لا شك في أن تعيين ولد بيه وزيرا للعدل شكل بداية استبشار لدى الكثير من المهنيين المرتبطين بالحقل القضائي، وبعث الأمل في تحسين أوضاع القضاء وسير مؤسساته نظرا لما يتمتع به الوزير من تجربة إدارية، إلا أن الأمل في نقلة نوعية تعيد القطاع إلى المسار الصحيح بدا نتيجة أخطاء الوزير المتلاحقة وانحرافه عن تنفيذ تعهدات رئيس الجمهورية / محمد الشيخ الغزواني في مجال القضاء، وتتجلى هذه الأخطاء في مظاهر عدة منها:
- اعتماد القبيلة كمعيار للتعيينات في الوظائف القضائية: فقد اتسمت السياسة المتبعة من طرف الوزير محمد محمود ولد بيه في ادارة القطاع باعتماد القبلية كمعيار للتعيين في المناصب القضائية، حيث شهد القضاء خلال السنوات الثلاثة من إدارته (2020 – 2021 - 2022) أكبر موجة للتحويلات داخل صفوف القضاة، تعيينات وفق معيار القبيلة، وتم إقصاء القضاة غير المنتمين إلى طائفة الوزير من مواقع المسؤولية، مما نتج عنه شعور بالظلم والحيف لدى بعض القضاة.
- تقويض استقلال القاضي الجالس: من نتائج السياسة المتبعة لوزارة العدل في فترة الوزير محمد محمود ولد بيه، إنشاء لجان خاصة إدارية لمتابعة القضايا المعروضة على المحاكم، ومحاولة التأثير في مسار الملفات المعروضة على القضاء.
ومن تلك الأدوات أيضا التلويح بالتحويل الذي أصبح سلاحا في ظل إدارة محمد محمود ولد بيه لفرض نوع من الانضباط والانصياع لإملاءات لا تصب في الصالح العام للعدالة.
- الارتجالية في اتخاذ القرارات، مظهر آخر من أخطاء الوزير ولد بيه، ومن تجلياتها قرار الوزير بتنظيم منتديات عامة حول العدالة بداية شهر يناير 2022 بطريقة لا تعتمد مقاربة شمولية في معالجة المعوقات المرتبطة بالمحيط العام الذي يعمل فيه القضاة وأعوانهم، والإشكاليات الجوهرية الأخرى، وأسفرت تلك اللقاءات عن تقرير شامل يتضمن توصيات واقتراحات مستنسخة من أنظمة أجنبية غير قابلة للتطبيق.
ولعل رئيس الجمهورية أدرك ضرورة مراجعة مسار المنتديات العامة للعدالة، وما شابها من نواقص وعيوب، فأنشأ لجنة عليا لإصلاح وتطوير العدالة، بتاريخ: 07 – 11 – 2023 ورسم لها خارطة طريق جديدة..