يمر الإنسان عادة بمواقف لايقوى على تحملها مهما كانت درجة تماسكه وقدمرت بى مشاهد عصيبة لم أستطع تحملها أتذكر منها وهي كثيرة :
ـ مرة فى زحمة “نادى الضباط” المرورية الخانقة فوجئت بمتسول معاق يدفع كرسيه المتحرك بصعوبة ويلاصق باب السيارة قبالتىوجهه كان أليفا بالنسبة لى نعم إنه زميل لى فى الدراسة عرفته للوهلة الأولى كان شابا قوي البنية ذكيا تقاسمنا بعض مراحل الدراسةسبحان الله أصبح حاله هكذا لم أتمالك دموعى أشحت عنه بوجهى وأنا أدفع له أوراقا نقدية هي كل ماكان فى جيبى وأنا أحرص على أن لاتتقابل أعيننا حتى لايعرفنى فأسبب له شيئاما عقدة جرحا غائرا فى النفس صدمة مثلاوجدتنى أبكى كالطفل أغالب دموعى مغالبتى للخروج من الزحمة الخانقة
ـ كنت قبل سنوات فى مستشفى الأعصاب (طب جاه) يعرف الآن ب”مركز التخصصات الطبية” اندفع نحوى شاب ثلاثيني عانقنى بحرارة وهو يراوح بين تلاوة القرءان والتغنى بأبيات غزلية وترديد مقاطع من أقوال الفلاسفة والسياسيين والأناشيد الوطنية وفقرات أخرىبدأ يسألنى أسئلة خارج المألوف والسياق وقدعرفنى جيدا وفهمت من ملابسه ومنظره العام والمحيطين به أن لديه مشكلة نفسيةكان الشاب صديقا لى عمل فى الصحافة وكان يتعاون مع إحدى السفارات العربية فى نواكشوط كمستشار أوملحق أومتعاون إعلامي لا أدرى تحديدا طبيعة عمله فى تلك السفارة وكانت له صحيفة ورقية وأعرفه جيدا بدايات ظهور الصحافة الحرة فى البلادتأثرت كثيرا وأنا أراه على تلك الهيئة رافقته إلى الطبيب ومكثت معه إلى أن غادر مع أقاربه وأنا أغالب دمعة رثاء لحاله وسبحان مغير الأحوال