عن السنة الماضية، وتتضمن 87 مليار قروض بشروط تفضيلية، 47 مليار هبات، 7.8 مليار شبه هبات.
أما الموارد الممولة على موارد داخلية فتشمل إيرادات ضريبة تصل 320 مليار بزيادة 8 مليار عن السنة الماضية، الإيرادات غير الضريبة 92 مليار السنة الماضية التي كانت في حدود 87.5 مليار، منح الميزانية والدعم الميزانوي في حدود 26 مليار، أما السنة القادمة فنتوقع 17 مليار، ويعود هذا الانخفاض إلى أن هذه المنح تضمنت مساعدات من بعض الدول العربية بشأن القمة العربية ولن تتكرر.
أما حسابات الخزينة الخاصة هذه السنة فإن حساب فائض سعر المحروقات نتوقع أن يصل الى 25 مليار أقل من مستواه السنة الماضية بـ 20 مليار، الاقتطاع من حساب النفط بحدود 15 مليار أقل من السنوات الماضية حيث كان يسحب منه حوالي 20 مليار.
بخصوص النفقات قال الوزير" سنواصل سياسة ترشيد هذه النفقات في مجال السلع والخدمات، وتوجيهها للإدارات والمصالح التي هي اقرب للمواطن ، كما سنواصل تنقيح الكتلة الأجرية، والتأكد من أن من يتقاضى رواتب على حساب ميزانية الدولة هم عمالها فقط، ومن يزاولون العمل بشكل فعلي رغم أننا لم نصل إلى هذه المرحلة ألا أننا نسير إليها، وكذلك يتقاضي الموظف راتب واحد فقط".
في مجال الاستثمار أكد الوزير أن التوجه أن تكون هذه الميزانية موجه إلى استثمارات ملموسة ولا يتم تحويلها لجيوب خواص، وان تكون هذه المشاريع التي وجه إليها الاستثمار ستحسن من الحياة اليومية للمواطنين ، وقد وصلت هذه الميزانية هذه السنة إلى 116 مليار حيث تم تخفيضها بـ 8 مليارات بعد غربلتها، ولأول مرة سيتم تحديد المشاريع الموجه إليها وتحديد هذه المبالغ، فمثلا أكثر من 100 مليار من هذه الميزانية يمكن تعداد المشاريع الموجه إليها، وهي حوالي 30 مشروع منها 5.4 مليار لتشيد طريق أطار ازويرات، طريق كيهدي مقامة 3.3 مليار ، إكمال طريق اطار تجكجة 3 مليارات، كيفة بومديد 3 مليارات، المذرذرة اركيز 2 مليار، 1.6 مليار مقطع بنشاب الطريق الوطني 1، نفس الشيء في مجال الإسكان، التعليم...
وسيمكن هذا االجراء الجديد من متابعة هذه المزانية من طرف النواب وحتى المواطنين كما أنه سيسهل عمليات التفتيش.
وخلص الوزير إلى أن مشروع قانون الميزانية الأصلية لسنة 2017 يتميز بأن فائض الميزانية (14.7 مليار) يوازي العون الأجنبي، مما يعني أن الحكومة بتوجيهات من فخامة رئيس الجمهورية أصبحت قادرة على تمويل النفقات دون الحاجة إلى العون وإذا حصل هذا العون ف فإنه سيسجل كفائض يعزز ويفتح آفاق جديدة لمشاريع تنموية جديدة.
وفي رده على أٍسئلة الصحافة نفى الوزير بشكل قاطع أن تكون الحكومة تتجه إلى تخفيض العملة الوطنية مؤكدا أن البلد لم يوقع أي اتفاقية مع البنك الدولي في الفترة الأخيرة وحذر من خطورة هذا تسريب هذا النوع من المعلومات لأنه يمثل جرائم اقتصادية حيث أنه قد يتسبب في إفلاس شركات ورجال أعمال وما يترتب على ذلك أضرار كبير تصيب بعض المواطنين.