“بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
– السيد زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية؛
– السادة والسيدات الوزراء؛
– السيد الوالي؛
– السادة رؤساء المجالس الجهوية
– السادة النواب والعمد؛
– السادة والسيدات أعضاء السلك الدبلوماسي؛
– السادة رؤساء الاحزاب السياسية؛
– السادة والسيدات ضيوف مدائن التراث؛
– سكان مدينة تيشيت؛
– السادة والسيدات المدعوون؛
– أيها الحضور الكريم؛
يطيب لي، ابتداء، أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى ساكنة مدينة تيشيت على حسن استقبالهم، وكرم ضيافتهم الأصيلة، مرحبا بضيوف هذا المهرجان، وبكل من تحمل عناء السفر ليشاركنا الاحتفاء بالكنوز التراثية التي تزخر بها هذه المدينة التاريخية.
إن كل شيء، في مدينة تيشيت، يشهد على عبقرية أبنائها، وفائق قدرتهم على الصمود والإبداع، مكتباتها الزاخرة، مخطوطاتها النادرة، وعمرانها المتميز. وقبل هذا وذاك، قضاتها، وعلماؤها الأجلاء، وحرفيوها ذوو الإتقان المبهر في الصناعة، والبناء، والتنمية الحيوانية، وغيرها.
ولقد استطاع هؤلاء جميعا، بصمودهم، وامكاناتهم الإبداعية، أن يجعلوا من هذه المدينة، ولحقب عديدة متتالية، مركزا اقتصاديا نشطا، وممرا أساسا للتبادلات التجارية بين شمال إفريقيا وجنوب الصحراء، وحاضرة إشعاع ثقافي، وعلمي، واسع الانتشار، أسهمت، على نحو ملحوظ، في إثراء دائرة المعارف الإسلامية.
كما استطاعوا أن يجعلوا من المجتمع التيشيتي مجتمعا منفتحا، متلاحما، قوي التمسك بقيم الدين الإسلامي التي صهرت تنوعه الاجتماعي والثقافي، الثري، في وحدة إيمانية جامعة.
أيها السادة والسيدات؛
إن روح الصمود، التي بها تأسست وازدهرت هذه المدينة، هي التي نحرص، من خلال مجمل سياساتنا العمومية، على تقويتها اليوم: اجتماعيا، بمحاربة الإقصاء والفقر، وببناء المدرسة الجمهورية؛ واقتصاديا، بتنمية قطاعاتنا الإنتاجية، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي والتنمية المستديمة؛ وسياسيا، بتقوية مؤسساتنا، وترسيخ الحريات، وترقية حقوق الإنسان.
غير أن ما نبذله من جهود، في سبيل تعزيز الصمود، على مختلف المستويات، لن يكون له كل الأثر المطلوب، ما لم يواكبه تغير عميق، في العقليات والمسلكيات الاجتماعية، في الاتجاه الذي يخدم مفهوم المواطنة، وضرورات الدولة الحديثة.
ولذا أكدنا، في النسخة الماضية من مهرجان مدائن التراث، بمدينة وادان، على ضرورة تطهير المسلكيات، من النظرة السلبية لدي بعضنا اتجاه البعض وما يصاحبها، من أحكام مسبقة وصور نمطية زائفة.
ووجهنا الحكومة بالتطبيق الصارم للقانون في هذا السياق، وباتخاذ ما يلزم من إجراءات، على مختلف المستويات، للتعجيل بالخلاص، نهائيا، من هذه المسلكيات.
وأجدد اليوم التأكيد على لزوم الوقوف في وجه النفس القبلي والشرائحي المتصاعد.
فليس من المعقول مثلا، ولا من المقبول، ونحن في الألفية الثالثة، أن نشهد ما تكرر كثيرا في الآونة الأخيرة، من تحول بعض النزاعات العقارية إلى صراعات قبلية بدائية، حادة وعنيفة، يناقض حصولها، مفهوم الدولة الحديثة، وتعطل التنمية، وتلحق بالغ الضرر بالنسيج الاجتماعي.
إن الدولة تعترف وتحمي الملكية العقارية الخاصة، المستوفية للشروط القانونية، كما تعترف وتحمي الحيازة بالمنح المشروط، ما تحقق الشرط.
لكنها، عملا بأصالة ملكيتها للأرض، وإنفاذا لمقتضيات القانون، وتغليبا للمصلحة العامة، لن تقبل، بأي وجه من الوجوه، أن تعطل الموارد الطبيعية والمشاريع التنموية بادعاء ملكية تفتقر إلى السند القانوني.
ثم إن الفصل في النزاعات، من اختصاص القضاء حصرا، ولا يحق لأحد أن يسعى إلى أن ينتزع، بنفسه، ما يراه حقا له. وستتصدى الدولة بكل حزم وصرامة لمثل تلك التصرفات.
أيها السادة والسيدات؛
إن مهرجان مدائن التراث فرصة قيمة لتثمين كنوزنا التراثية واستحضار حقب مضيئة من تاريخنا العريق من أجل أن تبقى حية في وجداننا الجمعي.
وقد حرصنا على أن يكون هذا المهرجان، في آن واحد، احتفالا تراثيا ومشروعا إنمائيا.
ولذا، خصصت الحكومة لهذه النسخة من المهرجان، كما للنسخة التي قبلها، ما يناهز ثلاثة مليارات أوقية قديمة لتمويل مشاريع تنموية، في مجالات مختلفة كالمياه والطاقة والزراعة والبيئة وغيرها.
وإنني، إذ أرجو أن تسهم هذه المشاريع في دعم صمود الساكنة، وترقية المدينة اقتصاديا واجتماعيا، لأعلن على بركة الله افتتاح النسخة الحادية عشر من مهرجان مدائن التراث، متمنيا لها نجاحا باهرا.
أشكركم والسلام عليكم”.