ومضات لسيرة عطرة...

أحد, 06/10/2024 - 18:06

استهلال 

في المجتمعات المدنية المتطورة شكل النبلاء وأبناء العائلات العريقة،الحاضنة الاجتماعية لقيم المجتمع، التي يتوارثها أبناء هذه الطبقة جيلا بعد جيل، كمرجعية قيمية وأخلاقية يحتذى بها، لذا فإنه في تلك المجتمعات يكون خروج العامة على قيم المجتمع متقبلا على مضض كنوع من الحريات الفردية، في حين أن تلك المجتمعات لا تقبل ولا تتهاون في خروج أبناء العائلات العريقة على قيم المجتمع، بل يعد فضيحة وأمرا لا يمكن السكوت عنه أو تجاهله. أما في المجتمعات التقليدية الأقل تطورا ينضاف العامل الديني الى عراقة المحتد ليشكل الحاضنة الاجتماعية لقيم المجتمع.

 

 

في هذا الصدد فإن الفرق بين المجتمعات المتطورة والمجتمعات التقليدية(التي منها مجتمعنا الموريتاني)، أن الأولي جعلت من أبناء وبنات النبلاء حاضنة مؤتمنة على قيم المجتمع، في حين أن المجتمعات الإسلامية الكل ودون إستثناء مؤتمن ومسؤول ومكلف، لكن يظل الورع والتقوى قمة المرجعيات ومناط التشريف والولاية، فإن إجتمع الورع والتقوى مع زاد معرفي وعلمي في العلوم الشرعية وآداب اللغة العربية وما يترتب عليها من معرفة الله والتقرب منه والزهد والبعد عن الدنيا، إضافة إلي عراقة المحتد في الغالب يكون المرء ولياً وصاحب كرامات، وقدوة فاضلة يحتذى بها في مجتمعنا التقليدي، وهؤلاء الأولياء والصالحين هم المشاعل والمنارات الحضارية التي جعلت من بلدنا محط أنظار دول الجوار والمحيط الإقليمي شمالا وجنوبًا. عليه وجب علينا التنويه والاشادة والتعريف بهذه الكوكبة التي صنعت مجد وصيت موريتانيا علي مر الدهر ، ومن هذه الشموع الحضارية التي شكلت معلما بارزا في سفر الخلود المعرف ببلاد شنقيط قديما، وتاليا بالوليد الحضاري المعروف حاليا بموريتانيا، أسرة أهل باب أحمد المعروفين بالحوض الغربي بأهل الشيخ أحمد القلاقمة أحفاد الشيخ محمد الأمين (الملقب حمادينا)، آل سيدي محمد القلقمي التي أنجبت العلامة والناسك الزاهد الشيخ (الملقب خو)  ولد محمد الأمين ولد سيدي محمد (الملقب سيدي خوي) ولد باب أحمد المعروف في الحوض الغربي بـــــ الشيخ أحمد القلقمي، لأمه عائشة السنوسي العلوية(أهل الجود – أولاد أبوهم).

*******************************

• حفظ القرآن في سن مبكرة علي يد شقيقه الأكبر الشيخ  العارف بالله العلامة باب أحمد(المعروف بالشيخ أحمد).

• درس العلوم المتعلقة بضبط القرآن وقراءاته حتي نال الإجازة.

• درس متون الفقه، ثم ما لبث أن سلك طريق الإحسان فأخذ الورد التجاني الإبراهيمي.

• عرف بحبه للقرآن والإشتغال به وتدريسه، حتي إنتخب رئيساً لرابطة حفظة القرآن الكريم في موريتانيا. التي حاول بعض الأشخاص تسييسها ، ونجح العلامة في المحافظة على استقلالية تلك الرابطة وعدم تسييسها والحفاظ عليها خالصة لعلوم القرآن. وعندما حاول الوزير المعني أنذاك تغيير رئاسة الرابطة ليتمكن من تسييسها، وكلف شخص بعمل وثيقة ليتولى رئاسة الرابطة تعرض لحادث سير فقدت على اثره تلك الوثيقة في ما يشبه المعجزة، وتلك لعمري كرامة شاخصة لكل ذي بصيرة.

• وكثيرا ما كان المشرف علي مسابقات حفظ القرآن الكريم التي تنظمها الوزارة الوصية.

• كانت الإمامة وتدريس القرآن الكريم شغله الشاغل، لذا عرف بزهده وتصوفه، وتجرده من حب الدنيا، وإرتبط بالحق ظاهرا وباطنا، حيث لا يخلو مجلسه من الذكر والتدبر.

• عاش بسيطا متواضعا، عرف هو وأخويه الشيخ أحمد وسيدي بالكرامات منذ كانوا صغارا، وكان الكثيرون من المريدين يرتادون مجالسهم وحلقاتهم في منطقة أفلة بالحوض الغربي للعلاج او التبرك او لتلقي العلم .

• له عدة مؤلفات ، خطب وتأملات، إضافة إلى مكتبة صوتية يحاضر فيها ويرد على أسئلة بعض المريدين.

• بعد عمر حافل بالتقوى والورع والزهد إرتقى إلي الرفيق الأعلى عن عمر يتراوح بين الثمانين والتسعين عاما.

تلك كانت ومضات سريعة ومكثفة لسيرة عطرة عن علم من أعلام بلادنا ستظل الأجيال تترنم بذكراه العطرة كأحد القدوات والنماذج المشرفة التي عرفت متعة ولذة التقرب من الله والتلاشي في ملكوته، فكانت نعم النموذج ونعم القدوة، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، ونفعنا بعلمه.

بقلم / د. الحسين ولد البسيد