نوافذ(نواكشوط) ــ الزمان هو العاشر يناير 2023م، المكان هو قرية "تنيرك" شرق بتلميت المدينة، المناسبة وصول بعثة حزب الإنصاف إلى ولاية الترارزة لمدينة بتلميت، حيث وصلت عشرات السيارات الفارهة للقرية الوديعة لتقطع سكونها، ويختار ملاكها ومستغلوها مشارف مقبرة القرية لممارسة هوايتهم المفضلة في التصفيق للأحزاب الحاكمة، والرقص على جثث الفقراء، يومها لم ترع حرمة المقابر، ولم يستحضر المشاركون في ماراتون التصفيق قول النبي صلى الله عليه وسلم في ما أخرجه البخاري من رواية ابن عمر متحدثا عن الموتى " ما أنتُمْ بأَسْمع منهمْ، ولَكِنْ لا يُجِيبُونَ " .
الفوضى تساهم في إزعاج سكان المقبرة
لم يستطع مناضلو ومناضلات حزب الإنصاف تنظيم أنفسهم في يومهم المشهود، رغم محاولات رئيس قسم حزب الإنصاف في بتلميت محمد ولد أشفق فرض نوع من التنظيم يضمن مواقف أمامية لذوي النفوذ من أصحاب المناصب والأموال، إلا أن محاولته باءت بالفشل، رغم تهديده بتغيير مسار البعثة حتى يمر بمكان لا يعلمه إلا هو أو خُلّصه .
كان لافتا حرص رئيس القسم على أن يكون أحد أبرز رجال أعمال مقاطعة بتلميت هو أول المصافحين لرئيس البعثة، رغم أنه لا يحمل أي صفة حزبية ولا رسمية، ورغم وجود من يحمل تلك الصفة ومن قد حملها من قبل، وكانت كلمة ولد أشفق التي ردد أكثر من مرة لتكون لازمة الاستقبال "خلو شف جنرال إسلم هو الاول".
بعدما فشلت خطة رئيس القسم في فرض ذوي الحظوة في مقدمة الصفوف، يبدو أنه فكر في خطة بديلة وأشار إلى قومه بذلك، حيث تداعى القوم إلى سياراتهم الفارهة وبدؤوا في السباق ــ إلى المقبرة ــ عفوا إلى البعثة التي ستأتي من جهة المقبرة، ماهي إلا لحظات حتى اكتشفت العامة الخطة وبدأ ماراتون السباق إلى حيث البعثة، سباق لم تقطعه كلمات رئيس القسم " لا تزعجوا الأسلاف ..." فاستسلم قائلا "طوفوا ببيت الله " .
موكب السيارات المستفز
عشرات السيارات الفارهة شقت قرية "تنيرك " الوديعة، آخذة طريقها إلى بتلميت، عابرة قرى أغلب سكانها من المطحونين الذين لا يجدون ما يسدون به الرمق، لكنهم في هذا اليوم كانوا مجبرين على التبرج على قوافل السيارات التي يتجاوز سعر الواحدة منها عشرات الملايين وهي ترغم أنوفهم بالغبار، إنه مشهد مستفز لهؤلاء الفقراء، في سنة انتخابية سيكونون وقود معركتها...فهل سيؤثر هذا المشهد الاستفزازي على وجهة الأصوات ؟
الأكيد أنه غير ودي، ولا ينطبق مع توجهات رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في دعم الطبقات الهشة، ولا ينسجم حتى مع الشعارات التي يرفعها بعض الساسة الذي شاركوا في الموكب المستفز، فوقود هذه السيارات وحده كان كاف لإطعام عشرات المساكين من سكان مقاطعة بتلميت فما بالك بما وراءه .
