ألقى مندوب الأمم المتحدة في اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد كلمة الأمين العام للأمم المتحدة في قمة نواكشوط العربية التي تستمر هذه اللحظات بقصر المؤتمرات .
وتعرض ولد الشيخ أحمد للأوضاع في البلدان العربية خاصة سوريا واليمن ، وتحدث عن تحديات الإرهاب والنزاعات في البلدان العربية .
وهذا نص الخطاب :
حضرات رؤساء الدول والحكومات الموقرين،
أصحاب السعادة،
من دواعي السرور أن أوجه تحياتي إلى مؤتمر القمة السابع والعشرين لجامعة الدول العربية، وأن أعرب عن الشكر لموريتانيا على تفضلها باستضافة هذا الاجتماع الهام.
وأود أن أهنئ سعادة السيد أحمد أبو الغيط على تقلده منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، متمنيا له كامل النجاح والتوفيق في مهامه. كما أود أن أعرب عن الشكر لسلفه سعادة الدكتور نبيل العربي، لما تحلى به من خصال قيادية وروح شراكة قوية.
ومن المؤسف أن العديد من البلدان في المنطقة العربية ما زالت مبتلاة بالنزاعات.
ففي سورية، ما زالت الحرب الأهلية الوحشية تقطع أوصال البلد، وما زالت أعداد هائلة من السوريين تفر بأرواحها من وابل القنابل والصواريخ، إلى جانب التهديدات التي يشكلها تنظيم داعش.
وفي الوقت الراهن، يعكف مبعوثي الخاص، استافان دي ميستورا، على التحضير للجولة التالية من المحادثات بين الأطراف السورية. لذلك، أهيب بكم جميعا أن تستخدموا نفوذكم لدى الأطراف المعنية لحملها على تغليب مصلحة الشعب السوري على أي اعتبارات أخرى ووضع حد لهذا العنف الأهوج.
وفيما يتعلق باليمن، لا تزال الأمم المتحدة منخرطة بفعالية في الجهود المبذولة من أجل وقف الاقتتال نهائيا، وإتاحة استئناف عملية الانتقال السياسي السلمي.
إن الحوار هو السبيل العملي الوحيد لإحلال السلام في البلدان التي مزقتها الحروب الأهلية الطويلة الأمد. وأنا أقدّر ما تبذله أعضاء جامعة الدول العربية من دعم للجهود الدبلوماسية ومساعي الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة.
وفيما يتعلق بالعراق، أرحب بالتقدم المحرز في استعادة عدة مناطق من قبضة تنظيم داعش، بما يشمل الفلوجة. وأهيب بكم أن تضاعفوا من دعمكم لهذه الجهود. ولا بد أن تضمن حكومة العراق اتخاذ جميع التدابير الكفيلة بحماية المدنيين خلال العمليات العسكرية الموجهة ضد تنظيم داعش.
وفيما يتعلق بفلسطين، فقد أوضحت المجموعة الرباعية المعنية بالشرق الأوسط في تقريرها أن آفاق الحل القائم على دولتين آخذةٌ في الاضمحلال في ظل الاتجاهات السلبية السائدة على أرض الواقع. لذلك، أحثّ فلسطين وإسرائيل على العمل مع أعضاء المجموعة الرباعية من أجل تنفيذ التوصيات الرامية إلى إعادة إذكاء جذوة الأمل في إيجاد حل سياسي. ولا بد أن توقف إسرائيل فورا أنشطتها الاستيطانية غير القانونية. ويجب على الفصائل الفلسطينية أن تتجاوز انقساماتها وتدين الإرهاب بجميع أشكاله. ولا بد أن تفي الجهات المانحة بما تعهّدت بتقديمه من تبرعات خلال مؤتمر القاهرة بغية الإسهام في جهود إعادة تعمير غزة.
أما لبنان فيظل نموذجا للتعايش في ظل التنوع، وهو يستضيف حاليا بسخاء عددا قياسيا من اللاجئين. لذلك، أحث قادة لبنان من جديد على كفالة الاستقرار، والتشبث بمثال التوافق السلمي الذي يجسّده بلدهم بنبذ خلافاتهم وانتخاب رئيس لبلدهم.
وفي ليبيا، تواصل الأمم المتحدة حث الجهات المعنية على تشكيل حكومة وفاق وطني، وفقاً للاتفاق الموقع في كانون الأول/ديسمبر 2015. فالفراغ السياسي والأمني لم يُفِدْ في شيء سوى تقوية شوكة تنظيم داعش، الذي بات يهدد ليبيا وبلدان المنطقة.
وأود أن أغتنم هذه الفرصة للإعراب عن تقديري لموريتانيا ودول الجوار على دورها القيادي في معالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار في منطقة الساحل.
وفيما يتعلق بالسودان، أحث الأطراف كافةً، لا سيما حكومة السودان، على اتخاذ خطوات ملموسة لبناء الثقة والمضي قدما لعقد حوار وطني ذي مصداقية وشامل للجميع. وأهيب بجميع الجهات التي لم توقع بعد خارطة الطريق التي اقترحها الفريق التابع للاتحاد الأفريقي أن تبادر إلى القيام بذلك.
وأخيرا وليس آخرا، إن المشكلات المترتبة على الأعداد القياسية للاجئين والمهاجرين باتت تبتلي العديد من الدول العربية، فهي بلدان المنشأ والعبور والمقصد. وفي هذا الصدد، سيلتئم قادة العالم في رحاب الأمم المتحدة، خلال فترة الجمعية العامة في شهر أيلول/سبتمبر، في إطار الاجتماع الرفيع المستوى المعني بحركات النزوح الكبرى للاجئين والمهاجرين. وإني أعوّل على مشاركتكم الفعالة في هذا الاجتماع على أعلى مستوى.
لقد شكّل اعتماد اتفاق باريس في العام الماضي منعطفا تاريخيا على مسار التصدّي العالمي لتغير المناخ. ويحدوني الأمل أن تعملوا بشكل وثيق مع المغرب، الرئيس المقبل لمؤتمر الأطراف في اتفاق باريس، وأشجعكم على التصديق على الاتفاق في غضون هذا العام.
وأود أيضا أن أعرب عن تقديري لدعمكم قرار الجمعية العامة الأخير بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لاستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب.
ولقد ازداد التعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بشكل ملحوظ على مدى السنوات الأخيرة، وتكلّل بالاجتماع التشاوري التاريخي الذي عُقد في القاهرة بين أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
ونحن نتطلع إلى تعزيز هذا التعاون. فجامعة الدول العربية هي شريكنا الذي لا غنى عنه على درب تحقيق السلام والأمن وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة.
أتمنى لكم اجتماعا موفّقا.