
أطلق فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، مساء اليوم الخميس بملعب ملح بمقاطعة توجنين في نواكشوط الشمالية، برنامج “تعمير – مدن التآزر”، الذي تنفذه المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء (تآزر).
وقال فخامة رئيس الجمهورية في كلمته خلال الحفل: “السلام عليكم ورحمة الله، أعلن على بركة الله تعالى انطلاق برنامج “تعمير – مدن التآزر”، وأدعو الحكومة والمنتخبين وكافة الفاعلين الوطنيين من علماء وأئمة وقادة رأي ورجال أعمال وأطر وشباب ونساء، إلى الانخراط الفاعل في هذا البرنامج وأهدافه الكبرى”.
وقد تلقى صاحب الفخامة رئيس الجمهورية، عرضا حول أهداف هذا البرنامج الذي يتميز بالشمولية والتنوع، والأساليب الفنية التي سيتم اعتمادها لإنجاز كل مكونة على حدة وفق الضوابط المحددة، والواقع الجديد الذي سيوفره هذا البرنامج، سواء تعلق الأمر بتكافئ الفرص أو القضاء على الفقر وأحياء الصفيح، فضلا عن الانسجام بين أبناء البلد الواحد.
ويهدف مشروع “تعمير – مدن التآزر” إلى تطوير المناطق الحضرية الهشة وتشجيع التجميع القروي من خلال “مدن التآزر”، وذلك باستخدام مقاربة متعددة القطاعات، لضمان تحقيق تنمية مندمجة تساهم في مكافحة الفقر وتعزز التضامن الوطني.
كما سيمكن هذا المشروع من إحداث تحول عميق ومستدام في المناطق الحضرية والريفية الهشة وظروفها المعيشية، عبر إعادة تأهيلها لتصبح فضاءات حديثة تتماشى تمامًا مع متطلبات التنمية المعاصرة.
ويرمي المشروع، كذلك، إلى دعم تنمية اقتصادية مستدامة وشاملة، وتعزيز الانسجام الاجتماعي وثقافة المواطنة، فضلًا عن تشجيع العمل التطوعي، مع تسهيل الولوج إلى البنى التحتية الأساسية، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجتمعية، وتحسين الظروف المعيشية للفئات السكانية الهشة.
ويشجع المشروع سكان المناطق المستهدفة على الانخراط في إطار مواطنة نشطة ومسؤولة، تستند إلى قيم التضامن الوطني، والالتزام المدني، والمشاركة الفعالة في تسيير الشؤون المتعلقة بهم.
ويعتمد مشروع “تعمير – مدن التآزر” على برنامج متعدد الاختصاصات للتنمية المندمجة، يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: أولها البنى التحتية والخدمات الأساسية، بينما يتعلق المحوران الثاني والثالث بمشاريع الإدماج الاقتصادي، وتعزيز الالتزام بالمواطنة.
وسيتم تنفيذ المشروع على مدى خمسة أعوام، مع إجراء متابعة دورية لتقييم تأثيراته ونتائجه، لضمان تحقيق الأهداف المحددة وإجراء التعديلات اللازمة بناءً على الاحتياجات.
وتتضمن مراحل تنفيذ المشروع، الذي يستهدف المناطق التي يكون معدل الفقر فيها أعلى من المعدل الوطني والتي تحتوي على أكثر من 300 أسرة، حملة توعية مكثفة، وتشجيع العمل التطوعي، وتنظيم نقاشات تشاركية، وتعزيز تبني المجتمع للمشروع.
وفي كلمة له بالمناسبة، رحب معالي المندوب العام للتضامن الوطني ومكافحة الاقصاء السيد الشيخ ولد بدَّ، بفخامة رئيس الجمهورية، وأبلغه تحيات مجتمع التآزر الذي أصبح اليوم يتألف من 307 آلاف أسرة متعففة مسجلة في السجل الاجتماعي، وشكرهم العميق وامتنانهم البالغ لفخامة رئيس الجمهورية، على انحيازه الدائم للطبقات الهشة، ووقوفه المستمر إلى جانبها، وعمله الدؤوب من أجل الرفع من مستواها المعيشي، وتحقيق اندماجها الاقتصادي والاجتماعي، وإلحاقها بركب الحضارة والتنمية.
وذكّر معالي المندوب العام بالوضعية التي كان عليها مستوى الإنفاق الحكومي في مجال مكافحة الفقر والإقصاء قبل تولي فخامة رئيس الجمهورية مقاليد الحكم، حيث بلغت آخر ميزانية سنوية مخصصة لمكافحة الفقر والإقصاء قبيل تسلمه لمهامه سنة (2019)، 7 مليارات و200 مليون أوقية قديمة، في حين ارتفع هذا المبلغ عند تسلم فخامته مقاليد السلطة إلى أزيد من 50 مليار أوقية قديمة للسنة، مشيرا إلى أن هذا هو خير دليل على الأولوية الكبيرة التي يوليها فخامته للطبقات الهشة.
وأوضح معالي المندوب العام أن التآزر رغم كل الإنجازات التي حققتها، ظلت بحاجة إلى إصلاحات ترفع كفاءتها، وتحسن مردوديتها على الفئات المستهدفة، وهو ما تعهد به فخامته في برنامجه “طموحي للوطن”، مضيفا أنه انسجاما مع تلك التعهدات تبنت المندوبية العامة مقاربة جديدة تنقلها من مجرد شباك خدمات إلى هيئة ديناميكية تعمل بصورة منسقة مع مختلف القطاعات الحكومية، فضلا عن قيامها بإصلاحات جوهرية تهدف إلى التسيير المعقلن والشفاف لمواردها.
وقال إنه في إطار هذا التوجه الإصلاحي الجديد يأتي إنشاء برنامج “تعمير – مدن التآزر” وهو برنامج واسع وطموح يستلهم المعاني السامية، ويسير على هدى الرؤية العميقة التي عبر عنها فخامة رئيس الجمهورية في خطاباته التاريخية في وادان (2021)، وجول (2023)، وشنقيط (2024)، حيث دعا إلى هبّة وطنية جامعة قوية لتغيير العقليات السلبية، والتخلص من النعرات الضيقة، وخطابات الكراهية، ونزعات الاستعلاء، تحصينا لشعبنا ذي التاريخ الواحد والمستقبل المشترك، مبرزا أن هذه الهبّة هي التي يسعى هذا البرنامج الجديد إلى الاستجابة لها وتجسيدها واقعا تعيشه أمتنا حاضرا ومستقبلا.
وأوضح معالي المندوب العام، أن هذا البرنامج سيركز على تغيير العقليات، وتقوية اللحمة الوطنية، وتنمية الوعي المدني، وخلق مجتمع متجانس قادر على التعايش والعمل المشترك، وذلك بواسطة القيام بمجموعة من التدخلات المتزامنة في مناطق الفقر والهشاشة، إذ سيوفر لها البنى التحتية والخدمات الأساسية، وتمويلات الأنشطة المدرة للدخل والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، وإطلاق سلسلة من الأعمال التوعوية الموازية التي ستعمل على تغيير العقليات من خلال محاضرات ليلية تستهدف غرس القيم الدينية والمدنية يقدمها رواد برنامج “تعمير – مدن التآزر” الذين يتألفون من شخصيات أكاديمية ومجتمعية وسياسية بارزة، وأيضا من خلال برامج خاصة تعيد إلى المسجد والمحظرة والمدرسة ودور الشباب والملاعب والنوادي الثقافية والرياضية ألقها ودورها في التوعية والتربية المتشبعة بقيم الدين الحنيف، وثقافة المواطنة المدنية، بحيث نحصل في النهاية على أحياء متطورة ومزدهرة، يعيش فيها مواطنون واعون بواجباتهم وحقوقهم يقوم فيها المسجد بدوره كاملا، وتقوم فيها لجان المدن بالتعاون مع التآزر بالخدمة المدنية والعمل التطوعي، وحراسة الحي من تسرب المسلكيات الضارة كالمخدرات أو العنف أو الجريمة إليه، كما يقوم فيها آباء التلاميذ بدورهم التوجيهي والرقابي كاملا.
ومن جهته، أعرب نائب رئيسة جهة نواكشوط السيد سيد محمد الأمين بيروك، عن ترحيبه بإطلاق فعاليات برنامج “تعمير – مدن التآزر”، الهادف إلى إحداث تحولات اقتصادية واجتماعية سريعة في المدن والأحياء الهشة.
وأكد عزم جهة نواكشوط بذل كل الجهود من أجل دعم ومواكبة كل السياسات الساعية إلى تنفيذ برنامج فخامة رئيس الجمهورية، بهدف تحسين الظروف المعيشية للسكان، ومواصلة مسيرة البناء والتقدم والازدهار في شتى المجالات.
وأضاف، أن الجهة تولي أهمية كبرى للمجال الاجتماعي، حيث قامت بعدة تدخلات شملت المجالات الأساسية كتوفير المياه الصالحة للشرب، الصحة، النقل، الإنارة العمومية، التعليم، الزراعة الحضرية، التكوين المهني، الشباب والرياضة.
بدوره قال عمدة بلدية توجنين، السيد سيد أحمد الفيلالي، إن إنجازات رئيس الجمهورية، تعكس انحياز فخامته للفئات الهشة، معددا بعض الإنجازات التي تحققت خلال المأمورية الأولى، كما عبر عن فخر المواطنين واعتزازهم بالإنجازات التي تحققت.
وتقدم بطلب تنفيذ بعض المشاريع ذات الأولوية في البلدية، والتي ستشكل نقلة نوعية في تنمية وعصرنة المقاطعة.
وخلال الحفل، قدم المنسق الوطني لبرنامج البركة وبرنامج تعمير السيد محمد أحيد ولد إسلمُ، عرضا تفصيليا عن برنامج تعمير مدن التآزر.
كما تحدث عميد رواد البرنامج، عمدة بلدية انجاكو السيد بيجل هميد، عن الأهداف التي حددتها المندوبية واصفا إياها بالكبيرة والنبيلة وبأنها تعكس إرادة فخامة رئيس الجمهورية في مكافحة آفات الفقر ودعم الفئات الهشة، مع السعي لتعزيز التنمية المتكاملة لصالح السكان، من خلال ادماجهم اجتماعيا واقتصاديا مع التركيز على تحسين ظروفهم المعيشية.
وأضاف أن تعمير مدن التآزر رؤية جديدة، مشيرا إلى أن هذا النوع من الأفكار يتطلب عمل تمهيديا، وذلك لصعوبة محاربة الأحكام المسبقة، إذ يجب أن يزيد ذلك العمل الوعي في السكان وأخذ رأيهم في الاستثمارات الموجهة لهم.
وتم خلال الحفل عرض فيلم يبرز إنجازات المندوبية العامة للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء “التآزر، ووصلات شعرية وفنية باللغات الوطنية.
وحضر الحفل الرسمي لانطلاقة هذا البرنامج، معالي الوزير الأول السيد المختار ولد أجاي، والوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، والوزير المكلف بديوان رئيس الجمهورية، والوزيران المستشاران برئاسة الجمهورية، وعدد من أعضاء الحكومة ووالية نواكشوط الشمالية ونائب رئيسة جهة نواكشوط وحاكم مقاطعة توجنين وعمدة بلديتها وأعضاء السلك الديبلوماسي وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية والمنتخبون.