قرأتُ الآن رد حزب الحاكم (UPR) على حزب التكتل، ومع إشادتي بعموم الرد كمنهج ديموقراطي مطلوب، واعتبار حق الرأي العام في سماع وجهة النظر الأخرى بدل التجاهل والتصامم فإنني أسجل ملاحظات سريعة على هذا الرد:
1ـ بدأ الرد بالكلام عن تأييد التكتل للانقلاب الفج الذي قام به عزيز وتساءل الرد هل كلام التكتليين عن تردي الواقع بسبب ذلك الانقلاب هو يقظة ضمير متأخرة؟ والجواب أن التكتل تراجع خلال فترة قليلة جدا عن دعم الانقلاب، واعترف أنه خطأ ونازل الانقلابيين في خندق واحد مع جبهة الدفاع عن الديموقراطية ثم نازلهم في الانتخابات، فهل هذا تأخر، أم أن حزب الحاكم لم يلاحظ كل ذلك إلا الآن بعد الوثيقة المدوية؟ بل إن عزيز نفسه تراجع عن وصف انقلابه بالحركة التصحيحية وقال في النعمة انه كان انقلابا غير شرعي، فهل هي يقظة ضمير متأخرة بالنسبة لحزب الحاكم؟
2ـ لم يستطع حزب الحاكم تفنيد وقائع ماثلة للعيان بل تجاهل بعضها لأنه لا يمكن تكذيبها، وهذا مؤشر على عدم دقة رده على الأقل في هذه الجوانب، ومن ذلك الواقع تدهور قيمة العملة إذ يمكن مراجعة موقع البنك المركزي، وكذلك ارتفاع الاسعار مثلا لأنه معاش فالناس تعرف الفرق بين ثمن الأرز 2008 وثمنه اليوم، وكذلك مسألة الوقود، بالإضافة إلى مسألة تصدير الكهرباء إلى السنغال. وإن اختلف الناس في تصديق هذه الوثيقة أو تلك فإنهم لا يمكن أن يختلفوا حول الواقع القائم!
كما لم يرد الحزب على كثير من المعلومات المتعلقة بالشركات التي أعفيت من الضرائب بسبب نافذين مقربين من الرئيس الخ ولا تلك التي تمت مضايقتها، وتجاهل معلومات مهمة مثل قضية الصيد البحري، ولجأ في بعض فقراته إلى الانشائيات. كما تجاهل قضية طريق روصو الشائكة الخ
3 ـ لم يخل البيان من تساؤلات وجيهة خاصة بخصوص مضاعفة التمويلات الخارجية للمجموع التراكمي للمديونية الخارجية، وعلى التكتل توضيح هذه النقطة ومثيلاتها.
4ـ تساءل حزب الحاكم هل حدث توقف في مشروع تنموي واحد بسبب العجز المالي؟ وهنا أقول أنني أنا وزملائي من المدونين العاديين من خارج التكتل يمكن أن نجيب بسؤال مضاد: لماذا تأخرت المشاريع إذن؟ ولماذا توقف بعضها أثناء التنفيذ إن لم يكن بسبب العجز المالي فهل هو بسبب الاهمال والاحتقار؟ ولا نحتاج أن نذكركم بمشروع الاعلاف في آلاك، ومشروع السياج في مكطع لحجار، ومشاريع مصنع الجلود في كيهيدي، وكلية البيطرة في كيفة، ومصنع الأليان في لعيون وغيرها من المشاريع الوهمية التي لم تطلق أصلا، أو توقفت أثناء العمل ومنذ فترات طويلة أو تأخر تنفيذها عن وقته مثل طريق المذرذرة الركيز وغيرها كثير.
5 ـ غمز حزب الحاكم كثيرا في مصادر تمويل التكتل مشيرا إلى دورها في الوثيقة وهو يقصد رجل الأعمال بوعماتو بكل تأكيد رغم الخجل من ذكره ربما لأسباب تتعلق بالشراكة في الماضي القريب. وبما أنني يمكنني رفع الصوت ضد بوعماتو وقد فعلت بداية صراعه مع عزيز، ويمكن العودة إلى مقال (حرب "النجوم" .. عزيز وبوعماتو في ميزان الوطن) حيث أوضحت أن تحالف الرجلين كان ضد الوطن، وخلافهما ضد الوطن أيضا، فإنني يمكنني أن أتساءل من يمول حزب الاتحاد، إنه المال العام أو رجال الأعمال الذين لهم نفس أسلوب بوعماتو مع زيادة بهارات الرضى عن الواقع والعجز عن رفع الصوت أمام عزيز ولو أذلهم. هل كان بوعماتو دافع ضرائب منتظما؟ أم أن حزب الاتحاد لا يستطيع الاشارة إليه الا بعد أن خاصم عزيز؟! ثم ألا يحق لأحزاب المعارضة أن تحصل على تمويلات من رجال أعمال موريتانيين؟ ألا يكفي حزب الحاكم والنظام احتكار الوظائف والصفقات وكل ما يقومون به من التضييق على المعارضين؟َ!
6ـ لم يخلُ رد حزب الحاكم من بذاءات ونزول إلى قاع السباب ويمكن ملاحظة ذلك في القاموس المستخدم خاصة في الفقرات التي ختم بها مثل الكلام عن أزمة "أخلاقية ونفسية" وعن "خليط من الخرف والحقد والحسد وسوء الحظ والطالع". فأي قاموس هذا؟ هل سمعتم حزبا سياسيا حاكما ـ ليس مدونا مغمورا أو صحفيا منفعلا ـ يتكلم عن الحسد وسوء الطالع؟ إنها ثقافة لخيام و"اتناتيف"!!
باختصار لم تجب وثيقة حزب الحاكم على أهم ما ورد في وثيقة التكتل، ولم تغير الواقع فالواقع لا تغيره الردود المكتوبة بل الردود الفعلية في الميدان، وما لم يتم خلال 8 سنوات من الحكم من الصعب أن يتم خلال ساعات من الانشاء والغمز واللمز والشتم والسب الخ