نوافذ(نواكشوط) ــ كانت سابع جلسات المحكمة الجنائية المختصة في جرائم الفساد حاسمة؛ حيث انتهت بحسم جدل الدفوع الشكلية بإعلان رئيس المحكمة القاضي عمار ولد محمد الأمين ضمها إلى الأصل بعد نحو ثلاثة أسابيع من النقاش القانوني حولها.
الإعلان المبطن أو التسريب العفوي
الجلسة التي عرفت مشادات كلامية شارك فيها متهمون واستدعت من رئيس المحكمة رفعها لربع ساعة، ودعوة طرفي القضية (دفاع المتهمين ودفاع الدولة) لنقاش مغلق، شهدت كذلك عديد الكواليس لعل أبرزها إعلان رئيس المحكمة عن موعد الجلسة القادمة قبل قراءة القرار المتخذ بخصوص الدفوع الشكلية، إجراء لم يفت على بعض المحامين الذين رتبوا عليه رفض الدفوع الشكلية حتى قبل النطق بالقرار، هو ما يمكن اعتباره تسريبا للقرار قبل إعلانه، باعتبار أن قبول الدفوع كان يعني توقف جلسات المحكمة لـ"عدم الاختصاص"، أي عدم شرعية محاكمة المتهمين في الملف.
التقديم غير المألوف لموعد الجلسة على القرار قد يفسر اللجوء إليه بأن المحكمة كانت تتوقع أن القرار بعدم التجاوب مع الدفوع بعدم الاختصاص كان سيثير رد فعل من الجمهور المؤيد للمتهمين، فاستبقته بقرار إعلان الجلسة، إلا أن هذا التفاعل الذي توقعت المحكمة لم يحدث، ربما لعدم فهم الجمهور لأبعاد القرا ر نتيجة غموض دلالته.
إصغاء الرئيس وفوضى الجمهور
كان لافتا أن جلسة قضاة المحكمة الثلاثة، وكتاب الضبط؛ خاصة القاضي ومستشاريه دامت في كل يوم أربع ساعات بنفس الهيئة مع درجة كبيرة من التركيز والإصغاء الفعلي أو الظاهر، حاول القاضي التأكيد عليها من خلال استيقاف بعض المحامين في جزئيات دقيقة من مرافعاتهم مما يوحي بدرجة من التركيز في الاستماع، على خلاف من هم في القاعة من محامين ومتهمين وجمهور الذين طبعت الحركة سلوكهم خلال الجلسات تماما كما هو الحال بالنسبة للنيابة التي كان رئيسها يقف مرة ويجلس أخرى، كما كان نوابه يخرجون ويعودون أثناء الجلسات.
تفتيش الشرطة يذكر بقصة حلب التيس
تميزت الجلسة السابعة من جلسات المحكمة بتفتيش دقيق لعناصر الشرطة المكلفين بأمن القاعة، حيث مروا على التفتيش جميعهم، وربما يكون ذلك على إثر اكتشاف هواتف داخل القاعة أكثر من مرة، كما قد يكون من باب التأكيد على إجبارية التفتيش على طريقة الراعي الذي بدأ بحلب التيش ليؤكد للماعز أنه في طريق إليه .
تفتيش الشرطة أحدث رد فعل من عناصرها على الجمهور حيث بدت هذه العناصر متوترة، وغير مرنة في تفاعلها مع الوافدين من صحفيين وغيرهم .
في ختام الجلسة تم منع الجمهور من التواصل مع المتهمين تماما كما جرى في كل جلسات المحاكمة ، على عكس ما جرت به العادة في المحاكمات من إتاحة الفرصة لذوي المتهمين من أجل السلام عليهم والحديث معهم هنيهة بعد رفع جلسة المحاكمة، إلا أن الأمر هذه المرة كان أشد، وتوج بإلزام المحامين بلبس زيهم الرسمي قبل مخاطبة لموكيلهم .
هل بدأ نقيب المحامين حملة المأمورية الثانية؟
نقيب المحامين إبراهيم ولد أبتي أثار جدلا واسعا خلال الجلسة بعد عرضه أمثلة لما سماه بالأفعال المنفصلة متحدثا عن اتصال الرئيس السابق بضابط سام ومدير سابق للأمن بخصوص بيع جزء من أراضي مدرسة الشرطة، وكذا ضغطه على رجل أعمال للتنازل عن قطعة أرضية.
وهو ما رد عليه الرئيس السابق بضرب القفص مرارا والصراخ "كذب كذب"، ما استدعى من الرئيس رفع الجلسة.
خرجة ولد أبتي اعتبرها بعض زملائه استعراضا للمهارات لا مبرر له، بل وذهب بعضهم الآخر إلى وصفها بالفضيحة المخالفة للأعراف القانونية، معتبرين أن النقيب ــ الذي بدا عليه الارتياح بعد الضجة التي أثارها حديثه ــ ربما يكون بدأ حملة مبكرة لمأمورية ثانية، كان من اشتراطات ترشيحه عدم ترشّحه لها.
تأخر في الحضور واهتمام بالملفات
تميزت الجلسة السابعة كذلك بتأخر حضور عدد من محامي الطرف المدني قبل أن يتداركوا ذلك في نهاية الجلسة، التي أبدى المتهمون خلالها اهتماما بالملفات، حيث كانوا يقلبونها بتركيز، ويدونون بعض الملاحظات يمكن أن تؤثر في الجلسات المقبلة بفعل تأثير ما أشيع من محاولة الاستيلاء على ما دونه الرئيس السابق خلال الجلسة السادسة من جلسات المحاكمة.
المتهمون الذين جرت العادة أن يأتوا إلى القاعة قبل الجمهور ويدخلون القفص قبل دخول الجمهور وتشكلة المحكمة، يروى أنهم في أحاديثهم كانوا لا يرغبون في أن يكون بعض المحامين أول قادم إليهم بعد دخولهم القفص !!!.
الفول السوداني وجبة بنت الرئيس
في استراحة المحكمة الزوالية كانت كريمة الرئيس السابق أسماء عبد العزيز تتناول حبات من الفول السوداني ، موقف كان يمكن أن يمر دون أن يلفت انتباه أحد لولا تعبير المحامي المختار ولد أعل عن إعجابه بجَلَد كريمة الرئيس السابق قائلا " مخلم أم أمك " .