
بيان حول مسطرة ظالمة
يخضع السيد أحمد ولد صمب منذ: 16 يناير 2025 لحبس تحكمي، يستمر حتى يومه: الإثنين 07 إبريل 2025، وذلك إثر تصميم جهات للاتهام والتحقيق في محكمة نواكشوط الغربية على إخراج تدوينة نشرها عبر صفحته الشخصية على الفيس بووك، عن سياق ما ضمنها من مواقف شخصية من الكيفية التي يعالج بها رئيس الجمهورية العديد من القضايا الوطنية، وتحميلها ما لا تحتمل بإدخالها دائرة التكييف على أنها إهانة وسب لرئيس الجمهورية.
في الواقع ليست هذه المرة الأولى التي تعمد فيها تلك الجهات لنفس الممارسة؛ فبسبب نفس الإصرار وجراء تهمة مماثلة، خسر السيد أحمد ولد صمب من عمره وحريته الفترة الفاصلة بين إخضاعه للحراسة النظرية في :30 سبتمبر 2024، واتخاذ وكيل الجمهورية في: 02 أكتوبر 2024 أمرا بالإفراج عنه إثر انتهاء بطاقة إيداعه.
ولأن خسارة شهر من الحرية لم يردع السياسي أحمد ولد صمب فقد تم، هذه المرة، اللجوء إلى اختيار المسطرة الخطأ في ما تم من متابعة بحقه حتى يخضع للحبس لأطول فترة متاحة، استباقا لقرار قضائي لن يكون له إلا أن ينصفه لغياب ما يبرر الاعتقاد بخلاف ذلك:
بدأ الخروج على القانون بإخضاع أحمد ولد صمب لحراسة نظرية وصلت الحد الأقصى المتاح :48 ساعة + تمديد مدة مساوية + عطلة الأسبوع؛ حيث اختير الخميس للاستفادة من عطلة الأسبوع، وعمد للتمديد رغم أن المدة الأصلية للحراسة النظرية في مثل هذه الجنحة أكثر من كافية، خصوصا إذا علمنا أن:
- جسم الجريمة المعاين معلوم ومحصور في المقال المنشور فى صفحة المشتبه به بحسابه على الفيس بووك.
- وأن محضر الضبطية خلو من غير تصريح المشتبه به الذي قدمه: بمناسبة مثوله يوم :16 يناير 2025، الساعة الثامنة مساء، عندما استمع له ضابط الشرطة القضائية بمعية مساعده عون شرطة قضائية بمقر الفرقة الخاصة لمحاربة الجريمة الإلكترونية بانواكشوط. ومع ذلك تأخر اقتياد السيد أحمد ولد صمب إلى السيد وكيل الجمهورية واستماعه له إلى يوم الأربعاء 22 يناير 2025.
مثل أحمد ولد صمب أمام ديوان التحقيق السادس المكلف بجرائم الحق العام بمحكمة ولاية نواكشوط الغربية، يوم:22 يناير 2025.
السيد قاضي التحقيق لم يباشر فعليا القيام بأي إجراء تحقيقي، ومع ذلك:
- تأخر إصداره لإشعار بنهاية التحقيق حتى :02 فبراير 2025.
- بعد ذلك بأسبوع، وبالتحديد يوم :10 فبراير 2025، صدر أمر بالإحالة أمام محكمة الجنح متضمنا أمرا جزئيا بأن لا وجه للمتابعة بالنسبة لتهمتي:" المساس باللحمة الاجتماعية والتحريض على العنصرية والكراهية "
منذ ذلك التاريخ :10 فبراير 2025، استلمت النيابة العامة من جديد مهمة تطويل مرحلة حبس السيد أحمد ولد صمب الخارج أصلا على مقتضيات النصوص الإجرائية؛ فاستأنفت جزئيا يوم :11/02/2025 ما تعلق بأمر أن لا وجه للمتابعة.
وعندما أكدت غرفة الاتهام يوم :03 مارس 2025 القرار المستأنف، عقبت النيابة، لكن الملف لم يصل المحكمة العليا إلا: الجمعة 28 مارس 2025، أي بعد خمسة وعشرين (25) يوما من صدور قرار محكمة الاستئناف، وستة وأربعين (46) يوما من صدور أمر الإحالة، وانقضاء أكثر من واحد وسبعين (71) يوما على سجن أحمد ولد صمب الذي من الأكيد بحسب السير المسطري الطبيعي (صدور قرار المحكمة العليا – برمجة الملف) أن ينقضي وقت إضافي قبل تقديمه للمحاكمة.
كل هذه الأيام والليالي وأحمد ولد صمب يقبع في محبسه بذريعة اتهام بجنحة نشر لا يمكن إلا أن تكون تلبسية، يفترض أن يقدم الشخص الذي أوقف بموجبها وقدم أمام وكيل الجمهورية للمحاكمة في أول جلسة للمحكمة.
وإمعانا في السعي لتسريع محاكمة المتلبس بالجنحة فرضت (المادة 351 /ق.إ. ج) عدم تجاوز الفترة الفاصلة بين الاستجواب والمثول أربعة (4) أيام.
وأوجبت (المادة 355 /ق.إ. ج) كذلك، صدور الحكم في الأصل في أجل شهر إذا كان المتهم بالجنحة التلبسية قد صدر في حقه أمر بالإيداع.
امتنعت النيابة العامة عن تطبيق القوانين والنظم المعمول بها آمنة أن تطالها العقوبة المقررة لذلك في البند السابع من (المادة 34) من النظام الأساسي للقضاء، رغم انطباق حالة التلبس وتوجيه القوانين لتسريع البت في القضايا الجاهزة للحكم:
أولا: إن الطبيعة التلبسية لجرائم النشر ثابتة بالنص والممارسة:
1- نصيا:
- كونها تجسد باعتبار استمراريتها أول صورة من صور التلبس الواردة في (المادة 46/ ق.إ. ج)
- أن (المادة 57) من الأمر القانوني رقم: 2006-017، الصادر بتاريخ 12يوليو 2006، حول حرية الصحافة، الذي هو المرجعية في الناحية الإجرائية بالنسبة لجرائم النشر في مالم يتم تناوله في القوانين الخاصة، تنص على أن:" الأجل بين الدعوى والمثول سيكون 20 يوما خالصة ..."
2- بالممارسة:
حيث استقر في ممارسة النيابة العامة أن تخضع لإجراءات التلبس جرائم النشر؛ والمتعلقة منها تحديدا بالنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، للصوتيات والمرئيات والكتابات المتضمنة ما تعتبره سبا لرئيس الجمهورية ومساسا باللحمة الاجتماعية وبثا الكراهية ....
حدث ذلك مع السيد أحمد ولد صمب نفسه، ومع غيره؛ كما هو واضح من المثالين التاليين:
أ- في الملف رقم: 1051/2024، تمت متابعة أحمد ولد صمب بتهمة:" نشر وتوزيع صوتية عبر منصات التواصل الاجتماعي تتضمن المساس بهيبة الدولة ورموزها وسب رئيس الجمهورية ومسئولين عموميين والمساس باللحمة الاجتماعية والتحريض على التمييز وبث الكراهية بين مكونات المجتمع. الفعل المجرم والمعاقب بالمواد :04،03،02 من قانون حماية الرموز. والمواد:15،14،02،01من قانون تجريم التمييز. والمادة 22 من قانون الجريمة السيبرانية."
كيفت التهمة على أنها تلبسية؛ فتم إيداعه السجن بتاريخ :02/10/2024، ليستفيد في :06/11/2024، من أمر بالإفراج من وكيل الجمهورية، بعد الاطلاع على إشعار من مسير السجن المركزي بانتهاء بطاقة الإيداع بحقه.
ب- في القضية رقم :1052/2024، أعد محضر البحث الابتدائي في: 02/10/2024، أحيل شخصان بنفس التاريخ أمام وكيل الجمهورية الذي وجه لهما تهمة: "نشر وتوزيع تسجيل مرئي على وسائل التواصل الاجتماعي تضمن سب رئيس الجمهورية، والمساس باللحمة الاجتماعية، التحريض على التمييز، وبث الكراهية بين مكونات المجتمع."
تمت إحالة المعنيين وفق إجراءات التلبس. وقد وصلت القضية إلى الغرفة الجزائية بتاريخ :12/10 /2024، وأدرجتها في جدول الجلسة المنعقدة بتاريخ: 22/10/2024.
المادة التمهيدية من الأمر القانوني رقم :2007-036، بتاريخ :17 إبريل 2007، المتضمن مدونة الإجراءات الجنائية، المعدل، صريحة حاسمة بشأن وجوب:" أن يحاكم الأشخاص الموجودون في ظروف متشابهة والمتابعون بنفس الجرائم وفقا لنفس القواعد"
ثانيا: وجوب تقصير مرحلة الاتهام وتأثير حضور شخص رئيس الجمهورية:
1-تجمع القوانين الدولية والوطنية على وجوب العمل على سرعة البت في القضايا الجاهزة للحكم. وعلى سبيل المثال لذلك:
-العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ينص بأكثر من صيغة على وجوب مراعاة التعجيل بالمحاكمة؛ جاء ذلك في المادة 9/ف3) بصيغة:" المحاكمة خلال مدة معقولة"، وفى (الفقرة 4) بتعبير:" تفصل المحكمة دون إبطاء ". ثم ليعود لتأكيد قيمتها ومعناها في (المادة 14/فقرة 3/ الجزئية ج)، حينما عد من الضمانات الدنيا التي يجب أن يتمتع بها كل متهم أثناء النظر في قضيته:" أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له"
-(المادة 273/ق.إ.م.ت. إ) تتبنى وجوب سرعة البت والحكم في القضايا الجاهزة؛ حين عدت الامتناع عنه مبررا لمخاصمة القضاة:" يحصل الامتناع عن الحكم إذا رفض القضاة البت خلال الآجال في الطلبات المعروضة عليهم، أو أهملوا فصل القضايا الجاهزة للحكم أو بعد حلول دور تقييدها بالجلسة"
2- تأثير طرفية رئيس الجمهورية:
أ- إن في نص الأمر رقم: 94-012، بتاريخ 17 فبراير 1994، المتضمن النظام الأساسي للقضاء،
المعدل، في (المادة 08) منه على أن عزل قضاة الحكم وتحويلهم سواء كان بطلب منهم أو كعقوبة تأديبية أو لضرورة العمل لا يكون إلا بعد رأي مطابق للمجلس الأعلى للقضاء الذي يترأسه رئيس الجمهورية. وأن قضاة النيابة العامة يخضعون لسلطة وزير العدل؛ عضو الحكومة المعين من رئيس الجمهورية. يظهر أن المتاح من تأثير للهيئة التي يترأسها رئيس الجمهوري على القضاة:" ما تكفي خطورته لأن يشتبه في عدم تحيز أولئك القضاة في الحكم" (المادة 603/ق.إ. ج)
ب- إن تمكين شخص رئيس الجمهورية من التقاضي، ولو من خلال غيره، دون أن تكون للغير مكنة مقاضاته خلال سريان مأموريته، يشكل انتهاكا للمفترض من وحدة القانون بالنسبة للكافة في ما يقر من حقوق وما يوقع من جزاءات.
ألغى القانون رقم: 2011-054، الصادر بتاريخ:24 نوفمبر 2011، المعدل لبعض أحكام الأمر القانوني 2006-016، المتعلق بحرية الصحافة، (المادة 35) التي كانت تنص في أولى فقرتيها على معاقبة قذف رئيس الجمهورية (المركز)، وفى الثانية على معاقبة القذف الموجه لشخص يزاول مهام رئيس الجمهورية أو جزء منها (الشخص)
العودة للتجريم سنة 2021 حملت مفارقة؛ فالقانون رقم: 2021-021، المتعلق بحماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وشرف المواطن، انصرف إلى ترميز شخص رئيس الجمهورية لا مركزه ووظيفته؛ ولذلك، فهو وفق (المادة 3) لا يعاقب من التجريح والإهانة والسب إلا ما تجاوز الأفعال والقرارات التسييرية (الوظيفة) إلى الجانب الشخصي المحمي للجميع بقانون العقوبات والعديد من القوانين الخاصة. وغير المتماهي مع رموز الدولة وهيبتها على كل حال.
في سبيل الذب عن حقوقه ودفاعا عن حرية التعبير للجميع، يقبع أحمد ولد صمب فى السجن، لذلك سجلوا دعمكم له من خلال إبقاء مظلوميته حية حيث أمكن.
الهيئة