الزبونية، والشللية، والحركية، والحزبية، والمذهبية، واللوبية، وحتى القبلية، كلها مفردات، أصبحت تمثل مفاتيح- في حياتنا اليومية- للمنفعة، والتوظيف، وحتى الشهرة، وصناعة النجومية، ولو بشكل مفبرك «صنع في الصين»؟
وإذا كان أغلب الشعراء قد استفادوا من تموقعاتهم، داخل هذه الدوائر الضيقة، واستمْرأوا ريعَها، وانخدعوا ببريق مكاسبها، وترسانتها الدعائية الانتقائية الموجهة، وفق مبدأ: «لمِّعْني..ألمِّعْكَ......»؛ فإني أرى أن المثقفين عموما، لهم آفاق فكرية واسعة، تأنف من التخندق القسري المسبق، والشعراء خصوصا كائنات تتماهى مع الحرية والانطلاق والتهويم في ملكوت الروح والخيال، ولا يناسبها الانحباس في هذه الأقفاص الهشة الوهمية، (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون)؟
أعرف أن مثلي من المغردين خارج السرب، يدفعون ضريبة «الكتابة خارج الأقواس»، وضريبة قول ما يريدون، لا ما يراد لهم، والتعبير عن رؤيتهم، لا ما تراه عيون الآخرين، والتفكير بعقولهم لا بالعقول المستعارة، وفهمهم للحقيقة على أنها أكبر من أن يمثلها أشخاص معينون، ليسوا مدججين بأي اصطفاء إلهي، وعلى ضوء ذلك، يحرم المؤمنون بالاستقلال مثلي، من الوظائف والمناصب والمواقع، والمنافع التي تحتكر مبدئيا للمنتمين، المنساقين، مع اتجاه القطيع، ولو بدون كفاءة ولا استحقاق، حيث لا تكتفي أبواق الدعاية المؤدلجة المحترفة، بتحويل حبتهم إلى قبة، بل تستنفر كل طاقاتها الموجهة، لجعل قبة الآخرين حبة، لأن حقيقة التمذهب مبنية على خلفية إقصائية، لا تكاد تنفك عنها، ولو في لا وعيها.