قال الرئيس الجزائري الراحل "هواري بومدين" يوما إن الدول لا تملك الحق في اختيار جيرانها.. لا شك انه قاله بمرارة وهو يعتصر أسى من طعنات "الاخوة" وغدرهم وضربهم من الخلف.
في موريتانيا لم نستمع لكلمة الزعيم الجزائري، او لم نرد ان نستمع إليها، وتجاوزنا الكثير.. ربما نحن الموريتانيون أكثر من يستطيع في الدنيا أن يقول إن له منة على المغرب وعلى المغاربة، اقول "المغاربة" ﻷن السياسة تعلمنا يوما بعد يوم أنه يوجد المغرب، وهو صندوق أسود من المصالح ومن ااشبكات الامنية والاستخباراتية ومصالح الكبار في العالم، بينما يوجد المغاربى الطيبون او "ولاد الشعب" على رأيهم.
نعم، نحن أكثر من يمكنه أن يقول إن له فضل ومنة على المغرب إذ وقفنا معه في خندق واحد ضد الاخوة وأبناء العم، وسالت دماؤنااا دفاعا عنه ضد اخوتنا وضد تاريخنا المشترك وضد أرض أجدادنا ومراعي إبلهم.
كل يوم كان المغرب يخبرنا فيه أن الزعيم الجزائري كان حكيما وكان يعيش حالة من الالم وصلت به مرحلة "النيرفانا" في الحكمة والبصيرة.. وقف المغرب ضدنا ساعة خلافنا مع جارنا الجنوبي، ووقف المغرب ضد استقرارنا أكثر من مرة، ووقف ضد أي دور إقليمي أو عربي نحاول أن نلعبه بحكم مكانتنا التاريخية والدينية، وبحكم وظيفتنا الحضارية في هذه المنطقة التي لا يمكن أن تكون من دون اشعاعنا الفكري والادبي والثقافي.
لا يريد منا المغرب أن نكون شيئا، لكن ليس بيده وليس برغبته.. نحن كنا يوم استدارت ااشمس وانتصب الرجال على خيولهم، ويوم مر من هنا عتبة الخير وهداه ابن ياسين السبيل.. نحن كنا يوم علمنا الانسان على هذه الارض ما لم يعلم: حرف الابجدية الاول،آي الذكر الحكيم،قافية الشعر وطلعة لغن.. نحن هنا دون أن نفرض شيئا غير الواقع ودون أن نزور التاريخ او نشوش على على معالمه الكبرى.. نحن هنا دون أن نظلم أخا أو نسيء لجار،، لكن بالمقابل لن نسمح لهذا الجار - او لنقل هذا الاخ - أن يفعل.. نحن كرماء كعادتنا ويدنا طويلة مديدة حين مددناها على مر التاريخ بالخير والعلم وهداية الناس، وستكون اطول حين نمدها دفاعا عن كل هذا، دفاعا وذبا عن سيادتنا وعن حقنا في ممارسة هذه السيادة.
حين تنكر المغرب للقمة العربية ورفض استقبالها أعلنا للاخوة العرب جاهزيتنا وترحيبنا -ر رغم كل شيء - بهم في ارضنا، وهنا لم نتجاوز المغرب أو نقفز عليه،، إن العكس هو م حصل حيث حاول هو- واهما وواهنا ايضا - احراجنا برفضه وتقديمها الينا متوقعا اننا عاجزون عن احتضانها، أو أن الامر سيحرجنا ﻷننا بلد ما زال قيدة إعادة التأسيس سامقا نحن السماء، وما زالت ورش إعادة بنائه تشغى بالضجيج والحركة ليل نهار.. نحن يا لا نخجل من فقرنا، وهو ليس مبررا لرفض استقبال الضيوف أو الترحيب بهم، ولم تكن البلدان في يوم من الأيام تقاس في حضورها ودورها بما تملك من فنادق وشوارع معبدة ومضاءة.
سنستقبل ضيوف القمة ولو تحت الخيام، وجلالة الملك أول من عليه أن يسمع ويعي ويعلم ويفهم أننا سنقاوم نهجه وأسلوبه وهدفه -الموروث عن المغفور له - في تمييع المواقف العربية والتلاعب بها لتبقى بلا معنى ولا هدف، مجرد احبار على اوراق.
ستعانق مآذن القدس مآذن الحرمين على أرض شنقيط الابية، وسنحكي ﻹخوتنا اليمنيين أننا اليمن الغربي فعلا كما وصفنا شاعرهم الكبير "محمد البردوني".
إن كلمة الزعيم الجزائري تتحول مع الزمن لحقيقة، والحقائق في السياسة لا تتحقق بسهولة، لكنها حين تتحقق تصبح مسلمات ومنطلقات ﻷي فعل جديد، الحقيقة في السياسة تعني نهاية مرحلة وبداية أخرى.. نهاية الوهم وتبدد الخيوط، وبداية اليقين وتجاوز التردي المبني على الشك وعلى انتظار تحسن النوايا.. الحقيقة التي تجاهلناها طوال 50 عاما وأكثر أرغمنا المغرب المغرب على ابتلاعها واجترارها بمرارة، وسيكون لطعمها ما بعده.
بقلم: سيد احمد التباخ -إعلامي