فى الفيلم المصري (مَــعْلِيشْ احْنَا بِــنِــتْبَهْدِلْ)، الذي تم عرضه للمرة الأولى يوم 3 أغسطس 2005 ،يحاول بطلُ الفيلم (القَرْمُوطي) إقناعَ ابنه (القرموطي الصغير) بالعدول عن الهجرة إلى أمريكا، فيسرد له بعض "أمجاد" العائلة: (( لن ترحل عن وطنك يا بُني، فكل أجدادك عاشوا وماتوا ودُفنوا فى هذه الأرض، بعد ما رووها بدمائهم : جدُّك مات فى 1948، وخالُك مات فى 1956، وعمُّك مات فى 1967)).+=/+
ينبهر الشاب بحماس أبيه و يسأله: (( هل ماتوا شهداء يا أبي؟))، فيرد الوالد على الفور: (( لا...لقد ماتوا فى حوادث عادية، لكن العائلة اعتبرتهم شهداء)).
لقد حرَّفَ الوالد ماضي أسلافه فى حاضر أبنائه للتأثير على مستقبل أحفاده.
شخصيا،حفظت النشيد الوطني فى المدرسة الابتدائية منتصف سبعينيات القرن الماضي، وتغنيت به مرارا مع أترابي فى حفلات مدرسية و تخليدا لعيد الاستقلال، ورسمتُ علم بلادي بالأخضر والأصفر فى الدفاتر والألواح وعلى الطاولات و جدران الفصول.
وقناعتي أن أبخل البخلاء من يضن على شهداء المقاومة الوطنية – رحمهم الله- بخطَّيْن متوازيين فى أعلى وأسفل قطعة قماش صارت علَما للأرض التي دافعوا عنها ببسالة.
وأبخل البخلاء من يرفض التغني بأمجاد المقاومة - غير القرموطية- فى متْن نشيدنا الوطني.
وقناعتي راسخة رسوخ الجبال بأن الرئيس المرحوم المختار ولد داداه ما كان ليعترض على حُمرة فى لون العلم، وهو الذي تنازل عن فكرته الأصلية لعلم برأس جمل،حسب رواية دكتور متحمس لتعديل علم ونشيد أقرَّ بجهلهما ، على الأقل، حتى مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
نفس الدكتور الذي دافع "باستماتة" عن علم كله أخضر، وصلى صلاة الغائب على من أطاح بالعلم السنوسي ذي الشريط الأحمر، بخل – فى مرافعته المقاوماتية- بالترحم على الرئيس المختار ولد داداه، و السفيرين أحمد باب ولد احمد مسكه ومحمد سعيد ولد همدي، و الشيخ باب ولد الشيخ سيديا، وتحدث عنهم وكأنهم نكرات تُزاحم على موائد "الحوار الوطني الشامل".
أية منقصة فى استلهام جيل التأسيس ألوان علمنا من ألوان علم الثورة الجزائرية أو من علم جمهورية باكستان الإسلامية أو الدولة العثمانية !! هل كانت الثورة الجزائرية مقاومة قرموطية؟ أم كانت باكستان دولة شيوعية والدولة العثمانية دولة بوذية؟.
وهل كان الولي الصالح الشيخ باب ولد الشيخ سيديا – رحمه الله- مؤلف أناشيد أو شاعر بلاط حتى يتعصب لقصيدة حسمت جدلنا العقيم حول التغيير والتبديل :
فما كفى أولنا ******* أليس يكفي الآخرا؟
ما المانع – إذا- من تعديل النشيد والعلم ؟
و لماذا نحرم شهبندر التجار من مورد مالي جديد: صفقة تحمير علمنا و مداخيل رسوم استبدال أوراقنا المؤمنة المحمَّرة (مستخرجات سجل الميلاد، الجنسيات، بطاقات التعريف، الجوازات، عقود الزواج...)؟
لماذا لا نعتبر كل هذه الأموال مكافأة له على نهاية الخدمة؟