أ. د. الشيخ سعد بوه كامرا
أود في بداية هذه العجالة أن أتقدم بأخلص التهاني وأطيب التمنيات بالتوفيق والسداد إلى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، على نيله ثقة الشعب الموريتاني في انتخابات مثلت علامة فارقة في تاريخ الديمقراطية الموريتانية من حيث حسن سير الحملة الانتخابية ودقة تنظيم الاقتراع وارتفاع نسبة المشاركة في التصويت.
لقد قال الشعب الموريتاني -وهو صاحب الكلمة-كلمته الفصل وعبر بحرية وشفافية عن خياره الوطني من خلال صناديق الاقتراع التي أظهرت فوز الرئيس
محمد ولد الشيخ الغزواني في الشوط الأول وبأغلبية مطلقة وفارق كبير عن أقرب منافسيه.
وتأسيسا على ما تقدم فمن الواجب علينا كنخبة أن نشيد بالجو الآمن والهادئ الذي جرت فيه الانتخابات الرئاسية، وأن نثمن وعي وحنكة رئيس الجمهورية الذي أثنى على وطنية منافسيه، وشكر حرصهم على أمن موريتانيا ووحدتها ومصالحها العليا، حيث جرت الحملة في جو هادئ رغم احتدام التنافس بين المترشحين.
وقد كشفت الوقائع بعد إعلان النتائج عدم وجود اي مبرر ذي مصداقية للطعن في الانتخابات حيث اكتملت مدة تقديم الطعون ولم يتلق المجلس الدستوري أي طعن من أي مترشح للرئاسيات.
إن النجاح الحقيقي الذي أسفرت عنه انتخابات التاسع والعشرين من يونيو هو نجاح الشعب الموريتاني في الحفاظ على وحدته وتماسكه وأمنه ورفضه الانصياع لدعاة الفتنة وممتهني التخريب، وهذا هو أهم مؤشر على نضج التجربة الديمقراطية الوطنية وهو البرهان القاطع على مصداقية النتائج على المستوى الوطني والدولي، وهو السبب في السيل الجارف من التهاني والتبريكات الذي تلقاه الرئيس المنتخب من الدول الشقيقة والصديقة ومن الهيئات الأممية والمنظمات الإقليمية المعتمدة عالميا في مجال مراقبة الانتخابات.
ومن المعروف في قواعد الحياة وخاصة في قواعد اللعبة الديمقراطية أن كل سباق لابد فيه من فائز ومغلوب -حتى لا نقول خاسر- ومن الإنصاف الذي هو من شأن الأشراف أن يعترف المغلوب للفائز بفوزه، وأن يستفيد من أخطائه في السباق، ويحسن من خطابه بشكل يضمن له مستقبله كسياسي يطمح لحكم بلده. أما اللجوء للعنف اللفظي والبدني وبث خطاب التفرقة بين فئات المجتمع، ورفض احترام رأي الشعب الذي قدم المنافس،
والتغرير بشباب في عمر الزهور واستغلال عاطفتهم غير المحصنة بالتجربة والوعي، وإيهامهم أن ترويع الآمنين في بيوتهم والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة هو من أساليب الاحتجاج التي يمكن التعبير بها دون التعرض للخطر، فهذه مفسدة كبرى لا يجوز لمن يطمح لقيادة البلاد الإقدام عليها ولا إقرار أهلها على فعلها.
وختاما فإنني أتوجه بخالص التعازي وصادق المواساة لأسر الضحايا الذين سقطوا في مدينة كيهيدي، سائلا المولى عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته ويلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، وأن يجنب بلادنا شر الفتنة ودعاتها ويؤلف بين قلوبنا جميعا فنصبح بنعمته إخوانا يحب كلنا لأخيه ما يحبه لنفسه، كما أمرنا بذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وقد اثلج صدري تصريح الرئيس المنتخب بأنه سيكون رئيسا لجميع الموريتانيين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية والايديولوجية، وآمل أن يستفيد كل الغيورين على مصلحة الوطن من جدية الرئيس في دعوته للتآخي وصون المصالح العليا للوطن.
ومن الافضل لنا جميعا ولمصلحة بلدنا أن لا ننجر مع محاولة بعض السياسيين فرض واقع جديد لم تثبت النتائج وجود مبرر له، فالحق أحق أن يتبع.
وأتضرع إلى الله تعالى أن يديم الله على بلادنا وبلاد المسلمين نعمة الأمن والأمان إنه ولي ذلك والقادر عليه.