قبل عدة سنوات قامت وزيرة الخارجية الموريتانية آن ذاك ذات السحر الطاغي والجمال الآسر و القوام السمهرى ” الناها بنت مكناس” بزيارة البلاد ففتنت بحسنها وجمالها الخلاّب ألباب السودانيين وعقولهم ، قيادةً وشعباً ، حكومةً ومعارضةً ، لدرجة أنني ولأول مرة أجد السودانيِّين يتسمرون زرافات ووحدانا حول تلفزيوناتهم لمشاهدة الفضائية السودانية ، والتي إعتاد السودانيِّين مقاطعتها منذ أن غزت الأطباق الفضائية الطائرة منازلهم منذ نحو مايزيد عن العشرة أعوام ، وذلك لمتابعة نشرة الأخبار المسائية التي غطت إعلامياً زيارة الوزيرة الحسناء الموريتانية للسودان .وأعترف أنّن كنت من ضمن من سلبت الوزيرة الحسناء أفئدتهم ، وأخذ حسنها وملاحتها بألبابهم ، ولكن حتماً ليس لدرجة أن أنحط وأشاهد قناة السودان ، فذلك أمرٌ دونه خرط القتاد وجز الرقاب .
أكثر ما أثار ضحكي آنذاك كان هو التنافس المحموم من قِبَل رجالات الدبلوماسية السودانية لنظم قصائد الشعر الغزلية في السيدة الوزيرة صاحبة الحسن والجمال الناها بنت مكناس ، والتي جعلهم حسنها وبهاء طلعتها وإبتسامة ثغرها ـ التي تبدو كضياء القمر ـ ينطقون بفلسفات الدهر وحكم الزمان التي لطالما غابت عنهم وصامت عنها ألسنتهم ردحاً من الزمان وهم يديرون شؤون السودان الخارجية ، حتى خِلْت أنّه لو كانت براعة السادة الدبلوماسيين في مجال عملهم تبز براعتهم في نظم الشعر ، لأصبح للسودان شأوا وأيُ شأو بين الأُمّم ، ولسارت بذكره الركبان في كافة المحافل الدبلوماسية والعالمية .
وإليك ما نظمه أحد دبلماسيِّينا في الوزيرة الموريتانية ” الناها بنت مكناس ” وهي قصيدة حملت اسم ” مُحيا الناها ” منشداً بها :
يا أعين الخيل قلبى اليوم مُستلبٌ *** من سهم عينى مهاةٌ كم تمناها
ما كنت أعرف كيف الشعر لولاها *** حتى تبدت ولاحت لي ثناياها
أُسائل الناس عن قلبي وأحسبه *** قد ذاب في حسنها أوعند يمناها
فما كان من القيادة الموريتانية ممثلة برئيس الجمهورية ” محمد ولد عبدالعزيز ” إلاّ أن اقال الوزيرة الحسناء المُتَغزَل بها من منصبها وذلك حسب ظني على خلفية جمالها وحسنها الذان يخطفان الأبصار ، ويُذهِبا العقول ، ويدفعان بالدبلوماسيِّين إلى إعتزال مهامهم الرئيسية والتفرغ للغزل فيهما ، وعيّن السيد الرئيس الموريتاني ـ في رد فعلٍ ذكوريٍ منه ـ بديلاً لها وزير الدفاع ” حمادي ولد حمادي ” في منصب وزير الخارجية .
الأمر الذي أدى إلى حالة من الغضب والحزن الشديد ضربت وزارة الخارجية السودانية و أصابت دبلوماسيينا العُشاق بإنتكاسة عاطفية دفعت ببعضهم للبكاء على أطلال ملهمتهم الشعرية وحسناء المغرب الكبير الناها بنت مكناس ، و دفعتهم ـ أي دبلوماسيِّينا مكلومي الفؤاد ـ لنظم قصائد الهجاء في حق الوزير الجديد ” حمادي ” والرئيس الموريتاني ” عبد العزيز ” ،. فنظم أحد دبلوماسيينا ، ممن فطّر قلبهم عزل الناها وشق عليهم فراقها ، هجاءً للعُزّال الذي حالوا بينه وبين الناها :
عبد العزيزُ لحاك الله من رجلٍ *** فظً تقصّد غادتنا فأرداها
أردى فأردى قلوباً في الهوى ولهتْ *** بلحظها وببرقٍ من ثناياها
يا زهرةً قُطفت من بعد ما ينعتْ *** واحر قلبٌ عشوقٍ بات يهواها
روعتَ جؤذرةً تلهو بمسرحها *** آواه مما صنعتَ اليوم آواها
أما وجدت سوى حمّاد يخلفها *** ما كان حمادُ إلا من سباياها
يا ابن العزيز لحاك الله من رجلٍ *** يُبقى القِباح ويُقصي الوردةَ “الناها
جزى الله من في البدء قد نسبوا *** في حسنها وتغنوا في مزاياها
ونظم آخر مرثيةً رائعة أخرى في الناها قائلاً :
وأخبر القوم أن السُقم أوهنّني *** وليس يبرئني إلا أن القاها
وردتُ من فرط عشقي موردا خطرا *** وزيرة من وزير، كيف نُجزاها؟
هي المواجع قد ثارت مهيّجة *** من لي بصبر فأسلوها وأنساها
قد كان لي العيد عيدا زاهيا نضرا *** حتى أصبت برشق من محيّاها
فعادني الهمّ أضعافا مضاعفة *** صريع فاتنة تلهو بصرعاها
أهدانيّ البينُ ليلا حالكا ضجرا *** يحار في لجّه النجم الذي تاها
فليس يعقبه صبح أضيء به *** وجه المودة جزلى ليس إلاّها
يؤرّق الطرف من شنقيط متشح *** بالزهر طيف أتانا من صحاراها
مرحى ومرحى به من زائر عجل *** يهفو له النيل صخّابا وأوّاها
إن كانت السين والصاد قد وحّدن موقفنا *** فإننا من قبيل مُتلد جاها
مضمّخ في تراث خالد عبق *** كل المكارم صُنّاها وحُزناها
وحتى أصحاب مدرسة الشعر الدارجي الساخر بوزارة الخارجية السودانية ” الحلمنتيش ” لم يبخلوا على فاتنة وزارة الخارجية المليحة ببعض النظم الشعري الدارجي الذي نظمه أيضا أحد رجالات الدبلوماسية السودانية التي أضحت بين ليلة وضحاها عاشقة وولهى، أنتقي منها :
ألا يا وردةً عبقتْ سريعاً ثمّ شالوها *** من البستان قد قُطفتْ و” للزنقات” ودّوها
لاّ أخفيكم أنّني عندما إستمعت إلى الجدل واللغط الذي أثارته وزيرة موريتانيا الحسناء في وسائل الإعلام ، وفي أوساط الدبلوماسية السودانية ، وفي الأسواق ، وعلى ألسُن غِمار الناس من عامةٍ وخاصة ، لم أستطع أن أُقاوم رغبة إلقاء نظرة غير بريئة إلى تلك الوزيرة التي سحرت السودانيِّين وفعلت الأفاعيل العُحاب بهم ، لدرجة أنّني لم أنتظر ـ كما إنتظر نظرائي ورصفائي من السودانيِّين ـ نشرة أخبار المساء على تلفزيون السودان ، وإنّما سبقتهم نحو ذلك الشرف ، فإمطتيت كمبيوتري ، وأسرجت كيبورتي ، وعقدت العزم على غزو غوغل ، وغوغل هي إحدى قبائل الإنترنت ، كاتباً على خانة السيرش بغوغل إسم الوزيرة ” الناها بنت مكناس ” ، وهنا أُلفت إنتباهكم إلى أنّني كتبت إسمها على الغوغل ولم أكتب ” غزل الناها بنت مكناس ” ، وإليك نتائج الغزوة / السيرش التي حصلت عليها ، وإن لم تصدقوا فلكم أن تغزوا غوغل ، فهي قبيلة مباحٌ أراضيها لكلِّ ضامر وأيّ غازٍ قادم من جحر ضبٍ خربٍ أو فج عميق :
1) سفير سوداني يتغنى بجمال الناها بنت مكناس وزيرة خارجية موريتانيا
2) مغازلة بنت مكناس تلطف أجواء الإنفصال
3) حزن سوداني لوداع الوزيرة الناها بنت مكناس
5) غزل شعري سوداني يعيد الجدل حول أول وزيرة للخارجية بموريتانيا
6) قصيدة الناها بنت مكناس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راودتني نفسي كثيراً وأوشكت أن أتبع هواها وأُسّمي السطور أعلاه بإسم ” التجربة الموريتانية ” على غرار الفيلم الكوميدي الشهير لعادل إمام ” التجربة الدينماركية ” وذلك للتشابه شبه المطلق بين ما دار من أحداثٍ عقب زيارة الوزيرة للسودان ، و ما بين الفيلم الذي يحكي قصة فتاة دينماركية تزور مصر بغرض عرض التجربة الدينماركية في عدّدٍ من المجالات الثقافية ، ومحاولة تعميم التجربة على مصر عبر التنسيق مع وزارة الثقافة المصرية ، ولكن جمالها الساحر يتسبّب في حالة جنون غزلي وسعار جنسي أصاب ذكور الشعب المصري عن بكرة أبيه ـ في الفيلم طبعاً ـ يتسبّب في العصف بالتجربة من جزورها . وبالطبع فإنّ الوزيرة الموريتانية لم تأت في إطار عرض التجربة الموريتانية الثقافية ، ولكن حسنها وجمالها الخلاب أدى إلى ذات النتائج على مستوى ذكور السودان ! .
محمد ميرغيني