اتخذ مجلس الوزارء الملتئم أمس الأربعاء إجراءً خصوصيا تم بموجبه تعيين السيد: محمد عبد الله لحبيب رئيسا لسلطة تنظيم الإشهار و هو ما يعني تلقائيا شغور منصب مدير المكتب الإعلامي لرئيس الجمهورية و الذي أداره السيد لحبيب منذ إنشائه قبل سنة من الآن.
هذا الإجراء فتح باب التساؤل حول مصير المكتب الإعلامي الوليد و رؤية رئيس الجمهورية لمستقبله؟!
من المعلوم أن الأنظمة السابقة في موريتانيا كانت تنظر لصورة مؤسسة رئاسة الجمهورية من خلال المؤسسات الإعلامية الرسمية، فهذه الأخيرة هي المسؤولة -حصرا- عن تغطية الأنشطة الرئاسية و هي من ينشر المراسيم و القرارات الصادرة عن الرئاسة بتنسيق مع مكلف بالاتصال برتبة مستشار جرى العرف أن يتم تعيينه ضمن الفريق الرئاسي بعيد تولي رئيس الجمهورية لمهامه.
و في ظل التحولات التي شهدتها وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة و درجة التأثير التي وصلت إليها وسائل التواصل الاجتماعي، اختار الكثير من زعماء العالم الإطلالة عبر هذه الوسائل لما تشكله من سرعة و انسيابية و قربا من المتلقي.
و هكذا تم الإعلان في أغسطس من السنة الماضية 2021 عن إنشاء مكتب إعلامي برئاسة الجمهورية دون الكشف عن هيكلته و لا المهام الموكلة إليه و ما إذا كان يتبع لديوان رئيس الجمهورية أو الأمانة العامة الرئاسة.
كان أداء المكتب "خجولا" بالمقارنة مع الزخم الإعلامي الذي واكب إعلان انطلاقة عمله! هل يعود السبب إلى الاختيار العشوائي لعناصر الفريق؟ أم إلى غياب الوسائل المناسبة لتأدية عملهم؟ أم هو السقوط في فخ الالتزام بالخط التحريري الذي يضبط عمل المؤسسات الإعلامية الرسمية؟ الله أعلم..
تم اختزال عمل المكتب الإعلامي في صفحة يتيمة تنشر باللغة العربية على الفيس بوك تحت عنوان: " رئاسة الجمهورية الإسلامية الموريتانية" قبل أن تلتحق بها نظيرتها النسخة الفرنسية تحت عنوان : "Présidence de la République Islamique de Mauritanie "
دون تغيير في المحتوى.
توقف أداء المكتب الإعلامي على تغذية هذه الصفحة بالأنشطة الروتينية لرئاسة الجمهورية و بخط تحريري مُقلِّد لخط المؤسسات الرسمية مما جعل المتابع للصفحة يصاب بالملل بسبب غياب استثمار خاصية التفاعل التي تُكسب الصفحات شهرةً و قربا من الجمهور دون المساس بالثوابت المهنية.
زد على ذلك غياب فريق تصوير محترف؛ و انعدام لمسات انفوغرافية تعطي للصورة ألقَها و جمالَها، لذلك كانت تغطية الأنشطة الرئاسية باهتة و لم تخرج عن الطور التقليدي في الإعلام الرسمي التقليدي.
إن غياب نوافذ للتفاعل مع الجمهور، و تغيير فنيات رصد الأحداث و تغطية الأنشطة أثر تأثيرا سلبا على تقديم صورة إيجابية عن مؤسسة الرئاسة للمواطنين و العالم الخارجي رغم الأحداث البارزة و القرارات المهمة التي اتخذت في هذه الفترة.
و هذا ما يثير جملة من التساؤلات حول مصير المكتب الإعلامي؛ و ما إذا كان رئيس الجمهورية سيستغني عن خدمات المكتب، أو يتجه إلى تغيير سياسته الإعلامية و الإنفتاح أكثر على المحيط و تقديم صورة إيجابية عن مؤسسة الرئاسة و البلد بصورة عامة.
كل المؤشرات و الدلائل توحي بتوجه رسمي إلى تغيير في السياسة الإعلامية و خاصة ما يتعلق بصورة النظام التي تجسدها الأنشطة الرئاسية و عمل الحكومة، و الفرصة مواتية لتفعيل دور المكتب الإعلامي في الرئاسة بكفاءات وطنية من أصحاب التخصص قادرة على مواكبة و فهم متطلبات المرحلة، و تقديم الصورة الناصعة عن العمل و القرارات المهمة التي تم اتخاذها خدمة للمواطن، و من جهة موازية تعمل على ردم الهوة بين المواطن و مؤسسات الدولة عبر التفاعل الإعلامي المباشر الذي يعزز من تنمية ثقافة ووعي المواطن و تفاعله الإيجابي مع محيطه.
هاشم ولد جعفر ولد مولاي المصطفى
باحث في مجال الإعلام