يقصد بالإحصائيات العاكسة المقارنة بين بيانات الاستيراد (أو التصدير) لبلد ما (أ) وبيانات التصدير (أو الاستيراد) لدولة أخرى (ب) من سلعة معينة. وقد جرت العادة أن يلجأ الخبراء الاقتصاديون والاحصائيون لآلية الإحصائيات العاكسة من أجل:
1. التحقق من دقة بيانات التجارة الخارجية وذلك بمقارنة بيانات دولة معينة (الصادرات مثلا) مع بيانات الدولة المستوردة؛
2. الحصول على البيانات المفقودة: فعندما تكون البيانات المتعلقة بتصدير سلعة معينة لدولة (أ) غير متاحة أو مشكوك في صحتها، يتم اللجوء إلى بيانات الاستيراد الخاصة بـالدولة (ب) التي ظهرت تلك السلعة ضمن قائمة وارداتها من الدولة (أ)؛
3. كشف الاحتيال المتعلق بالتجارة الخارجية: فالمعطيات التي توفرها الدولة المستوردة قد يكشف مدى التهريب الحاصل في مجال تجارة بعض المواد. مثلا، تظهر بيانات الجمارك الإماراتية أن واردات الذهب من موريتانيا بين عامي 2012 و2018 بلغت 6141 كلغ من الذهب، ووصلت قيمتها إلى 210 مليون دولار. في حين لم تتجاوز الكمية الواردة في البيانات الموريتانية 871 كلغ (أي 15% فقط مما صرحت جمارك دبي بأنها استوردته من موريتانيا)، بقيمة 26 مليون دولار.
اليوم تظهر إمكانية أخرى لاستخدام الإحصائيات العاكسة تتمثل في تقصي الفساد وكشف تهريب الأموال الى الخارج.
في السنة الماضية كشف تقرير صحفي مغربي أن موريتانيين اقتنوا عقارات في المغرب قدرت قيمتها ب 600 مليار أوقية (أكثر من مليار ونصف دولار). وفي هذا الأسبوع طالعتنا وسائل الاعلام بفتح الهيئة الوطنية للمعلومات المالية في المغرب تحقيق موسع حول ممتلكات أجانب في المملكة، تحديدا من المنتمين إلى دول إفريقيا جنوب الصحراء. يحصل هذا بعدما استشعرت مصالح اليقظة وتحليل البيانات التابعة لجهاز الرقابة المالية المذكور تنامي عمليات شراء أصول عقارية فاخرة بمواقع إستراتيجية مهمة في محور الرباط- الدار البيضاء، وقد ركزت هذا البحث الجاري على تحديد هوية الملاك غير المقيمين بصفة اعتيادية في المملكة.
السؤال المطروح: هل ستمسك هيئاتنا الرقابية رأس هذا الخيط وتحقق مع كل الموظفين الحكوميين الذين وردت أسماؤهم في هذا التحقيق؟ وهل ستستغل الإحصائيات العاكسة التي توفرها بعض الدول في رصد وتقصي الفساد والأعمال المشبوهة؟