اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي أخيرا إثارة في هذا المنكب القصي بحدث كان يمكن أن يمر دون أن يثير هذه الضجة الصاخبة والزوبعة الهائجة ،وفعلا تجاوزت بعض الأقلام حدود المسموح إن ذات اليمين أوذات الشمال، ولا يجد المطلع على بعضها إلا أن يولي فررا.. أو يمتلئ رعبا.
وفي هذا السياق أسجل الملاحظات التالية فيما يتعلق بتكريم اتحاد الكتاب والأدباء الموريتانيين للإعلامي محمد العرب ..وطبعا هي ملاحظات من خارج الدائرة لأنني لست عضوا في هذا الاتحاد كما يعرف "الاتحاديون"
كتب الله أن يكون أبناء هذه الأرض كرماء وهبهم الله بسطة في السخاء والجود قل نظيرها ..فخيام الجميع مفتوحة من الجهات الأربع تستقبل ضيوفها وتقدم لهم ما تيسر من القري قبل أن تحقق في هوياتهم ولا تعد ولا تحصي حينما يتعلق الأمر بالكرم والضيافة والمروءات كأنما يتبنون قولة القائل:
منزلنا رحب لمن زاره.. نحن سواء فيه والطارق
وكل ما فيه حلال له .. إلا الذي حرمه الخالق
.يتأكد ذلك القرى وذلك الترحيب حينما يكون الضيف من بني جلدتنا ويظهر الوداد والمحبة.. والله يتولى السرائر..ومن هنا فإن أي موريتاني من حقه أن يستضيف من شاء وأن يكرمه ما وسعه الجهد.. وليس استقبال وتكريم الأخ الإعلامي محمد العرب بدعا من ذلك
وبما أن الأخ الإعلامي محمد العرب أظهر الحب لموريتانيا في وقت أدار لها فيه البعض ظهور الأخوة والمحبة، فحري بكل منا أن يشكره وأن يحييه وله الحق أن يستضيفه.. وهذا من باب رد التحية بمثلها أو أحسن منها، ورد الجميل
لكن ينبغي أن يكون ذلك في سياق مقنع ومقبول... فلو افترضنا مثلا أن إحدى الروابط الصحفية أو المؤسسات الإعلامية قدرت أن الإعلامي محمد العرب قدم خدمات جلى لموريتانيا في مجال عمله لكان من الطبيعي أن تحتفي به وأن تكرمه ولا مشاحة في ذلك ولا غضاضة فالرجل إعلامي ومراسل في إحدى القنوات العربية المعروفة.. ولو افترضنا أن ناديا أو منتدى للمدونين الموريتانيتن ارتأى أن يكرمه باعتباره مدونا سجل ملاحظات طيبة عن بلانا وكتب عنها ما يثلج الصدر ويعرف بها في غياهب هذا الفضاء الفسيح، لكان في الأمر ما يقنع ..ولرحبنا به كامل الترحاب
أما أن يتولى أكبر اتحاد أدبي في البلاد المهمة فذلك مناط الملاحظة ومحل التحفظ ،فالأستاذ ليس شاعرا معروفا وإخال أنني سمعته مرة قال إنه ترك الشعر منذ فترة، أو لم يتفرغ له وربما كان صادقا في ذلك، فنماذجه تحمل تعثر البدايات التي لم تنضج بعد ..كما أنه ليس كاتبا معروفا . نعم قد يكون متذوقا للشعر هاويا للأدب لكنه ليس محترفا .والاتحاد لا ينبغي أن يحشر نفسه فيما لايقنع أدبيا وليس مركزا لاستقبال الهواة، زد على ذلك أن هذه بداية النشاط المحمود الذي قرر الاتحاد أن ينظمه كل شهر. فهل يعقل أن تكون البداية مع إعلامي غير شاعر وغير كاتب بما تحمله الألفاظ من دلالة رغم احترامنا للرجل وثقافته .. والأكثر غرابة أن يتولى رئاسة رابطة أدبية تضم أدباء وشعراء بارزين ومعروفين في حين لما يستطع بعد هو أن يتبوأ تلك المكانة أو يقترب منها.. فتش هنا عن أمر غير الأدب والثقافة!
هل فعلا درس الاتحاد الموضوع بجدية ولم يجد اسما عربيا ساهم في نشر الثقافة الموريتانية أو بذل جهودا في سبيل التعريف بهذا البلد حضارة وثقافة ومجتمعا فتمخض البحث عن صاحب تدوينات عابرة فقط؟
أما وشاح التكريم فتلك نازلة أخرى فحسب البيان التوضيحي للاتحاد فإن التوشيح حمل ألوان علم الدولة المضيفة وألوان علم بلد الضيف المكرم..والواقع أن الإخوة لو دققوا النظر بتؤدة إلى تمازج الألوان لتحفظوا عليها لأسباب متعددة في طليعتها البعد الجمالي. علاوة على كونه كاد يتقاطع مع أعلام دول أخرى ..أو يحيل إلى الأزمة الداخلية بخصوص الألوان في العلم الوطني والأدباء يعرفون "أن السلامة من سلمى وجارتها ..أن لاتمر بواد حول واديها" ومن المسلم به عادة أن التوشيح يحمل رمزية البلد المضيف فقط.
ولو سلمنا الأمر جدلا وماهو بهين ..تبرز قضية أخرى .فالإعلامي محمد العرب لحما وشحما ولكنة عراقي المحتد والأصل وكان حريا بالمنظمين أن لايهملوا هذا الجانب، والقول بأن العراق الآن يعيش أزمات مختلفة وقد لا يكون العلم منسجما مع هوى الضيف أو المضيف حجة داحضة عند النظر .ففي بلاد الرافدين –ولي الشرف أنني عشت فيها ذات حول في أم الربيعين-من الرموز الحضارية ما يتجاوز الأزمة الطارئة.. وهل يعقل أن يتناسى الجميع هذا البعد في التكريم ويكتفوا بالجنسية المكتسبه مع احترامنا لها ولحاملها
تلك ملاحظات عابرة لا تصل درجة التطاول على الضيف ولا تبخس الناس أشياءها، لكنها بعيدا عن التجريح والقيل والقال تحاول أن تضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بتكريم الاتحاد للإعلامي محمد العرب بصراحة.
وإذا كانت حملت من العتب ما تبدى، فإن عاشق موريتانيا وعاشقي عاشق موريتانيا يدركون أنه عتاب الود.. ويبقى الود ما بقي العتاب .. وعلى أية حال سنردد مع شاعرنا الكبير المختار السالم ولد أحمد سالم.. "قد يغفر الله للعشاق ما اقترفوا". والسلام كما بدأ يعود.
من صفحة الأستاذ والشاعر أحمد أبو المعالي