قضت ثورة الاتصال بوسائطها الاجتماعية الكثيرة على برنامج عريق كانت تبثه أذاعة موريتانيا وهو "البلاغات الشعبية". كان أول من قدمه الصحفي الشهير محمد الأمين ولد آكاط رحمه الله ثم قدمه بعده أحمد ولد الطفيل وكان المصطفى ولد بونا رحمه الله من أشهر مقدميه وأخيرا أصبح من تقديم يحيى ولد الطالب ولد سيدي.
كان تواصل سكان الريف الموريتاني عن طريق البلاغات الشعبية ذلك البرنامج الإذاعي الليلي الذي تنتظره الأسر لمعرفة أخبار من شطت به الدار وعميت أخباره.
كان الجميع يتحلقون حول المذياع عند الساعة التاسعة مساء لسماع هذا البرنامج الذي لم يكن يخلو من طرافة وبلاغة وإن بدا رتيبا معادا.
أحد الظرفاء جاء إلى نواكشوط في الثمانينات ومرت الأسابيع والشهور ولم يجد ما يصلح غيبته ويعجل أوبته وقد استبطأته أسرته فكتبت إليهم: "حماده يخبر أهله في أدي الأمهار أنه في نواكشوط وليس صحيحا فيأتيهم ولا مريضا فيأتونه."
وكانت بعض البلاغات تتكرر فيها عبارة "فلان يخبر أهله أنه بخير وأن ما سمعوا عنه ليس صحيحا". فيفهم من ذلك أنه ربما شاع عنه أن أتخذ بيتا غير بيته وأنه ينفي ذلك.
وفي بعض البلاغات ترد عبارة "يسلم فلان على الأهل ويخبرهم أنه بعث لهم ثلاثة آلاف اوقية". فيفهم من ذلك عكس ما يفهم من البلاغ السابق حيث أن المرسل ربما طاب له المقام في مكانه واستقرت به الحال.
أتمنى على أذاعة موريتانيا أن تفكر في تطوير هذا البرنامج العريق وتجعله مسايرا للتطور الاتصالي الراهن لأن له ارتباطا أصيلا بالمستمعين.