احتضن قصر المؤتمرات بنواكشوط اليوم الثلاثاء أعمال الاجتماع السنوي ال40 لشبكة التنبؤ عن الازمات الغذائية في الساحل وغرب افريقيا، الذي تنظمه وزارة الزراعة والسيادة الغذائية بالتعاون مع اللجنة المشتركة الدائمة لمكافحة اثار الجفاف في الساحل " سلس" وشركائها .
ويهدف الاجتماع إلى تقييم الوضع الغذائي والتغذوي في المنطقة من خلال تبادل المعلومات بين الاطراف المعنية بغية التوصل الى اقتراح برامج تعزز من صمود بلدان الساحل وغرب افريقيا أمام التغيرات المناخية وتأثيرها على الانتاج والانتاجية والنظم الغذائية بشكل خاص.
وأوضح معالي وزير الزراعة والسيادة الغذائية السيد امم ولد بيباته في كلمة له بالمناسبة أن شعوب منطقة الساحل وغرب إفريقيا تواجه وضعاً غذائياً وتغذوياً صعباً خلال السنوات الأخيرة، ويتميز موسم الأمطار 2024/2025 بتساقطات مطرية غير منتظمة في جميع أنحاء المنطقة، مع بداية متأخرة خاصة في دول الساحل.
وأضاف أن الموسم الرطب نسبياً هذه السنة انتهى بفيضانات كان لها التاثير على حسن سير الحملات الزراعية في عدة دول في المنطقة و تسببت لخسائر في المنشئات والبنى التحية الأساسية كالاستصلاحات الزراعية والطرق ووسائل التخزين وغيرها .
وأشار إلى أنه تنضاف إلى هذا عوامل متعددة مثل استمرار الأزمات الأمنية في المنطقة، والقيود على تصدير المنتجات الزراعية التي فرضتها بعض الدول و ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهو ما يؤثر سلبا على الامن الغذائي في المنطقة و يؤدي إلى تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وإضعاف القدرة الشرائية وصعوبة الوصول إلى الغذاء بالنسبة للأسر الأكثر هشاشة.
ونبه الى أنه في هذا الاطار تبرز أهمية هذا الاجتماع الذي يهدف الى متابعة مؤشرات الأمن الغذائي والتغذوي، بالاعتماد على معلومات توافقية تساعد الحكومات وشركاءها على اتخاذ القرارات المناسبة لمواجهة الأزمات الغذائية والتغذوية في الوقت المناسب في دول الساحل وغرب إفريقيا.
وأكد أمام المشاركين أن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الاتحاد الافريقي يولي أهمية قصوى للتنمية الزراعية، إيمانًا منه بأنها الركيزة الأساسية لتحقيق السيادة الغذائية حيث وضع سيادته نصب عينيه تطوير القطاع الزراعي ليكون قاطرة للنمو الاقتصادي والاجتماعي وضمانا للاكتفاء الذاتي من الغذاء.
وقال إنه لتحقيق هذه الأهداف الطموحة، وبإشراف من معالي الوزير الأول السيد المختار ولد اجاي ،تم إطلاق وتنفيذ مجموعة من البرامج التنموية الطموحة التي تهدف إلى تعزيز الإنتاجية الزراعية، وتحديث البنى التحتية، ودعم المزارعين من خلال تعزيز المحيط المؤسسي مع اتخاذ جملة من الإجراءات موازاة مع هذه البرامج منها على سبيل المثال :
- انجاز العديد من الاستصلاحات المروية لفائدة السكان المحليين ،
- استصلاح وصيانة المحاور المائية،
- حماية الإنتاج الوطني من الخضروات من خلال زيادة الضريبة على استيرادها بنسبة 39.23٪ خلال فترة ذروة الإنتاج من يناير إلى أبريل.
- تشجيع استيراد المدخلات والمواد والمعدات الزراعية من خلال تخفيض الضرائب عليها إلى نسبة 3.53٪.
- دعم معتبر للمدخلات الزراعية من أسمدة ومبيدات الأعشاب
- توفير البذور والاسمدة للمزارعين في شبه القطاع المطر الخاص بإنتاج الحبوب التقليدية ولشعبة الخضروات على المستوى الوطني
- ضمان حماية النباتات من الآفات الزراعية وعلى وجه الخصوص الطيور الاكلة للحبوب
- كهربة مناطق الإنتاج وفك العزلة عنها
وبين أن هذه البرامج تجسد رؤية واضحة واستراتيجية متكاملة تهدف إلى تعزيز قدراتنا الوطنية لتحقيق الأمن الغذائي، والحد من استيراد المنتجات الغذائية، وخلق فرص عمل مستدامة في الوسط الريفي. وذلك إيمانا منا بإن التوجه نحو السيادة الغذائية ليس مجرد هدف اقتصادي، بل هو التزام استراتيجي للحفاظ على استقرار البلاد وتعزيز مكانتها في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
وتوجه بخالص الشكر لجميع الشركاء التقنيين والماليين للجنة الدائمة لمكافحة الجفاف في الساحل (CILSS) الذين سمحت مساهماتهم المالية بتنظيم البعثات المشتركة للتقييم الأولي للمحاصيل ودورات تحليل الإطار المتناغم (Cadre Harmonisé) وبرنامج الوقاية من الأزمات الغذائية (PREGEC). . مردفا أن هذه الجهود ساهمت في تحقيق رؤية شاملة للوضع الغذائي والتغذوي المتوقع.
وبدوره ذكر الامين التنفيذي للجنة المشتركة الدائمة لمكافحة اثار الجفاف في الساحل وغرب افريقيا السيد عبدو لاي محامدو بانه خلال فترة الشح لعام 2024 تضم منطقة الساحل وغرب افريقيا 49,5 مليون شخصا في حالة انعدام الأمن الغذائي والتغذوي في أمس الحاجة الى الدعم .
وقال إن متابعة تنفيذ الخطط الوطنية للاستجابة المنفذة من طرف سلس بالتعاون مع الشركاء الاقليميين تبين فقط حشد حوالي 112 مليار فرنك افريقي للتدخل لدعم الساكنة الهشة وهو ما يمثل نسبة 48% من الموارد المالية المتوقعة .
وأضاف أن التوصيات الصادرة عن لجنة البرمجة والمتابعة المنبثقة عن لجنة سلس المنعقدة هنا في نواكشوط في الفترة ما بين 11 و 13 من الشهر الماضي تشير الى ان المنتوجات المنتظرة من الحبوب برسم 2024_2025:تقدر ب79,9 مليون طنا اي ما نسبته 2% من التحسن مقارتة مع الحملة الزراعية الرعوية المنصرمة والتي نسبته 5% مقارنة بمعدل السنوات الخمسة الأخيرة .
واوضح انه خلال هذه السنة يوجد 9,6 مليون شخصا في دول الساحل و 25 مليون شخصا في نيجيريا بحاجة الى الدعم الغذائي والانساني المستعجل بين شهري اكتوبر وديسمبر 2024 ويمكن ان يصل هذا العدد الى حوالي 47,1 مليون شخصا خلال فترات الشح من يونيو الى اغسطس 2025 مع غياب الاستجابة المطلوبة من ضمنهم 2.8 مليون شخصا في حالات مستعجلة .
ونبه الى أن الوضع مأساوي بشكل خاص في نيجيريا وفق ما بينته التحليلات ذات الصلة حيث 33 مليون شخصا في انعدام الأمن الغذائي والتغذوي وذلك نتيجة للازمة الاقتصادية والامنية.
واوضح أن البلدان الاعضاء في سيلس وشركائها تنفذ خططا للاستجابة مع تمويلات كبيرة لصالح السكان الاكثر هشاشة لانعدام الامن الغذائي والتغذوي ورغم ذلك فإن التحدي القائم هو عدد الاشخاص المتأثرين بالازمة الغذائية والتغذوية الذي يتزايد بانتظام في دول الساحل وغرب افريقيا.
اما المتحدث باسم الشركاء الفنيين والماليين لسلس،السفير مندوب الاتحاد الاوروبي في نواكشوط فقد أوضح أن موريتانيا تتوفر على منهج للابتكار والصمود وتجسد جهودها لتعزيز الامن الغذائي وتحسين تسيير الموارد الطبيعية دورها المحوري في شبه المنطقة.
وقال ان هذا البلد صوت محترم للاستقرار الاقليمي يعمل من اجل الحوار والتعاون .
واوضح بصفته سفيرا للاتحاد الأوروبي، أهمية موريتانيا في هذه الشراكة حيث اختار المفوض الاوروبي المكلف بالشراكات الدولية السيد جوزيف سيكيلا هذا البلد لزيارته الاولى وهو ما يجسد هذا الاعتراف ويجدد التزام الاتحاد الاوروبي بالاستثمار في الصمود المستديم لموريتانيا ومن خلالها لكل المنطقة خاصة في مجالات الانتاج والتحولات ضمانا للامن الغذائي وفي منطق الشراكة من اجل الربح .
أما السيدة روزين سولي كوليبالي ، المديرة العامة لنادي الساحل، رئيسة شبكة التنبؤ للازمات الغذائية والتغذوية في الساحل وغرب افريقيا فقد قالت إن مشاركة موريتانيا في العديد من اللقاءات ذات الصلة بالتغذية تعبير للالتزام القوي لمواجهة التحديات المرتبطة بالامن الغذائي والتغذوي لا فقط للسكان الموريتانيين فحسب بل لسكان الساحل وافريقيا الغربية عموما ويدل على ذلك التواجد الموريتاني وظهورها التدريجي ، رغم العديد من التحديات ، لبلوغ أهداف التنمية المستدامة .
وقالت انه منذ انشائها سنة 1984, تلعب شبكة التنبؤ عن الازمات الغذائية والتغذوية في الساحل وغرب افريقيا دورا مركزيا في مكافحة الازمات الغذائية في الساحل وفي غرب افريقيا.
واشارت الى أن تاريخ الشبكة عبارة عن مجموعة من الفاعلين الصامدين مؤلفة من حكومات ومنظمات اقليمية وتنظيمات المجتمع المدني وقطاع خاص وشركاء فنيين وماليين ..
وأردفت ان هذه المجموعة عملت على تقوية الصمود لدى السكان لمواجهة الازمات الغذائية وان الشبكة وضعت نظاما للحوار السياسي الموحد وتؤمن هذه الأداة النفاذ الى المعلومات ذات الجودة حول الامن الغذائي والتغذوي مسهلة بذلك النقاشات واتخاذ القرارات على المستوى السياسي للبلدان الاعضاء ولجنة سلس وكذا الشركاء الفنيين والماليين .
وبدوره أوضح السيد مامادو سيسوكو المتحدث باسم الفاعلين والمجتمع المدني انه آن الاوان للتفكير حول اهداف جديدة للجنة سلس بعد خمسين سنة في محاربتها ضد التصحر دون الاهتمام بقضايا الامن الغذائي والتغذوي لسكان الساحل ..
واوضح ان هذه المنطقة بدا سكان يشعرون بالياس اتجاه الدعم المقدم لهم حيث يوجد هناك اكثر من سبعة ملايين شخصا على مستوى فضاء المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا مشردين ومهجرين مما يتطلب بحث اليات جديدة للاستثمار في انتاج ما يكفي سكان المنطقة من الغذاء دون الاعتماد على اقتناء المواد الغذائية من المستوردة.
جرى حفل افتتاح الاجتماع بحضور وزيري الثروة الحيوانية بموريتانيا والزراعة في جمهورية غامبيا والامين العام لوزارة الزراعة والسيادة الغذائية وعبر فيديو كونفرانس وزراء غانا وليبريا وكودي فوار جزرالراس الاخضر.