جرت الرياح غير ما تشتهي سفن قناة “الجزيرة” الرياضية المعروفة باسم “بي إن سبورت”، حينما قررت قناة “الموريتانية” الرياضية بث مبارايات كأس أوروبا “اليورو”، “مجاناً”، وكما هو معروف تعتبر قناة “الجزيرة” بعلامتها الرياضية الناقل الحصري للبطولة في الشرق الأوسط، وحصرية النقل التي تتمتع بها قنوات “البي إن سبورت”، حرمت الكثير من مُحبّي كرة القدم متابعة فرقهم المُفضّلة، وتحوّلت لعبة الفقراء، إلى لعبة يُشاهدها الأغنياء فقط!
بالطبع سارعت القناة “القطرية” إلى وقف بث القناة الموريتانية على مدار قمر “نايلسات” احترازياً، حتى لا تتمكن (الموريتانية) من البث مجاناً، لكن سرعان ما خرج مدير قنوات الموريتانية الرياضية الدكتور محمد الشنقيطي، وأكد أن قناته ستواصل بث مبارايات البطولة كاملة بدون تقطيع، وأضاف أنها تعاقدت مع مُعلّق مغربي للتعليق على المبارايات، فالقناة تبثها باللغة الفرنسية.
هي “ضربة” قوية إذاً وجهتها القناة “الموريتانية” حين انحازت لفقراء العالم العربي والإسلامي، وقالت “للجزيرة” بعلو صوتها أنه يحق لهؤلاء متابعة لعبتهم المُحبّبة “مجاناً”، هدف القناة الموريتانية هو توفير الرياضة للشباب العربي من كل الفئات كما قال مديرها الشنقيطي، ومن يتحدث عن حقوق البث، ويريد أن يظهر مظهر المُدافع عن الحق، وأخلاقيات البث، وتحويل الأمر وكأنه سرقة، نقول أن “الموريتانية” “اشترت” حقوق البث للمبارايات من قناة فرنسية، وهذا يُخوّلها بالطبع التصرف بتلك الحقوق، وهي اختارت أن تتشارك مع العالم العربي تلك الحقوق “مجاناً”.
علينا هنا أن نُوجّه الشكر للقناة “الموريتانية”، والقائمين عليها لأنها قامت بواجبها الرياضي تجاه مشاهديها، هي لم تسرق، ولم تتعد على بث “الجزيرة”، هي فقط اختارت أن تضع حداً لسطوة الأخيرة على البث الرياضي، وحرمان الفقراء تحديداً من مشاهدة فرقهم، والتمتع بحرفيتهم الكروية، أما “الجزيرة” ربما عليها أن تعيد حساباتها، وتفاجئ عُشّاق الكرة ببثها المبارايات “مجاناً”، فعلى الأقل بفعلتها المُفاجئة تلك، ربما تُسدّد هدفاً تاريخياً في مرمى شِباك فريق الخصم خلال مباراة الأخلاق!
لا نريد من “التلفزيون الأردني” البلاهة!
لا يُمكن لنا أن نُصدّق، أو نعي بالأحرى أنه يُمكن لأي إدارة جديدة مهما كانت توجهاتها، وتصل إلى أبواب “التلفزيون الأردني” أن تستطيع أن تنفض غبار “الإبداع″ الذي تُقدّمه شاشاته على مدار سنوات، “والإبداع″ الذي نتحدث عنه هنا بالتأكيد ليس ذاك المُتعارف عليه، بل ذاك الذي يتميز به تلفزيون “المملكة الهاشمية” وحدها، ويُتحفنا به القائمون عليه، ويصرّون على خلطه بنكهات الأخطاء والعثرات القاتلة المُتوالية، ووحدهم الأردنيون يستطعيون إخبارنا عن تلك النكهات البائسة!
نقول هذا مع الأنباء التي تحدثت عن دخول “التيار الليبرالي” إلى غرفة مجلس إدارة التلفزيون الأردني، وتلك البهجة الإصلاحية التي أصابت البعض مع إعلان أسماء مجلس الإدارة الجديد، ونحن هنا لا نُشكك بقدرات من دخلوا دهاليز تلفزيون الأردن العتيقة، بل نُشكك بتلك الإدارة العميقة التي تريد فعلاً تغييراً حقيقياً في طابع الإعلام الأردني الحكومي، وطبيعة مضمون برامجه، فهناك تراجع في حريات الإعلام، وانتكاسة حقيقية في تطبيق فعلي لمقولة “حرية الإعلام سقفها السماء” في المملكة، نأسف لحالة الإحباط، ونتمنى ألا يلجأ التلفزيون الرسمي للارتقاء إلى نموذج الإعلام الخاص المُتداول، فلا نُريد منه كوميديا بلهاء فقط!
“قطر” دولة عربية في النهاية..
جنديان أمريكيان بالزي العسكري (إمرأة ورجل) يضحكان بجانب العلم القطري خلال مقطع فيديو تداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وبدا في الفيديو أنهما (الجنديان) يسخران من العلم القطري ويضحكان بجانبه، وهذا ما دفع بالخارجية القطرية استدعاء السفيرة الأمريكية دانا سميث في الدوحة، وطالبتها بتوضيح محتوياته، السفيرة سميث بدورها “غرّدت” واعتذرت عن محتوى الفيديو.
هذه إهانة أمريكية صارخة للعلم القطري على الأراضي القطرية من قبل الأمريكيين موثّقة بالفيديو، واستدعاء الخارجية القطرية للسفيرة الأمريكية حتى مع اعتذار الأخيرة برأينا، يبدو غير كافي، وهي استهانة صريحة بالدولة القطرية التي تستضيف قواعد أمريكية على أراضيها، وربما هذان الجنديان كانا يعلمان أن “الغضب” القطري من فعلتهما لن يتعد الاستدعاء، والاعتذار كما جرى في أحسن الأحوال.
قطر في النهاية دولة “عربية”، وأي إهانة “أمريكية” لأي دولة عربية وعلمها ورموزها، هي إهانة لكل العرب، وعليه نُطالب، وإن كنّا نعلم استحالة تنفيذ مطلبنا هذا، لكن لأننا لا زلنا نؤمن بالعروبة على بؤسها وتراجعها، نطلب أو نقول أنه كان على قطر إعلان إغلاق القواعد الأمريكية، رداً على إهانة علمها من قبل جنود أمريكيين، وبهذا تبقى الراية القطرية عزيزة شامخة، كما نتمنى طبعاً لكل الرايات العربية.
خالد الجيوسي
كاتب وصحافي فلسطيني