ها قد توالت بعد عام و نيف من المحاولات ، كل مرتزقة البلد و أشراره و مخربيه و منافقيه و متزلفيه ، و ناهبيه في حفرة جريمة “الحوار “..
أراذل البلد و مرتزقته كلها تنادت من كل حدب و صوب لتنحر البلد تحت قيادة معتوه جاهل تورط في كل جرائم العالم حتى لم يبق أمامه سوى أن يأخذ البلاد رهينة للاحتماء بطوابير الجياع و المرضى و المكلومين..
حزيبات الشنطة و ساكنة ممرات الإدارة و منعشو صالونات الشذوذ و مخبرو (لا مخابرات) إدارة الأمن و سماسرة وزراء و مدراء النهب ، يجتمعون في هرج الوحوش الضارية على جثة موريتانيا ليقرروا أفضل الطرق لبقائها رهينة لدى موزع الفتات عليهم .
كل السفارات الغربية رفضت حضور جلسة الافتتاح و أعلنت السفارة الأمريكية و الفرنسية لرئاسة المنتدى حسب معلومات مؤكدة، أنهما لا تعتبران أي حوار في موريتانيا لا يشارك فيه التكتل و إيناد و المنتدى …
منذ أزيد من عام و نحن نصرخ محذرين المنتدى من أي اتصال مع العصابة : كان من الواضح لدينا أنهم لا يريدون أي حوار مع المعارضة لأسباب أقرب من بسيطة : ولد عبد العزيز يريد تمرير جريمة الدستور و المعارضة لن تقبلها ، فأراد أن ينفذ جريمته بعد تمزيق المنتدى و هذا ما استجاب له مع الأسف، جناح المنتدى الرخو ؛ كان ما يقومون به يخجلنا فنلمح تارة و نصرح أخرى و نصرخ بأعلى أصواتنا في تارات أكثر : أيعقل أن يكون رجالنا العقلاء يلتقون في الكواليس المظلمة، حتى مع محسن ولد الحاج ، يتفاوضون معه على الحوار؟
نعم، لقد وصلوا مع الأسف إلى هذا المستوى من الاستعداد للإهانة، في حين كانوا يتظاهرون بالتقية و يطلقون التصريحات النارية أمام وسائل الإعلام.. و يعمرون مجالسهم بأن ولد داداه لا يريد المواجهة و لا يريد الحوار، كأن الرجل هو عقدة البلد الوحيدة..!
كانوا يتناسون كل ما فيهم من عيوب ، مبررين نواياهم بما ينسون أنهم يشتركون مع ولد داداه فيه بنفس القدر و للأسباب نفسها.
كان من حق هؤلاء الكامل أن يتذرعوا بمثل هكذا احتجاجات لو كانوا سلموا القيادة لأحمد ولد داداه و قالوا له نحن وراءك في كل ما تراه و تأمر به ، أما أن يقولوا “لا” لتسعين في المائة من أفكار الرجل في اجتماعات المنتدى (و هذا حقهم الكامل) ثم يحملونه مسؤولية ضعف أداء المعارضة ، فهذا فقط غير منصف : و لأننا لسنا أبرياء ، سنقول أيضا أن الحقيقة الحقيقية (التي تقولون إنها لا تقال و الكذب حرام) هي أن أضطراب أجندة الإسلاميين و قلة خبرتهم السياسية و غياب الرؤية لديهم (الناتج عن الخوف من ولد عبد العزيز و الطمع فيه)، كان وراء 90% من مشاكل المعارضة و قد استطاعوا أن يجروا البعض إلى تفكيك المعارضة من خلال حملتهم المتواصلة ضد التكتل و إيناد . و مثل هذه الأمور لا يمكن إصلاحها و تجاوزها (و هو المطلوب الآن) من دون الانطلاق من حقيقتها (التي لا تقال) : يعتقد الإسلاميون أنهم أذكياء جدا و هذا هو مكان غبائهم الأول و هذا بالضبط هو ما أسقط حزب اتحاد قوى التقدم قبلهم : متى كنتم أذكياء حين لعب بكم ولد عبد العزيز في داكار و في 2011 و 2013 و 2015 و 2016 ؟
هل هناك من هو أغبى من ولد عبد العزيز لنقيس ذكاءكم من خلاله؟
ألم يمرر بكم كل أجنداته و كل خططه البسيطة، المكشوفة للجميع؟
و كان باستطاعتكم أن تدخروا ذكاءكم لأمور أهم ، فما وقعتم فيه من أخطاء فادحة، هي سبب معاناة البلد اليوم ، لم يكن يحتاج إلى ذكاء ، فسكان البوادي كانوا ينتقدون تصرفاتكم و يشككون في نواياكم و يبدون حيرتهم من تناقضاتكم ، بنفس درجة السفراء و المثقفين و الصحافة!؟
لقد كان الواقع أذكى من الجميع و أوضح من الجميع و أفصح من الجميع ؛ و وحدهم من لا يريدون رؤيته هم من كانوا يتذاكون ، بحثا عن ذرائع ليس هناك من يلزمهم بها.
لم يكن في يوم من الأيام ، من مصلحتي أن أوجه لكم مثل هذا الكلام و لا أي موقف سلبي من أي منكم لأستهدفه لأي سبب كان ، لكن ما هو دورنا في هذه الحياة ، إذا كان واجبنا المقدس هو أن نطبطب على أيادي كل مخطئ و مزاج كل مغرور؟
تقولون لنا في الأخير “لم نستطع أن نفهم ما يريده ولد عبد العزيز” : أي ذكاء خارق يا أحبتنا؟
و غير بعيد من حديثكم عن ما يريده ولد عبد العزيز ، تقولون “نريد حوارا يخرج موريتانيا من أزمتها”
ما على من لا يفهم ولد عبد العزيز سوى أن يفهم أنه لم يخلق للفهم!؟ : أقولها بمرارة نعم، لأن هذا ما ينبغي أن تسمعوه بالضبط.
و من ينتظر من ولد عبد العزيز حوارا يخرج موريتانيا من أزمتها ، كان عليه أن يكون ولد محم أو ولد الطيب .
قدم جناح المنتدى “الرخو” لولد عبد العزيز كل ما يريه مجانا و كنا نرى و نسمع تفاصيل كل ما يقومون به ..
ـ تنازلوا عن الندية مع العصابة حين رفضت الرد المكتوب على مطالبهم و أصبحت تستدعيهم بالهاتف لتقول لهم فقط ، إن أي شيء لم يجد في الموضوع غير أن عليهم أن يستعدوا لحوار بمن حضر، إمعانا في احتقارهم.
ـ تنازلوا عن جميع الممهدات و دفعتهم العصابة بطرقها الخاصة إلى أن يستبدلوها بحكومة الائتلاف ، ليكونوا أضحوكة بين الناس ، تتلخص مطالبهم بالمشاركة الجزئية في نصيب حقير من الكعكة..
ـ بعدما تنازلوا عن كل شيء من أجل “حوار بمن حضر” يخرج ولد عبد العزيز من حصاره ، يفتح فيه ولد عبد العزيز الدستور على مقاس حاجته ؛ قال لهم لن تدخلوا هذا الحوار أيضا كند للنظام ؛ ستسجلون أسماءكم على اللوائح مثل الجميع من دون أي شروط و بأعلى درجات الانسجام أو تخرجوه ..
هنا خرج علينا الدكتور محمد ولد مولود ـ على قناة الوطنية ـ ليعبر لنا عن خيبة أمله “لم نستطع أن نفهم ما يريده ولد عبد العزيز” ؛ هل يمكن للدكتور أن يفهم أننا بدورنا لم نستطع أن نفهم ما يريده هو و ما كان ينتظره من ولد عبد العزيز؟
إذا كان هؤلاء يفهمون بوضوح ما كان ولد عبد العزيز يفكر فيه من أمور لم يكن حتى يخفيها و تتحدث وزراؤه أمام الجميع بأدق تفاصيلها ، فهذا يعني أنهم كانوا متفقين معه على جريمته و إذا كانوا لا يفهمون ما يبحث عنه ، فهذا يعني أنهم لا يرجى لهم شيء فقط، تماما كما تدل على ذلك اجتماعات بعضهم السرية مع محسن ولد الحاج لجرهم إلى الحوار؛ محسن ولد الحاج يا هؤلاء؟؟
كل هذا انعكس سلبا على سمعة و أداء المعارضة في وقت كان المطلوب فيه أن يقف الجميع في وجه عصابة منهارة تتخبط في الأخطاء و محاصرة داخليا و خارجيا : كان سفراء الغرب يتحيرون من سلوك هذه المعارضة التي تلتقيهم بخطاب يتقاطر دما و دموعا في الصباح و يرون نفس الأشخاص في مساء نفس اليوم يقدمون التنازلات للعصابة و يتحدثون عن نظام محترم كانوا في الصباح يصفونه عندهم بالعصابة المارقة الشريرة؟
اليوم تبتلع المعارضة مرارة أخطائها ؛ و لا ندري هل ستكون مرحلة عقدها الآن أسهل علاجا أو أصعب من فترة الأخطاء :
ـ هل سيمتلك جناح المعارضة الرخو شجاعة الاعتراف بأخطائه ليعود المنتدى أقوى و أصلب عودا ؟
ـ هل سيراهن الجناح الرخو على حاجة ولد عبد العزيز إليه ـ فترة ما بعد الحوار ـ ليبحث عن مسوقات اتصال أخرى بأجمل الذرائع و المبررات الديماغوجية؟
لقد علمتنا الحياة في هذا البلد أن كل شيء و عكسه يمكن أن يصدر من الإنسان الموريتاني بالتلازم و بالتقادم ، مهما كانت مكانته الاجتماعية و رتبته الدينية و مقامه الثقافي و اعتباره القيادي.
هذه النتيجة مهمة على الرغم من خجلها: مهمة لأنها ستعلمنا ماذا ينبغي أن نحارب في أنفسنا و مهمة أكثر لأنها ستسهل علينا إصدار الأحكام على من يعتقدون أن ذكاءهم يكفي لتبرير كل أخطائهم في حق هذا الشعب المنهك و الوطن المحتل.
لا يمكن و لا ينبغي أن ننسى ما أوصل بلادنا إلى هذا المستوى من الانحطاط، لكنه علينا أن نتذكر أن لكل منا أخطاؤه و هفواته و هذا ما تتطلب الشجاعة تجاوزه اليوم.
لقد أصبحت موريتانيا على حافة الخطر، فليدع كل منا مشاريعه الخاصة حتى نصفي هذه العصابة، فربما يتقبلها الله منا و يمح بها جرم عقوقنا لهذا الوطن.
لقد عجل ولد عبد العزيز نهايته بهذا الحوار، على كل الأصعدة و لا نسأل عن من سيسقطه الآن بل عن من سينقذه هذه المرة أيضا !