قررت السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (هابا) تعليق بث برنامج "في الصميم" الذي تبثه قناة المرابطون، وتوجيه إنذار للقناة الخاصة.
وصدر القرار اليوم الخميس عن مجلس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية المجتمع في تشكيلة مجلس تأديبي.
وقال المجلس في القرار إن تعليق البرنامج يبدأ يوم غد الجمعة 19 فبراير 2016 ويستمر لشهر كامل، كما أشار المجلس إلى أن تعليق بث البرنامج يعد بمثابة إنذار للقناة.
و في مرفق عنونته ب : مستخرج من تقارير المتابعة لدى السلطة العليا للصحافة و السمعيات البصرية بينت الهابا أسباب القرار قائلة :
تبث قناة المرابطون بناء على رخصة الاستغلال التي منحت لها على أساس من الشروط الجوهرية التي التزم بها موفر الخدمة كمقابل للرخصة. من هذه الشروط استقلالية الخط التحريري و التوازن في نقل الخبر و الحياد اتجاه تيارات الفكر و الرأي في المجتمع و الالتزام بولوج كافة الآراء سواء كانت دينية أو سياسية أو ثقافية بشكل منصف، و هذه الالتزامات مسطرة في دفتر الالتزامات بشكل صريح و واضح و لا يدع أي مجال للتأويل. و هو الدفتر الذي وقع عليه رئيس مجلس إدارة القناة.
إلا أنه و بعد مدة طويلة من المرونة و التشاور و التوصيات من قبل السلطة العليا للصحافة و السمعيات البصرية مع المسؤولين في القناة تبين بما لا يدع مجالا للشك أن هؤلاء المسؤولين لا يستطيعون أو لا يريدون الوفاء بمثل هذه الالتزامات.
و في ما يلي نماذج على سبيل المثال لا الحصر من تقارير متابعة البث اليومي (Monitirung) للسلطة العليا للصحافة و السمعيات البصرية:
بتاريخ اربعة إلى خمسة مارس سنة 2014، قامت القناة بقطع مسطرتها البرامجية لبث أخبار متعلقة بما سمي حينه "بأحداث المصحف الشريف" و قامت القناة خلال أربع و عشرون ساعة بكافة أشكال التحريض و بث الأخبار المغلوطة و المغرضة حول هذه الحادثة. و بثت القناة بشكل مستمر المظاهرات يتخللها صورة الشاب المتوفي رحمه الله مضرحا بدمائه و هولت من عدد الضحايا حيث جاء على لسان الصحفي في القناة السيد محفوظ ولد السالك أن "البلد يغيش قتلى و جرحى". و يتضح من نمط التغطية أنها جاءت بغية إشعال المشاعر و إذكاء نار الفتنة و إحداث المزيد من الشغب و الدماء، غي حين بثت القنوات الحرة الأخرى الخبر مع ما يلزم من تحفظ و في وقت متناسب.
في يوم 6 إبريل 2014، اختارت حلقة برنامج "دائرة الضوء" موضوعا للنقاش يتمثل في مطالبة إحدى الحركات بإنفصال جزء من التراب الوطني.
أثناء إضراب عمال "سنيم" قامت القناة ببث إعلانات لبعض النقابيين يدعون فيها إلى الإضراب و فتحت بث مباشر من ساحة الإضراب و بثت بشكل دوري مقطع لأحد العمال و هو يدعوا العمال إلى المشاركة في الإضراب، و بثت القناة مقطعا في أحد برامجها لأحد العمال المضربين يقول فيه إن العمال الذين لم يشاركوا في الإضراب "رذلاء لا دين لهم"، في حين كان واجبها المهني هو بث الأحداث على حقيقتها دون غمض أو تضخيم و لا تسمح باتخاذ منابرها للتحريض لصالح الإضراب أو ضده.
و في ما يسمى بأحداث السجن المدني 23 يناير 2015، ورد أول خبر في نشرة القناة مفاده أن السجناء سيطروا على السجن المدني، و بثت القناة بعد ذلك اتصالا هاتفيا مباشر مع احد السجناء المتمردين من قتلة أبناء جيشنا الوطني لكنه نفى فيه ما قالته القناة من السيطرة التامة على السجن.
في برنامج "المشهد" 26 يونيو 2015، حول موضوع الصناعة التقليدية، حاول الصحفي جاهدا تحويل الموضوع إلى ما أسماه التهميش و النظرة الدونية التي تعاني منها ما وصفها بالشريحة. و لكن الضيف أمتنع عن ذلك.
في حلقة برنامج 14 أغست 2015 من برنامج المشهد قال الضيف إن سوق سوداء بين موريتانيا و السعودية مخصصة لبيع العبيد و لم يطلب الصحفي من الضيف دليلا على الاتهام الخطير الذي أورده.
في نشرتها 19 نوفمبر 2015، بثت القناة خبرا يتعلق بتبني جماعة إرهابية للهجوم علة فندق "راجيسون بلو" في باماكو و أشفعت الخبر بصور للجماعة في منطقة صحراوية و معها الكثير من السيارات و العتاد في شكل استعراضي.
في نشرتها ليوم 07 اكتوبر 2015، استضافت القناة شابا قال بالحرف الواحد إن النظام الموريتاني يشارك في جرائم الاغتصاب بواسطة أشخاص يلبسون بذلات عسكرية، و لم يثر هذا الاتهام الخطير انتباه مقدم النشرة و لم يطلب من الضيف أي دليل على إدعائه.
في حلقة برنامج "في الصميم" 02 دجمبر 2015، اتهم ضابط سابق مستضاف في البرنامج بعض الضباط الموريتانيين ذكرهم بالأسماء بقتل زملائهم. و لا يخفى ما لهذا الإتهام من تحريض على أفراد بعينهم و نعتهم بالمجرمين.
في برنامج "ندوات" 28 نوفمبر 2015، أختارت القناة بث هذا البرنامج المطول الذي يتناول الوحدة الوطنية و يستضيف سياسيين يعتبر الكثير من الموريتانيين أن آراء بعضهم متطرفة و لا تخدم الوحدة الوطنية و ذلك بدلا عن الاستعراضات المخلدة لعيد الاستقلال الوطني التي بثتها جميع القنوات الوطنية، و قد ركزت القناة طيلة أسبوع الاستقلال على عناصر التحريض و توتير الأوضاع الاجتماعية و فتح المنابر أمام دعاة الطائفية بدلا من تركيز كافة القنوات الأخرى على العناصر التي تخدم الانسجام الاجتماعي و تخدم وحدة الدولة و الوطن.
في حلقة بوم 20 يناير 2016، من برنامج "في الصميم" طرح مدير البرنامج سؤالا على ضيفته الاجنبية حول مفهوم ما أسماه "دولة البيظان" و اشفع هذا المصطلح بأن النظام الموريتاني ينكر وجود العبودية مع أنها موجودة حسب قول الصحفي. و لا يخفى هنا ما في هذا المصطلح من التحريض بين المجتمع الموريتاني. و الأغرب من ذلك هو الربط بين جزئي السؤال.
في حلقة 10 فبراير 2016، من برنامج "في الصميم" الذي خصصه القائم عليه و هو عضو في مجلس إدارة القناة لما أسماه "قضية نسيبة". طيلة الحلقة تبين أن الضيفان يتبنيان نفس الرواية و يروجان نفس الاطروحات مع فوارق طفيفة بين الضيفين.
مما أدى إلا تغييب أي رواية أخرى للحدث. و لكن الأغرب من ذلك هو أن الصحفي الذي أعد البرنامج أداره كان فاعلا نشطا في الأحداث بوصفه قائدا طرفا في الحراك و عاد في المساء إلى القناة ليعد البرنامج هذه المرة بوصفه صحفيا "محايدا" يفترض فيه أن ينقل الأخبار بصفة نزيهة و يسمح لجميع الروايات بالتعبير عن نفسها، و تعددت هذه الحالة مع حالات أخرى دأب عليها صحفيو القناة.