في موريتانيا كان الجهاد ضد فرنسا بتمويل ورعاية من المغرب؛ وتحت عيون مغمضة من الاستعمار الاسباني الذي ينطلق المجاهدون من أرضه في الغالب؛ ونسبة كبيرة من أحفاد الذين حملوا السلاح ضد فرنسا صاروا مواطنين مغاربة أو صحراويين أو اصبنيوليين معززين مكرمين هناك وأصولهم الموريتانية محفوظة؛ ولا يذكرون "موريتانيتهم" إلا مجاملة؛ وقد انضم إليهم بعض الأطر الموريتانيين قبيل استقلال موريتانيا؛ ليطالبوا بضم موريتانيا للمغرب؛ حتى إن بعضهم ألف وكتب وخطب في ما سمي حينها "مغربية شنجيط"
وحين تفاهمت اصبانيه وافرانصه عام 1934 خمد الجهاد ضد فرنسا وسكتت المدافع ونزع السلاح وسكن المجاهدون تحت راية اسبانيا بالصحراء الغربية وفي المغرب الجديد تحت راية الملك محمد الخامس رحمه الله؛ الذي طالب بموريتانيا حتى وفاته.
حتى إن آخر سلاطين الجهاد ضد فرنسا توفي رحمه الله في أرض خاضعة للاستعمار الاسباني.
وما إن تعزز الاستقلال الموريتاني واختط العقل الموريتاني الجماعي أرضه وعرضه وعلمه ونشيده؛ حتى حن بعض الأحفاد إلى أرض الأجداد ودخلوها معززين مكرمين ومايزالون وسيبقون.
وبقيت أسئلة محيرة من نوع:
- مادور التراجمة والمجندين الشباب في نشر السلم؛ وخلق وعي مبكر بأهمية السلطة في بلد أدمن بعض ساكنيه الخروج على القانون منذ الأزل؟
- لم لايتحدث التاريخ السياسي لشبه المنطقة عن معارك وجهاد و"مقاومة" ضد الاستعمار الاسباني؟
أم المهادنة وفقهها حلال على بعضنا حرام على الآخرين؟
- كيف يريد فدائيو التأريخ من شلة الرائد جيليي من الرئيس المؤسس المختار ولد داداه وجيله - رحم الله الأموات منهم وعمر الأحياء - أن يصفع الجنرال ديكول ويشتمه ويوثقه غداة الاستقلال؛ وقد هرب منه -متحرفا لقتال أو متوليا يوم الزحف أو ذكيا- أو استسلم له، أو كاتبه كل أو جل من ينشرون لوائحهم كشهداء حتى من الذين ارتقت أرواحهم حتف أنوفهم (دون قتال) ؟
- هل كان للمجاهدين في موريتانيا مشروع دولة؟ وماالذي جنينا كموريتانيين من فرنسا؟
- هل كانت موريتانيا قبل الاستعمار امبراطورية اسكندنافية ملئت حرسا وعدلا ؟
- هل الحركة الوطنية في موريتانيا - كما يدعي بعض شيوعيي الأمس- هي تلك التي لم تؤمن يوما بها أم التي ساهمت في بنائها؟
- من العميل حقا ؟ أهو العاق للآباء المؤسسين البار لغيرهم ؟ أم الذي بنى فأعلى في صمت وتؤدة، ليسكن أحفاد المغاضبين في أحدث مدينة شيدت على شاطئ الأطلسي ويمتشقون هاتفا ذكيا ليداعبوا لوحته بسبه وثلبه؟
- ما الذي تبقى للمؤرخين أصحاب الاختصاص بعد المدونين الأجلاء ؟
أسئلة إذا ملك المثقف الموريتاني الذي أنار الله قلبه أجوبتها ، لتمكن من فهم بعض جوانب المعارك التي يخوضها مقاومو الفيسبوك والمؤتمرات الصحفية الذين يوزعون الوعد والوعيد والولاء والبراء والأوصاف الطازجة والنيئة على مخالفيهم في قناعاتهم المشروخة وأفكارهم المشرخنة.
إسماعيل يعقوب الشيخ سيدي