قال المحامي والسفير السابق الشيخ ولد باها إن عملية بيع السفارة الموريتانية بالقاهرة التي لم تكن مربحة للدولة الموريتانية ـ
واستغرب ولد باها في رد وصلت "نوافذ " نسخة منه غضب السفير محمد الامين ولد يحي من "الفيديو " المقتطع من حلقة ولد باها الثانية من برنامج "ضيف وحوار " الذي يقدمه الزميل عبد المجيد ولد إبراهيم ، مؤكدا أن الفيديو لم يتضمن أي إساءة للسفير ولم يتهم فيه إلا بما اعترف به وأثبتته الوثائق .
وفي نهاية رده خلص الشيخ إلى أنه "ينبغي أن يعرف كل من تحمل مسؤولية عامة ، سواء كان وزيرا أو سفيرا أو مديرا أو واليا ..إلخ ، أنه يمكن أن يساءل ويسأل عن المهمة التي كلف إليه ، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بيع أو شراء ملك من أملاك الدولة ، فمن حق الصحافة إذن أن تسأل ، ومن حق الرأي العام أن يعرف ، ومن واجب المسؤول أن يرد بكل أدب ، وأن لا يقشعر جلده من سؤال حول أدائه للمهمة الموكلة إليه ، لأن الرأي العام لا يمكن أن يفهم انزعاج أي مسؤول من سؤال أو جواب من هذا القبيل ."
وبخصوص حديث ولد يحي عن الفسق قال ولد باها "إن شروط القاضي العالم العادل ، الورع ، الذي يمكن أن ينصت إليه في مجال الحكم بالفسق ، قد لا تتوفر إلا في من حباه الله بهذه الصفات النادر توفرها ، في أي كان ".
وهذا نص الرد كاملا :
رد المحامي السفير الشيخ ولد باها على "الرد " المنشور بتاريخ 29 / 02/ 2016م
قال تعالى {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }
البقرة الآية 42 صدق الله العظيم
لقد قرأت بكثير من الاستغراب رد السفير السابق محمد الأمين ولد يحي على ما تضمنته الحلقة الثانية من حلقاتي في برنامج (ضيف وحوار) ، الذي تبثه قناة شنقيط ويقدمه الصحفي عبد المجيد ولد إبراهيم ، والتي بثت بتاريخ 16/ 02/ 2016م ، خاصة المقطع منها المتعلق بقضية بيع سكن ومكاتب السفارة الواقعة بشارع المهندسين بالقاهرة ، وشراء سكن للسفير ، ومقر لمكاتب السفارة بالقاهرة كذلك ، حيث شمل الرد المذكور قذفا صريحا ، وعبارات غير لائقة لا بمقام السفير محمد الأمين ولد يحي ، ولا بمن قصد .
وإحقاقا للحق وامتثالا للآية الكريمة المستفتح بها ، واحتراما للرأي العام ، وحقه في الاطلاع على التصرف في ممتلكات الشعب ، وانتصارا للصحافة التي تم رميها بما لا تستحق ، فإنني أود أن أبدي الملاحظات التالية على الرد المذكور، راجيا من كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ، والمقروءة نشرها ، وخاصة منها المواقع التي نشرت رد السفير رغم أن الكثير منها لم ينشر أصلا "الفيديو " الذي وصفه السفير بالمسيء ، مع ملاحظة أنني لن أهدد بالمقاضاة أي وسيلة إعلام ، سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مكتوبة لم تنشر هذا الرد ، احتراما مني للرأي العام وللزملاء الصحفيين .
1 ــ أود أن أشير بادئ ذي بدء إلى أنني لم أكن أنوي الخوض في موضوع عملية بيع وشراء مقر السفارة ، وسكن السفير في القاهرة القديم ولا الجديد ، لو لم يورد السفير محمد الأمين ولد يحي الآية التي استهل بها رده ، والتي لم يوضح من يقصد بها .
2 ــ أن "الفيديو" الذي أشار إليه السفير لم ترد فيه أية إساءة له ، ولم يتعرض له إلا بالقول إنه من باع مقر وسكن السفير بالقاهرة ، وهو الأمر الذي اعترف به السفير محمد الأمين ولد يحي ، وأكدته الوثائق التي نشرها ، والتي لم يترجمها إلى لغة "الرد " .
3 ــ أن الوثائق التي نشر السفير محمد الأمين ولد يحي مرفقة مع رده كانت عبارة عن :
ــ رسالة من وزير المالية السيد كان الشيخ محمد فاضل بتاريخ 11/ سبتمبر 1992م ، موجهة إلى وزير الخارجية والتعاون ، تتضمن ما ترجمته موافقة وزير المالية على استنتاجات تقرير اللجنة الفنية المتعلق ببيع مقر السفارة ، وسكن السفير بالقاهرة ، وشراء مباني جديدة لفائدة تمثيليتنا الدبلوماسية بمصر .
ــ تقرير اللجنة الفنية التي أرسلت إلى القاهرة لتقديم تقرير حول بيع وشراء البنايات المذكورة في رسالة وزير المالية السابقة ، وهو التقرير المحرر بتاريخ 26/ أغسطس 1992م والموقع من أعضاء اللجنة :
السيد با أودو عبدول : مفتش عام المالية .
السيد سيدي محمد ولد محمد سالم رئيس مصلحة المباني بوزارة التجهيز والنقل .
مع التنبيه إلى أن التقرير أشار في نهايته إلى أن محضر اجتماع اللجنة مع السفير بتاريخ 20/ أغسطس 1992/ مرفق بالتقرير وهي الوثيقة التي لم ينشرها السفير !!! (انظر الصفحة الأخيرة من التقرير)
ــ رسالة إلى مدير الميزانية والحسابات مؤرخة بـ 1 فبراير 1993م يشعر وزير المالية من خلالها مدير الميزانية بتحويل مبلغ 18876635.70أوقية إلى البنك المركزي ، مرسلة من السفارة بالقاهرة .
4 ــ أن الوثائق التي نشر السفير محمد الامين ولد يحي "دعما " لموقفه أكدت ما قيل في "الفيديو" بخصوص بيع وشراء مباني السفارة القديم منها والجديد من طرف السفير محمد الأمين ، بل وكشفت أن الصورة السوداء التي قدمها لنا السفير عن مقر السفارة الذي تم بيعه لم تكن دقيقة ، لأن تقرير اللجنة الذي استشهد به ، والمحرر بتاريخ 26/ أغسطس 1992م وصف هذا المقر بأنه مقبول (انظر الفقرة 3 من الصفحة 2 من تقرير اللجنة الفنية ) ، ثم خلص التقرير إلى ما ترجمته أنه "قد يكون من الملائم بيع المقر المذكور " ، ومعروف ما تعنيه "قد " في اللغة العربية .
5 ــ كرر السفير محمد الأمين ولد يحي في رده أن الدولة هي من باعت واشترت ، لكنه نسي أنه هو من يمثل الدولة ،وهو من باع واشترى استنادا إلى الوثائق التي نشر .
6 ــ قال السفير محمد الأمين ولد يحي في رده إن البيع جاء بقرار من لجنة مكلفة بالموضوع ، لكنه لم يذكر أن هذه اللجنة اتصلت به فور وصولها القاهرة ، وقدم لها عرضا عن الجهود التي قام بها بشأن بيع المقر الجديد وشراء مباني جديدة (انظر الفقرة 3، من الصفحة 1 ، من تقرير اللجنة ) ، وفي أعقاب هذا اللقاء ذكرت اللجنة في تقريرها ما ترجمته (... وفي نهاية هذا اللقاء فقد قررنا معا برنامج اللجنة ...) .
7 ــ أن اللجنة حين وصلت إلى الثمن الذي هو صلب عملية البيع ، قالت ما ترجمته "وفي ما يخص الثمن فقد أصر الملاك على الثمن الذي اتفقوا مع السفير عليه سابقا " ، فكيف تم هذا الاتفاق ، وفي أي ظرف ، وهل فتحت له مناقصة ، كل هذا لم يكلف السفير محمد الأمين ولد يحي نفسه عناء توضيحه للرأي العام ، كما لم تسعفنا الوثائق المنشورة بما يمكننا من معرفته .
8 ــ أن السفير محمد الأمين ولد يحي لم ينشر لنا عقدي بيع وشراء المباني موقعين من طرف مسؤول غيره ، لكي يثبت أنه ليس هو من باع واشترى باسم الدولة .
9 ـــ لقد تناقض رد السفير مع ما تظهره الوثائق المنشورة ، فأيهما نصدق : السفير الذي قال في رده إن بناية السفارة القديمة اشتريت سنة 1970م ، أم تقرير اللجنة الذي نص على أن نفس البناية بنيت سنة 1967م أي قبل ثلاث سنوات فقط من بناء "الفيلا " المشتراة للمقر الجديد ، والتي بنيت سنة 1970م بحسب الوثائق ، لكن المؤكد أن السفير باع مقرا يحتاج للتأهيل واشترى مقرين آخرين يحتاج أحدهما للتأهيل والآخر للإكمال .
10 ــ أن بيع مقر السفارة القديم الذي وصفته اللجنة الفنية بالمقبول ، مع مساحته التي تزيد على الألف متر مربع ، في حي المهندسين ، المعروف بأنه من أرقى ، إن لم يكن أرقى حي سكني بالقاهرة ، وشراء مقرين جديدين لا تبلغ مساحتهما مجتمعين ألف متر مربع ، في حي الدقي يمكن اعتباره على الأقل عملية غير مربحة للدولة الموريتانية .
11 ــ أن الوثائق المنشورة كشفت أن السفير خرق توصيات اللجنة دون توضيح مبررات خرقه ، فحول "الفيلا " التي أوصت اللجنة أن تكون مقر مكاتب السفارة إلى مقر لسكن السفير، بينما جعل الشقتين مقرا لمكاتب السفارة ، وهو خرق ما كان لنا أن نطلع عليه لولا وثائق السفير الذي لم ينشر ضمنها ما يثبت الإذن له بهذا الخرق .
12 ــ لقد أوصت اللجنة بتأهيل وإكمال المباني التي اشتريت ، لكن السفير لم ينشر وثائق تتحدث عن مصير هذه التوصية ، هل نفذت أم لا .
13 ــ أنه وبعد كل هذا يجدر التأكيد أن "الفيديو" الذي استاء منه السفير محمد الأمين ولد يحي لم يتعرض لأي نقطة من النقاط التي تحدثت عنها الوثائق التي نشرها السفير ، كما لم يتحدث "الفيديو " عن الظروف التي تمت فيها عملية البيع والشراء المذكورة أعلاه ، ولا عن كيفية صرف الأموال المتحصل عليها من عملية البيع ، ولم ينف جواز بيع ممتلكات الدولة إذا احترمت المسطرة القانونية المنصوص عليها في هذا المجال .
وعلى كل حال فإنني لم أجد في "الفيديو" ما يبرر غضب السفير ، ما دام هو من اقترح وباع واشترى ممتلكات الدولة المذكورة أعلاه ــ حسب الوثائق المنشورة ــ.
كما أن "الفيديو " الذي وصفه السفير بــ"المسيء" لم يكن أكثر إساءة من الوثائق التي نشر ، فما قاله "الفيديو " اعترف به السفير محمد الأمين ولد يحي في رده ، وعضدته الوثائق التي نشر ، فما دوافع الغضب إذن من الإجابة على سؤال مشروع عن من باع السفارة في القاهرة ؟ والذي قيل فيه بأن السفير محمد الأمين ولد يحي هو من باع السفارة لا أقل ولا أكثر .
وما أريد أن أقوله في نهاية ردي على "الرد " هو أنه ينبغي أن يعرف كل من تحمل مسؤولية عامة ، سواء كان وزيرا أو سفيرا أو مديرا أو واليا ..إلخ ، أنه يمكن أن يساءل ويسأل عن المهمة التي كلف إليه ، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بيع أو شراء ملك من أملاك الدولة ، فمن حق الصحافة إذن أن تسأل ، ومن حق الرأي العام أن يعرف ، ومن واجب المسؤول أن يرد بكل أدب ، وأن لا يقشعر جلده من سؤال حول أدائه للمهمة الموكلة إليه ، لأن الرأي العام لا يمكن أن يفهم انزعاج أي مسؤول من سؤال أو جواب من هذا القبيل .
أما تحول السفير صاحب الحكم الذي استهل به رده إلى قاض يحكم كيف ما أراد ، وضد من أراد ، فردي على ذلك هو أن شروط القاضي العالم العادل ، الورع ، الذي يمكن أن ينصت إليه في مجال الحكم بالفسق ، قد لا تتوفر إلا في من حباه الله بهذه الصفات النادر توفرها ، في أي كان .
المحامي والسفير الشيخ ولد باها
نواكشوط بتاريخ 03/ 03/ 2016م