مع كل شهر رمضان، تثار مسألة الحريات الفردية خاصة حرية الجهر بالإفطار أو القيام بما يفسد الصيام، وهي جناية يعاقب عليها القانون المغربي، الذي يطالب ناشطون بإلغاء المواد الواردة في هذا الشأن.
وخلال الأسبوع الثاني من الشهر الكريم، تصاعدت الاحتجاجات بعد ان اعتقل أشخاص في عدد من المدن المغربية حيث أوقفت شرطة مراكش شابا وشابة لـ»تبادل القبل نهارا في رمضان» في الشارع العام.
كما قام سكان عمارة في المدينة نفسها بشن «حملة تشهيرية» ضد مناضل حقوقي، يقطن في العمارة ذاتها، ليتهموه بـ»إفطار شهر رمضان»، قبل أن يهددوه بإبلاغ السلطات المحلية بأمره واتصل بفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ليستشيرها بخصوص هذه القضية والمضايقات التي يتعرض لها، بحيث أكد لها أن سكان هذه العمارة هددوه باقتحام منزله وإبلاغ الشرطة عنه، حتى أنهم حرضوا حارس الإقامة السكنية بمراقبته.
كما قامت السلطات الأمنية في الرباط أول أمس الأربعاء باعتقال شخص، كان يدخن سيجارة في نهار رمضان، في شرفة العمارة، حيث يوجد مقر عمله.
وقالت حركة «مالي» التي تنشط في الدفاع عن «الحريات الفردية» في بلاغ لها، أن الشاب جرى اعتقاله، بعد التبليغ عليه من طرف مسؤول الموارد البشرية في الشركة التي يعمل فيها.
ونددت الحركة المثيرة للجدل بـ»الترهيب والعنف والاضطهاد الذي يتعرض له المفطرون في نهار رمضان وطالبت الحكومة المغربية، بوضع حد لـ»محاكم التفتيش الاجتماعية والدينية، ولتصرفات الأمن تجاه المفطرين في الأماكن العامة».
ودعت الحركة، إلى إلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي، الذي يجرم الإفطار العلني في شهر رمضان، ويعاقب بالسجن.
وقامت حركة مالي سنة 2012 بجهر بالإفطار في رمضان بطريقة جماعية لأعضائها في فضاء عام، الأمر الذي اعتبره الكثيرون أمرا استفزازيا لمشاعر الصائمين المغاربة.
من جهة أخرى نظم عدد من الأشخاص وقفة صامتة ليلة الأربعاء الماضي، للتعبير عن تضامنهم مع عائلات ضحايا «مجزرة أورلاندو» التي راح ضحيتها عشرات الأشخاص في ملهى للمثليين.
وعرفت الوقفة، التي نظمت في شارع محمد الخامس في الرباط، قريبا من مبنى البرلمان، مشاركة عدد من المثليين، كما رفعت أعلامهم الملونة، ولافتات تطالب بإلغاء فصول القانون الجنائي المغربي التي تجرم المثلية الجنسية.
واعرب صلاح الوديع رئيس جمعية « ضمير» في تدوينة فيسبوكية عن تضامنه مع «وكالين رمضان» وقال «شرب جرعة ماء أو الامتناع عنها في رمضان مسألة إيمانية لا دخل لأي أحد فيها. وإلا فما الذي يمنعكم من إجبار الناس على الصلاة والزكاة وغيرها من الشعائر. لا قيمة لإيمان المُجبَر. ولستم الخالق حتى تردوا الناس قهرا إلى «سواء السبيل». أليس هو القائل «لا إكراه في الدين» وأضاف «اتركوا للإسلام فسحة من رحمة. لا تحكومنا بالقهر الديني، لا تزكوا أنفسكم باعتباركم وكلاء على إيمان الناس».
وقال «غدا توقفوننا في الشوارع وتجبروننا على النطق بالشهادة لكي ننجو بأنفسنا. أطلقوا سراح الشباب المعتقل من أجل جرعة ماء. كفى من التخلف. كفى من النفاق. كفى».
واستنكر عمر أربيب، عضو مكتب فرع مراكش للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ما تعرض له المناضل الحقوقي في الجمعية، معتبرا أن «الخطير في الأمر هو أن بعض الناس الآن أصبحوا ينصبون أنفسهم كمدافعين عن مجموعة من القيم، لترتكب أفعالا لا تحترم الحريات الفردية للمواطنين»، موضحا أن «مثل هذا السلوك يتجاوز القانون والقيم ويعتبر تحريضا مباشرا على الكراهية».
كما طالب بإطلاق سراح الشاب والشابة الموقوفين وعدم متابعتهما، واسترسل مستغربا: «هذا يعني احتمال تجريم التجوال، إذا كان الأمر مرتبطا بشخصين يختلفان جنسيا» وتساءل إن كانت النيابة العامة ستتابعمها بناء على الفصل 222 من القانون الجنائي الخاص بالإفطار العلني، أو الفصل 483 المتعلق بالإخلال بالحياء العام.